قَال نجل الفنان الراحل سلاّم الريفيّ إنّ والده قد لاَقَى حيفا في الإقرار بمجهوداته الإبداعية الغنائيّة، وأن ذلك تمثّل في غياب أيّ تكريم لشخصه على مدَى الفترة الفاصلة بين الحين ووفاته التي يجلت قبل 11 عاما. وأضاف محمّد الريفي، ضمن كلمة له وسط لاَهَاي العاصمة الحكومية لهولندا، على هامش احتفاء بالريبيرتُوَار الغنائي لسلاّم الريفيّ، إنّ "المبادَرَة قد أتت، أخيرا، من نشطاء جمعويّين خارج المغرب ومنطقَة الرِّيف، بعد طول انتظار، ولا يمكن إلاّ الترحيب بهَا وتثمينها". واحتضن الفضاء الفنّي لLucent Dansteater بمدينة Den Haag الهولنديّة، مساء أمس، حفلا موسيقيّا مبرمجا من لدن مؤسسة صوت الشباب المغربيّ بهولندَا للاحتفاء بمطلع العام الأمازيغي الجديد.. وتخلّلت الموعد لحظة تكريم خصصت لذكرى لفنان الراحل سلاّم الريفي، حيث شهدت تسلّم ابنه هدَايا رمزيّة متمثلة في باقة ورود ولوحَة فنيّة، زيادَة على تمكين نجل سلاّم من أداء عدة أغان ميّزت مسار أبيه حين اشتغاله على إغناء الرصيد الغنائي لمنطقَة الريف.. وتم ذلك وسط تجاوب كامل من الحاضرين للموعد مع قطع من بينها "سِيدِي شْعَايْب" و"رُوحْ ذَ الرَّايْس" و"وَادْجِي زَّايْمْ". وقال الكاتب الأمازيغي مصطفَى أينض، ضمن كلمة ألقاها في حقّ المكرّم الرّاحل، إنّ سلاّم الريفي استطاع أن يثبت اسمه في سجلّ التاريخ الفنّي للرّيف.. "لقد رحل عنّا جسديا، لكنّ أعماله ما تزال تطوف بيننا وتلج قلوبنا لتخلق السعادة التي لا نحيا إلاّ كي نلقاهَا، ومَا مشَاركَة الجمهُور في تردِيد كلمات أغاني سلّام الريفي التي تؤدّى أمامه إلاّ شهادَة تفتخر بهذا الرجل وكلّ اشتغالاته الإبداعيّة" يضيف نفس المتحدّث. كما انتقد أينض، ضمن ذات مداخلة التكريم، الثقافة الدخيلة على أصالة الريفيّين والريفيات، محمّلا الواقفين وراء ابتداعها مسؤولية قتل عدد من أوجه الجمال بالثقافة الأصليّة.. وقال: "لقد كَان أمْذْيَاز لا يغيب عن أيّ قبيلَة، حيث يتفنّن وسطها في صياغة الكلام الحلو والأشعار التي تعمّ المناسبات المختلفة، ويحضر ليعبّر بعذب المنطوق، مثلا، عن الأمل في رؤية المواليد يكبرون ويشتدّ عودهم كي يقوّوا الجمَاعَة، لكنّ ذلك رحل وصار جزء من الماضي، إذ أن اليوم يشهد ملاَقاة إمذيَازن، وعموم المبدعين، كلّ النكران خلال الأوقات التي يتمّ ضمنها اللجوء لخدماتهم من أجل تأثيث احتفاليّة مَا". واعتبر مصطفَى أنّ "الغرباء الذين وفدُوا على الفضاء الجغرافِي لعيش الريفيّين، وبعد اعتلائهم للجبال من أجل تشييد مبانٍ وإشهَارهَا أضرحَة لسادَة وَافدين، أفلحُوا في إشاعَة ممَارسات من بينهَا التبرّك بأموات البشر وتقديم القرابين لهم، مفشين خرافات جعلتهم يلعبون دور الوساطة بين الناس وتحقيق أمانيهِم المأمولة.. ليفقد أَمْذْيَاز مكانته لصالح ذوِي الممارسات الدخيلَة، دون أن يفلح ذلك في جعله يندثر.. ومن أبرز النماذج المستمرّة بالريف تتواجد تجربة أبنَاء الشّيخ مُوحْند" وفق تعبير أينض الذي كان يتحدّث من على خشبَة "المسرح الراقص" بلاَهَاي. الحفل المقام من لدن مؤسّسة صوت الشباب المغربيّ بهولندَا استهِلّ بلوحات من فنّ أحوَاش، جمعت بين جماليّة الإيقاع وحلاوَة الكلام وتناسق الرقصات، مباركَة حلول العام 2965 لكلّ أمازيغ العالم أينمَا تواجدُوا، سوَاء بمنطقة ثَامزغَا أو ببلدَان الديَاسبُورَا.. كما فتح المنظّمون من الMJG فرصة المشاركَة لموهبة غنائيّة مغربيّة ريفيّة مستقرّة بلاَهَاي، حيث تعلّق الأمر بالفنان الصاعد يوسف الحسيمي الذي قدّم باقة غنائيّة من قطع موسيقيّة ريفيّة شبابيّة. وشكّل العرضان الموسيقيَان لمحمّد نوميديا ومجمُوعَة تِيفيُور، المتنقلان إلى كبرى قاعات العرض ب"دَينهَاخ" من المغرب، قيمَة مضافة للحفل الغنائيّ الذي أقيم على شطرَين فوق مساحة زمنيّة من 4 ساعات لم تتخللها غير استراحة شاي من 20 دقيقة.. حيث غنّى "نوميديا" للهويّة الأمازيغيّة والحلم والآمَال، زيادة على تقديمه قطعا محتفية بالأرض والتضامن وأخرى محذّرة من مساعِي التفرقة وإفشاء الضعف. أمّا إيمَان بوسنان، مغنية مجموعَة تِيفيُور، فقد رفعت صوتها الشجي وهي تشدُو بدعوات للفرح وكذا الاستمرار في العيش على ذكرَى الأمير المجاهد محمّد عبد الكريم الخطَّابِي، زيادَة على تقديمها ثلّة من أعمال فرقتها تركّز على المطالبة بإشاعة المحبّة والسلام والمحافظة على كل معالم الجمال، بينما غنّت تِيفيور مرّتين ضمن ذات السهرة، للحنَّاء والمتزيّنين بِهَذه النبتَة التي ترافق الأفراح بالوطن. مصطفَى بربوش، رئيس مؤسسة صوت الشباب المغربي بهولندَا، قال ضمن اختتام الموعد الفنِّي إنّ احتفالية العام الأمازيغي الجديد، التي يشرف على تنظيمها للسنة الخامسة على التوالي بقلب العاصمة الحكومية لهولندا، قد أنهت جزءها الأول الذي برمج بانفتاح على السينما والمسرح والموسيقى.. وأردف أن الشطر الثاني من ذات الموعد سيتم تفعيله يوم السبت المقبل بفضاء De Vaillant الثقافي الذي سيختضن نقاشا مفتوحا بخصوص الهويَّة ويتصدّره كل من الباحثان الأمازيغيان عبد الرحمَان العيساتي وأحمد عصيد.