هذه السنة أطلت علينا بوجه لم نألفه طوال حياتنا، أطلت علينا بثورة في تونس ثم مصر واليمن والبحرين وليبيا وسوريا والجزائر والمغرب والأردن والكويت وعمان والسعودية واليونان واسبانيا وبريطانيا وأمريكا واستراليا... وغيرها. تونس ومصر أزاحتا الأنظمة الفاسدة على أراضيها إلا انهما لا زالتا تتخبطان في جو المظاهرات المطالبة بالسير إلى الأمام لتجنب تآكل الثورة من فلول حكامها السابقين والأيادي الخفية وبائعي الضمير للشيطان والمستبدين بالفراغ لعدم وجود حكومة انتقالية قوية للتصدي للعبث المتفشي في الجماهير التي خرجت في قمقم الديكتاتورية إلى الحرية. الحرية والعدالة الاجتماعية وعدم التهميش والمساواة في كل مبادئ الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. أما ليبيا وسوريا واليمن فانها لازالت تبحث عن الحرية والانفلات من قبضة الحكام الأغبياء الذين يقتلون ويسرون ويعتقلون المطالبين بحقوقهم المشروعة. الاردن والمغرب لازالت شعوبهما تترنم بين رفع الصوت وخفضه مطالبة مدني الشعبين هي محاربة الفساد وإيجاد لقمة عيش كريمة وحرية التعبير وتغيير رموز الفساد والرشاوي والحكومات. لم تقتصر هذه الثورات على البلدان العربية التي تبحث عن الانعتاق من الأنظمة المستبدة با انتشرت في أوربا ابتداء من اليونان واسبانيا وبريطانيا وإيطاليا والمانيا. البعض يبحث عن فرص العمل والمساعدة المادية للعاطلين والبعض يود رفع التقشف المفروض على الشعب بسبب الأزمة المالية التي عصفت بكل الرفاهية التي كانت تعيش فيها الدةل الغربية البعض الآخر يطالب بعدم استعمال الطاقة النووية خوفا من انفجارها كما حدث في اليابان. أما أمريكا الشمالية فإن شعبها يطالب بالعدالة الاقتصادية بعد أن أصبح المال في يد عشرة في المائة من السكان والباقي يتعثر في سد ديون البنوك والبحث عن عمل الذي قل وجوده في أرض الأحلام. ابتدأت المظاهرات في نيويورك منذ شهر ولازالت قائمة في وول ستربت أكبر مركز مالي أمريكي وقد انتشرت في جل المدن الأمريكية. تأثرت أمريكا بالأزمة المالية الحالية تأثرا كبير وقد سمعنا اليوم إعلانا عن إفلاس إحدى مدنها الصغيرة وقد تتبعها أخريات بعد أمريكا جاء اليابان بمظاهرات في طوكيو تطالب بنفس المطالب الأمريكية. قد لا نستبعد انتشار المظاهرات في مدن أخرى بآسيا وأمريكا اللاتينية وافريقيا السوداء التي لازالت لا تفرق بين الخيط الأبيض والأسود. إذا استمرت هذه المظاهرات والثورات فإنني لا أستبعد حروبا قد تندلع من أية بقعة في الكرة الأرضية،وخاصة أن مؤشراتها لا تخفى على العين. مؤشراتها في سوريا التي قد تدخل حربا أهلية بين الطوائف، في العراق والبحرين، ولا ننسى تهديدات أمريكا لإيران باتهامها بمحاولة قتل السفير السعودي على أراضيها بواشنطن. كل هذه المؤشرات بذرة للحر وب. إذ قامت هذه الحروب فلن يوقفها أحد، ولذا على المسؤولين بالحوار وخاصة الشرق الأوسط حيث العمائم فوق الرؤوس لتغطية مخ لم يتعود على الحوار . كل ما كانت تفعله هذه العمائم هو تشبث بالكرسي والسيطرة على الشعوب التي نفضت غبار التهميش وفتحت فمها للتعبير عن كبتها. هذا بالإضافة إلى الاستكانة والخضوع والطاعة للأقوياء ودفع ثمن اخطائهم منذ أن وعيت بعض أمور الدنيا السياسية. في حياتي ما عشت موقفا مشرفا للحكام العرب، كل ما عشته ورأيته هو الخضوع والاستسلام لأمريكا لأنهم يعتقدون بأنها صديقتهم. ليست هناك صداقة بين الحكومات،كل ما هناك هي المصالح فقط، الأدلة كثيرة عشناها وعاصرناها ولذا علينا أن لا نضحك على أنفسنا. لنبدأ من جديد في العمل وكأننا ولدنا الساعة.