آلة الهدم الموجهة إلى الآثار التاريخية في الريف، لن تتوقف عند هدم النادي البحري (ClubMarítimooNáutico) ، لأنها ببساطة كانت قد بدأت قبل ذلك بكثير، ولمعرفة تاريخ الهدم والتدمير الممنهج يمكن للمتتبع طرح مجموعة من الأسئلة للإستفسار عن مصير دور السينما بالحسيمة والناظور على وجه خاص . بدأت أشغال البناء في النادي البحري قبل العام 1941 بكثير، أو بالتزامن مع بناء المنطقة العسكرية الريكولاريس، إلا أن الأشغال فيها إنتهت عام 41 بعد مجموعة من المراحل عرفت تعثرات مختلفة ساهم فيها إنعدام الإستقرار الذي كانت تكسر استمراريته تلك الهجمات المتكررة للمقاومة الريفية ضد المستعمر الإسباني الغاشم، ومنها على وجه الخصوص الحصار الذي عرفته بناية المطحنة الإسبانية، إذا غادر الناظور على إثر ذلك الكثير من الإسبان، لكن الإستقرار الذي عرفته المدينة بعد تكالب الفرنسيين والإسبان بالإتفاق مع المخزن الشريف وقتها، قاد الإسبان وبقيادة المهندس المعماري (Manuel Latorre Pastor ) مرفوقا بالحفّار (Alejandro Orell) إلى الشروع في بناء النادي البحري على مشارف بحرية لمدينة جديدة ستسمى الناظور في أبجديات المستعمر، وبتصميم مجرد مخططات أنجز عام 1909 قبل ان تنفرد عائلة (Pedro Maguruza) بإنجاز التصميم الرسمي للناظور والذي على اساسه تولت عائلة (Pedro Desensa) بناء تلك الشوارع على يمين وشمال النادي البحري . كلوب البحري الذي يجد مشابها له داخل ميناء مدينة سبتة، عرف ما لا يمكن حصره من الأحداث والأنشطة الثقافية والرياضية، إذا وبعد أن كان محتكرا الولوج إليه من قبل ساسات العسكرية الإسبانية وكبار تجار المدينة ومهندسيها، بينما كانت الطبقة العاملة تتوزع ليلا على مجموعة من الباراة والمقاهي داخل المدينة، عاد النادي إلى إحتضان العديد من الأنشطة والمسابقات الرياضية على رأسها السباق بالزوارق البحرية وزوارق الصيد، مسابقة السباحة للرجال من موقع ميناء آيث نصار حاليا حتى مشارف النادي البحري، مسابقة خاصة باجتياز عمود خشبي محنط بالدهنيات والزيون اللزجة وأخذ الراية في الجانب الآخر للحصول على الكأس، حيث كانت الغالبية تسقط في الماء قبل اجتياز العمود، عرفت بوابة النادي ايضا إحتفالات عديدة لتوزيع الجوائز على الفائزين في المسابقات المختلفة، ومنها مسابقة أحسن أو أسرع نادل في تقديم الخدمات للزبائن بذات النادي. النادي البحري عان هو ايضا من تحولات طبيعة، إذ وإثر هيجان بحري طبيعي في الساحل وراء شواطئ بوقانا، إنسدت الثغرة التي كانت تجمع مارتشيكا بالبحر وراء الشريط، الأمر الذي نتجت عنه مضاعفات خطيرة في البحيرة، حيث بدأت تعرف جفافا واضحا مع نقصان مستوى المياه فيها، نتجت عنه تعفنات بالغة التأثير أنتجت سراب من الذباب والحشرات، في حين وجدت الأسماك نفسها على برية غير معهودة ميتة ومتعفنة، الأمر الذي اعتبر بمثابة كارثة اتخذت على إثرها تدابير عاجلة قادت إلى العمل الفوري على فتح منفذ بوقانا على الشاطئ من قبل الإدارة الإسبانية قبل أن تتحسن الأمور تباعا . اليوم وبعد سنين من الصمود أمام الدوام الضارب للأمواج على أساساته دون نتائج سلبية تذكر، هاهي جرافات الوكالة مارتشيكا وقلم السيد طارق يحي يتربصان بها في وقت ينتظر العقلاء في المجتمع الناظوري، بدأ عملية الترميم التي يجب أن تعزز أساساتها بالإسمنت المسلح من خلال ملئ كلي للفراغ اسفل النادي إلا نصف متر قبل منتهى حافة النادي لتبقى روعة التصميم على شكلها دون مساس لتعطي الصورة التي رسمت من أجلها . وهنا نود فقط الإشارة إلى الأهرامات المصرية التي كان بناؤها جريمة في حق الإنسان، لكن اليوم وبعد كل تلك آلاف السنين أصبح هدمها جريمة أكبر ، فالنادي الذي يرمز لفترة التواجد الإستعماري الإسباني بالريف، لا يختلف وضعه عن الأهرامات، ولا حتى يجب أن يختلف فسيرورة التاريخ هي هكذا ولا ترحم المغفلين . إذا أردتم تنفيذ الجريمة فدعونا نسميكم بالمجرمين ولا أسف .