على الرغم من بث عشر حلقات من مسلسل "باب الحارة"، إلاَّ أنَّ الإنطباعات المرصودة حتَّى الآن، تشير إلى خواء العمل هذا العام، من المضمون الدرامي المؤثِّر، وسط مخاوف من أن يدخل النَّحس الذي يشكِّله الرقم 5 تلفزيونيًّا من البوابة العريضة لحارة العمل، الذي كانت تطورات الخلافات بين طاقمه، مادَّة دسمة للإعلام. الكويت: حتَّى اللحظة لا يمكن صرف انطباع نهائي تجاه فشل أو نجاح المسلسل السوري "باب الحارة"، لمخرجه السوري "بسام الملا"، الذي أشرك شقيقه "مؤمن" في إخراج الجزء الخامس الذي يبث على قنوات وفضائيَّات عربيَّة كثيرة خلال شهر رمضان، متفوِّقًا حتَّى الآن على المسلسلات الَّتي تحاكي البيئة الشاميَّة القديمة، لكن معتمدًا على شهرته الفائقة منذ خمس سنوات، حين عرض الجزء الأول منه في شهر رمضان عام 2005، مع أنَّ المفارقة المسجَّلة هنا هو إعتراف الملا، بأنَّ "باب الحارة" هو أول مسلسل يكتب الجزء الثاني منه قبل الأول، حين كان الملا يخطِّط لأكثر من مسلسل قبل أنِّ يقرر دمجها جميعًا تحت تسمية "باب الحارة". الحلقات العشر الَّتي بثت حتَّى الآن، لا تظهر أي أحداث حقيقيَّة، أو مقنعة، على الرغم من مضي ثلث المسلسل تقريبًا، بإستثناء ما يمكن إعتباره مفاجأة بدت متوقعة، لكنها جاءت مبكرة في سياق المسلسل، وهي إنهاء حياة الممثل السوري الشهير سامر المصري الذي أدَّى دور "العكيد أبوشهاب" في ثلاثة أجزاء من العمل. إذ بدا أنَّ الملا صفّى خصومته مع المصري على نحو أقرب للإهانة والإساءة، من خلال طريقة وفاته، الَّتي جاءت قتلاً على يد مجهول حتَّى الآن، وبعد أشهر على وفاته، وأنَّه دفن من قبل لصوص ومجرمين، إذ أظهر العمل تأففًا لنجومه من رائحة جثته الَّتي تعفَّنت، في حين عقبت إبنة شقيقته أناهيد فيّاض بأن وفاة خالها "بشعة"، خلافًا للطريقة المحترمة والراقيَّة في إماتة النجم السوري الشهير عباس النوري، الذي أدَّى شخصيَّة "أبو عصام"، قبل أن يستبعد. وتظهر حلقات الدراما الشاميَّة القديمة حتَّى الآن، إطالة لأمد الأحداث، وصولاً على الأرجح إلى نقطة حاسمة في العمل، ربما تفرض جزءًا سادسًا، إذا ما تربع العمل مجدَّدًا على قائمة المسلسلات الرمضانيَّة الأكثر مشاهدة، كما ظل يحدث في التقييمات المحايدة الَّتي نشرت في الأعوام الماضية. وعلى سبيل المثال تم مط وتكثير مشاهد الفنان مصطفى الخاني، الشهير داخل الحارة ب"النمس"، علمًا أنَّه يستهلك نفسه من خلال التَّعابير الَّتي يرددها بكثرة، وخارج السياق خلال الحلقة الواحدة، في حين جرى أيضًا المبالغة في مشاهد يؤديها الفنان زهير رمضان الذي يؤدي دور شخصيَّة رئيس المخفر "أبو جودت"، وهو شخص إنتهازي يوظف الأمن والقوانين لصالح طمعه وجشعه، وكذلك المبالغة في إقحام شخصيَّة الفنان السوري الجراح الذي يؤدي دور "أبو بدر"، والمبالغة في إظهار هيمنة زوجته "إم بدر" الفنانة السوريَّة شكران مرتجى، وخوفه منها. وبدأ الجزء الخامس هذا العام، وسط إنطباعات بقرب ظهور الفنان عباس النوري، على الرغم من نفي الأخير لأكثر من وسيلة إعلام هذه العودة، وعدم معرفته بما يدور داخل حارة بسام الملا، وانشغاله بأعماله وهي "أهل الراية" و"سقوط الخلافة". علمًا أنَّ الإنطباعات معززة بلقطات تم بثها من العمل، وتظهر الفنان ميلاد يوسف الذي يجسِّد دور عصام الإبن الأكبر وهو يطلع على ورقة كتبها والده، ومرَّرها إليه أحد من التقوه، وتشير الإنطباعات إلى أنَّ النوري الذي شوهد في إحتفال أقامه الأخوان الملا بمناسبة إنتهاء تصوير "باب الحارة"، سيظهر في آخر حلقتين على الأرجح، ثم تعرض شارة شكر خاص له في نهاية العمل، على الرغم من نفي النوري المتكرِّر لهذا الأمر. علمًا أنَّه من دون ظهور النوري كمنقذ لرتابة العمل في جزئه الخامس، فإن "باب الحارة" سيغلق هذا العام على نكسة من طراز خاص، بل وسيحمل ختم النحس الذي يحمله عادة الرقم 5 في الأعمال الدراميَّة، كما حدث مع مسلسل "ليالي الحلميَّة" الذي بث على سنوات أواخر عقد الثمانينات، وأوائل عقد التسعينات من القرن الماضي، حين فشل الجزء الخامس منه، بعد أنّْ تربَّع لسنوات عدَّة على عرش الدراما العربيَّة، كعمل يضم العديد من النجوم الكبار مثل يحيى الفخراني، وصلاح السعدني، وصفية العمري، وسمية الألفي. ويرتكز العمل حتَّى الآن على طغيان شخصيَّة العكيد الجديد للحارة "معتز"، الَّتي يؤديها الفنان وائل شرف، الذي ظهر حتَّى الآن متشنجًا، في أداء الشَّخصيَّة، وبعيدًا عنها، على الرغم من التَّأكيد أنَّ هذا الأداء من شرف متفق عليه، لأنَّه من الضروري إثبات عدم نضج العكيد الجديد، وكذلك شخصيَّة "أبو حاتم" صاحب القهوة ويؤديها الفنان وفيق الزعيم، الذي تطوَّرت مكانته، و بات زعيمًا غير متوَّج بعد للحارة الَّتي تنتظر الكشف عن السر المخفي في شخصية مأمون بيك، ويؤديها الفنان فايز قزق، وبات يظهر من خلال سياق الأحداث بأنَّه شخصيَّة عسكريَّة فرنسيَّة إسمها الحقيقي "الملازم نمر". وحتَّى الآن لم يظهر الوافد الجديد الى الحارة الفنان قصي خولي، إلاَّ في 4 مشاهد إثنان منها، لم ينبس ببنت شفَّة، ويؤدي شخصيَّة تدعى "أبو دياب"، ويحمل في وجهه علامات تعذيب، ويتضح أنَّه أحد الثوَّار ضد الإستعمار الفرنسي، هرب من "سجن أرواد"، وانتقل الى "حارة الضبع"، دون تبين مسار الشَّخصيَّة الَّتي أقحمت في سياق العمل، وما الذي يمكن أنّْ يضيفه خولي الذي رشَّحه الملا من قبل لخلافة وائل شرف بدور "معتز" في الجزء الرابع، بعد أنّْ ساءت الأمور بين الملا وشرف وقتذاك. ويشار إلى أنَّ المخرج الملا إستسلم لظروف خلافاته مع أبطال العمل، فكان يغيِّب نجمًا من نجومه في كل جزء، فبعد الأوَّل كان الملا ينوي إعادة النَّجم بسام كوسا مؤدي شخصيَّة "الإدعشري" في الجزء الأوَّل إلى الجزء الثاني من خلال شخصيَّة مغايرة تمامًا لل"إدعشري" المنافق، والسارق، والقاتل، عبر توليفة إستحضار شقيق له يعيش في تركيا، ويسمع بوفاة شقيقه، لكن الخلافات في اللحظة الأخيرة بين كوسا والملا، حالت دون ذلك، وغادر كوسا العمل. ولحق النوري بكوسا في نهاية الجزء الثاني بعد خلافات حادَّة جدًّا مع الملا، تعلَّقت بالنص والأجر، وهو الأمر نفسه الذي تكرَّر مع "أبو شهاب" المصري حين إنفرد الأخير بتسجيل دعاية تلفزيونيَّة أدَّى فيها شخصيَّة العكيد، لصالح شركة زين للإتصالات، وهو الأمر الذي إعترض عليه الملا، واعتبر أنَّ المصري غير حر في إستخدام الشَّخصيَّة متى شاء، وأنَّ حقوق الملكيَّة الفكريَّة تعود له في هذا العمل، والمصري ليس سوى مؤدٍ للشخصيَّة، وليس مالكها، الأمر الذي أبقى المصري طوال الجزء الرابع من "باب الحارة" بعيدًا عن بابها الذي أوصده الملا في وجهه في الجزء الخامس.