و ان كانت السلطات قد تمكنت من كبح جماح مافيا الاتجار في المخدرات التي سيطرت لعقود من الزمان على الشأن المحلي بالناظور، سياسيا ، و اقتصاديا ، و اداريا ، من خلال الحرب التي شنتها المصالح الامنة على هؤلاء الاباطرة ، فإن مافيا اخرى لا تقل خطورة عن الاولى لازالت تحكم قبضتها على مؤسسات الاقليم ، وتمارس نشاطها باكثر من طريقة ، ويتعلق الامر بمافيا العقار ، التي وان كانت عريقة في الزمان ، إلا انها تقوت سيطرتها في السنين الاخيرة ، بعد الثورة التنموية التي شهدها اقليمالناظور ، و التي ساهمت في رفع أسعار العار الى السماء ، مما إسال لعاب تلك العصابات و قوى أطماعها . وتتركز انشطة تلك العصابات في كل من مدن سلوان ، و راس الماء ، و اركمان و بوعرك ، حيث فتحت اوراش البناء الكبرى ، و تستهدف عمليات السطو هذه الاراضي التابعة لمصالح المياه و الغابات و أراضي الخواص ، سيما في راس الماء ، وكبدانة ، بينما يتكفل أحد العدول بإنجاز رسوم الملكية المزورة لصالح هؤلاء ، بالتواطؤ مع جهات اخرى ذات صلة . وتروج لدى محاكم الاقليم مجموعة من الملفات القضائية التي تطالب فيها مصالح المياه و الغابات باسترجاع اراضي الدولة من ايدي اشخاص قاموا بالاستيلاء عليها بطرق احتيالية ، غير أن ما يلاحظ بخصوص سير تلك القضايا ، هو البطء الكبير ، الذي يمتد احيانا لسنوات ، إن لم نقل لعقود ، وهو ما يزكي ضمنيا أحقية هؤلاء في تلك الأراضي المنهوبة . و على صعيد قرية اركمان عرف الملك الغابوي اكبر عملية نهب على صعيد الاقليم ، و خصوصا الأراضي الواقعة على الشاطئ ، حيث تم تفويت قطعة ارضية تابعة للمياه و الغابات لفائدة (ن ص ) بمبلغ مليار و نصف بطريقة غير قانونية ، و هي محل دعوى قضائية لدى محاكم الناظور ضد كل من رئيس جماعة اركمان البكاي و المسمى ناصر ، وقد قام البكاي بتفويت هذه القطعة لهذا الأخير باعتبارها حسبه جزء من ارث خلفه له والده ، بينما تصر مصالح المياه و الغابات على انها تدخل في اطار الملك العمومي ، مما يوحي بأن الدولة اختارت بهكذا تصرف نهج سياسة عفا الله عما سلف مع مافيا العقار . و غير بعيد عن مكان هذه القطعة المتنازع عليها ، تتواجد قطعة ارضية اخرى تم تفويتها من قبل رئيس جماعة اركمان لاحد الاشخاص بمبلغ 98 مليون سنتيم ، قدمت المياه والغابات بخصوصها دعوى قضائية مماثلة ، مطالبة باسترجاعها ، لكن دون جدوى . نفس السيناريو ينطبق على قطعة ارضية اخرى في ملكية المرحوم محمد الهداري مساحتها 25 هكتار ، قام نفس الاشخاص بالاستيلاء عليها ، حسب الدعوى القضائية التي رفعها مالكها الى محكمة تازة ، و التي يدفع فيها بكون وثائق الملكية التي تم انجازها و التي تقضي بكونه قام ببيع القطعة المذكورة مزورة ، متهما في ذلك احد العدول بالتورط في القضية . و علاقة بجماعة اركمان ذكرت مصادر عليمة ان مكاتب الجماعة تحولت الى ما يشبه الوكالة العمومية حيث يعمد الموظفون الى انجاز الشكايات و الطلبات لعامة المواطنين مقابل مبالغ مالية ، مما ثار احتجاجات كبيرة من قبل ارباب الوكالات العمومية الذين يعانون من تدني مردودهم اليومي بسبب ذلك . هذا ورغم التشدد الكبير الذي ابدته السلطات بخصوص استرجاع الاراضي التي تدخل في اطار الملك العمومي ، الا ان مساحات كبيرة تم الاستيلاء عليها في مناطق عدة من اقليمالناظور لا زالت في ايدي ناهبيها ، و لم تصدر في حقها الأحكام القضائية ، وهي اراض توجد في أماكن استراتيجية ، وتبلغ قيمتها في سوق العقار ملايير السنتيمات .