قدم الناشط الأمازيغي، محمد الشامي، ورقة تأطيرية حول مشروعي القانونيين التنظيميين المتعلقين بتفعيل الطابع الرسمي10077520-16394789 (1) للغة الأمازيغية، وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وذلك خلال اللقاء الذي نظمته جمعية مارتشيكا للبيئة والتنمية، الأحد 21 غشت الجاري، بقاعة المكتبة التابعة للمركب الثقافي لاكورنيش بالناظور. وهو اللقاء الذي توج، كما هو معلوم، برفع ملتمس إلى الملك محمد السادس لمراجعة مشروعي القانونيين التنظيميين المذكورين نظرا للنواقص التي شباتهما... ولأهمية هذه الورقة التي قدمها محمد الشامي، أحد رموز الحركة الأمازيغية، ننشرها تعميما للفائدة. وفي ما يلي نص الأرضية: الأرضية المؤطرة للمائدة المستديرة حول القانونيين التنظيميين للأمازيغية على إثر صدور مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكذا مشروع القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية المنصوص عليهما في الفصل الخامس من الدستور. وعلى إثر ردود الفعل المتباينة على مضمون القانونيين وعلى طريقة إعدادهما ولاسيما طريقة إعداد القانون الأول بالبريد الإلكتروني الذي تبرأ منه المجتمع المدني والسياسي. تجتمع فعاليات المجتمع المدني وجمعيات الحركة الأمازيغية وكذا النخبة السياسية والثقافية لتدارس مشروعي هذين القانونيين مساهمة منها في رصد بعض اختلالاتها أملا في تصحيحها في المجلس الوزاري الذي يترأسه جلالة الملك محمد السادس قبل المصادقة عليهما في البرلمان: - أوَلا: حول مشروعالقانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية: فهذا المشروع مخالف لنص الدستور لأنه انطلق من الفقرة الخامسة من الفصل الخامس من الدستور التي تتناول مسألة اللهجات والتعبيرات الثقافية المتعددة والمتداولة في مختلف مناطق المغرب، ولم ينطلق من الفقرة الرابعة من هذا الفصل التي تعتبر هي الأساس المحدد لهذا القانون التنظيمي والتي ميزت اللغة الأمازيغية بصيغة المفرد والوحدة وأضفت عليها مصطلح اللغة. فالمدلول الذي أعطاه هذا المشروع للغة الأمازيغيةوالمختزل في: "مختلف التعبيرات اللسانية الأمازيغية المتداولة بمختلف مناطق المغرب" (الفقرة الثانية من المادة الأولى، الباب الأول؛ أحكام عامة) مخالف للأعراف الأكاديمية ومخالف للدستور وذلك لأن: - القانون لا يدخل في النقاشات الأكاديمية ليُعرَف بمادة خارج اختصاصه. - القانون لا يخالف الدستور، والدستور يتحدث عن لغة أمازيغية وحيدة وقائمة. وهذا الخطأ معلل لسببين: أ) السبب الأول هوأن اللغة الأمازيغية لغة موحدة وممعيرة منذ ستة عشر عاما، ولم تعد تعابير لسانية وأوجه لغويةمتناثرة وغير ممعيرة وهذا لا يمنع أن "تجمع وتدون مختلف التعابير اللغوية والثقافية والحفاظ عليها وضمان انتشارها"كما ورد في مشروع المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية (المادة 13)، ما دام الدستور يقضي بحماية اللهجات والتعابير الثقافية المستعملة في المغرب (الفقرة الرابعة من الفصل الخامس). فشتَان بين لغة أمازيغية معيارية راكمت تجربة هامة منذ خطاب أجدير والظهير المحدث للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وبين لهجات أو تعابير لسانية تعتبر روافد لابد منها للغة المعيارية. ب) والسبب الثاني: هو أن الأمازيغية أصبحت لغة بموقف سياسي منذ أن أصبحت لغة رسمية في دستور 2011 الذي صوَت لصالحه الشعب المغربي. وانتقلت الأمازيغية والحالة هذه من الوضع اللهجي المبعثر إلى الوضع اللغوي الممعير. هذا تناقض في مشروع القانون، فاللغة الأمازيغية هي موحدة من حيث استعمالها في الوثائق الرسمية وهو غير ذلك في التعريف أو المدلول الذي جاء في المشروع. إذ لا يمكن مثلا، أن تكتب الخطب الملكية والوثائق الرسمية (من بطاقات وطنية للتعريف وجوازات السفرورخص السياقة (مادة 21) وكذا الأوراق النقدية وأختام الإدارات العمومية (مادة 22) واللوحات وعلامات التشوير المثبتة في الطرقمات الخاصة بوسائل النقل) بالتعبيرات اللسانية المتداولة في مختلف مناطق المغرب. فإدماج اللغة الأمازيغية في مثل ما ذكر لا يكون إلا بلغة معيارية مقننة توحد كل الأوجه اللسانية المتنوعة. فالقانون الحكومي باعتماده على اللهجات أراد أن يجعل من الأمازيغية عاملا للتفرقة والتشتيت والبلقنة بدل أن تكون عنصرا لتقوية وتعزيز الوحدة الوطنية إلى جانب اللغة العربية الرسمية الواحدة والمذهب الديني الرسمي الواحد. أمَا ما يتعلق بتحديد المراحل والكيفيات، فهو مخالف لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية لما يعتريه من بطء في تنفيذ الآماد المحددة في ذلكالمشروع. - إذ لا يمكن إدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية وخاصة في التعليم الأساسي، على سبيل المثال، داخل خمس سنوات وهي مدرجة وقائمة منذ عقد ونيف بظهير ملكي. - وكيف يستساغ إدراج الأمازيغية في التعليم العالي بإحداث مسالك تكوينية ووحدات البحث داخل عشر سنوات علما أن إدراج الأمازيغية في الجامعة كان منذ أمد بعيد. - ومثال ثالث لابد منه ينتظره المواطنون بفارغ الصبر وهو أن يحمل المواطن البطاقة الوطنية أو جواز السفر أو تسلم شهادة الازدياد بالأمازيغية. فهذا حسب قانون رئيس الحكومة لا يتحقق إلا بعد خمسة عشر سنة. هذا وإن كان الفصل الأخير (35) يؤكد على أن يدخل مشروع القانون التنظيمي حيز التنفيذ إبتداءا من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية ولكن أحكام المادة 31 تمنعه من ذلك لأنها هي التي تحدد الشروع في تنفيذ الأحكام والذي لا يمكن أن يتحقق إلاَ في ظرف خمس سنوات. أما ما يتعلق بكيفية إدراج اللغة الأمازيغية وخاصة في المنظومة التربوية فالمشروع تجنب ذلك تماما واعتبر اللغة الأمازيغية لغة لا تتجاوز تحقيق الكفاية التواصلية حتى وإن قطع المتعلم كافة مستويات التعليم الابتدائي والثانوي وصولا إلى الباكالوريا. لذا فمسودة مشروع القانون أتى ناقصا في هذا الجانب ولم يتحدث عن تأهيل اللغة الأمازيغية حتى تقوم بوظيفتها ألا وهي وظيفة التدريس بها في يوم من الأيام، إبتداء من الأمد المتوسط وخاصة ببعض العلوم الإنسانية والإجتماعية التي لا تتطلب عناء في الثروة الإصطلاحية المتخصصة وصولا إلى بعض العلوم الأخرى على الأمد البعيد. لذا فمشروع قانون تفعيل اللغة الأمازيغية لا يكتمل إلا بتحديد وظيفتها المستقبلية باعتبارها لغة رسمية. والخطاب الملكي يؤكد على تدريس الأمازبغبة والتدريس بها فس ذباجة ظهير المعهد الملكس للثقافة الأمازيغية بقوله السامي: "واقتناعا من دولتنا الشريفة بأن تدوين كتابة الأمازيغية سوف يسهل تدريسها وتعلمها وانتشارها، ويضمن تكافئ الفرص أمام جميع أطفال بلادنا في اكتساب العلم والمعرفة، ويساعد على تقوية الوحدة الوطنية". ثانيا: حول مشروع القانون التنظيمي الخاص بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية أمَا ما يتعلق بالقانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الذي أعدته اللجنة الملكية، فإن المادة 14 منه والمتعلقة ب: "دراسة التعابير الخطية الكفيلة بتسهيل تعليم الأمازيغية" مخالفة لمشروع اللجنة. لأن المسألة الخطية كما هو معلوم حسم فيها منذ ستة عشر عاما حيث قدم المختصون للمجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ثلاثة مشاريع خطية (الخط العربي والأمازيغي و اللاتيني) حيث قرر المجلس الإداري اختيار الخط الأمازيغي تيفيناغ بعد التداول والتصويت، الخط الذي صادق عليه صاحب الجلالة محمد السادس مع تزكية الأحزاب السياسية. من إعداد: محمد الشامي