قال عبد الغني قرطيط، أستاذ وباحث في الجغرافية الطبيعية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس، إن وقوع الزلزال أمر لا مفر منه، داعيًا إلى تطوير مفهوم ثقافة الخطر، والتزود بما يمكن أن يقلل من تبعاته، مشيرًا إلى أن موقع المغرب الجغرافي، ضمن مجال التقاء الوحدات البنيوية الكبرى والصفائح المتحركة، يجعل الخطر المرتبط بالحركات الزلزالية، وما تخلفه على مستوى المنشآت البشرية، هو أمر واقع. جعل توالي الهزات الأرضية الخفيفة في المغرب، منذ بداية السنة، سكان الريف يشعرون بالقلق، خوفًا من زلزال مدمر، كما حدث في مدينتي الحسيمةوأكادير. وعلى الرغم من التطمينات الرسمية، التي أشارت إلى أن هذا النوع من الحركات التكتونية لا يعطي هزات رئيسة أو كبيرة تتصف بالحدة، إلا أن تسجيل 8 هزات خفيفة، في فترات متقاربة، دفع المواطنين يعتقدون بقرب وقوع زلزال قوي، قد يضرب إحدى المناطق الريفية في المملكة. وقال عبد الغني قرطيط، أستاذ باحث في الجغرافية الطبيعية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس، وعضو في أحد مختبرات الدراسات الجيوبيئية، "الحركات الزلزالية أمر لا مفر منه، ولكن يجب تطوير مفهوم ثقافة الخطر، والتزود بما يمكن أن يقلل من تبعاته". وأضاف عبد الغني قرطيط، في تصريح ل "إيلاف"، "نظرًا لموقع المغرب الجغرافي، ضمن مجال التقاء الوحدات البنيوية الكبرى والصفائح المتحركة، فإن الخطر المرتبط بالحركات الزلزالية، وما تخلفه على مستوى المنشآت البشرية، هو أمر واقع. وهذا شيء أكدته الدراسات السابقة، نذكر منها على سبيل المثال دراسات تاج الدين الشرقاوي، بالمعهد الجيوفزيائي بالرباط، وأطروحات الرمضاني وغيرهم". وذكر الأستاذ الباحث أن "المغرب تحت التأًثير الزلزالي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، بالنظر لتواجد، من جهة، الصفائح الإفريقية والأورو آسيوية، ومن جهة أخرى الصفيحة الأطلسية الوسطى". وعلى هذا الأساس، يضيف عبد الغني، فإن المراكز الزلزالية تتوزع حسب 3 نطاقات كبرى، أهمها المراكز في الريف بسلسلة جبال الأطلس والنطاق الأطلسي. وبالرجوع إلى تاريخ الحركة الزلزالية، التي سجلت بالمغرب وفاقت قوتها 6.5 درجة على سلم ريشتر، فإن "تأثيرها كان متباينا حسب المناطق. فهناك مدن ومجالات عرفت تدميرًا بالغًا، على سبيل المثال مدينة العرائش، التي تعرضت سنة 1276 لتدمير كبير، ومدينة فاس خلال سنوات (1522، و1624، و1755، و1773)، ومدينة مراكش سنة 1719، وطنجة سنة 1773، وغيرها من المدن". وخلال القرن الماضي، يبرز الأستاذ الباحث، "الكل يعرف ما خلفه زلزال أكادير سنة 1960، وهنا أشير إلى الذكرى 51 التي تنظمها المدينة، وعلى مستوى البحث الأكاديمي أو العملي ستعقد قريبا ندوة دولية كبرى فكلية العلوم شعبة الجيولوجيا". وبالحسيمة أيضًا، يؤكد عبد الغني، "ما إن بدأت ساكنة المدينة ترمم جروح زلزال غشت 1994 حتى ضرب زلزال قوي آخر في دجنبر 2004، بقوة تتراوح ما بين 5.4 و6.5 درجة على سلم ريشتر". وأشار إلى أنه، خلال الفترة الممتدة ما بين سنتي 1994 و2004، "سجل مقياس الزلازل بالمركز الجيوفيزيائي بهذه المنطقة (الحسيبمة ونواحيها)، أكثر من 2200 هزة أرضية خفيفة. معنى ذلك أن نشاط الزلازل مستمر وتأثيرها متباين من مجال لآخر". وهناك سؤال أساسي لا بد من الإجابة عليه، وهو كيف نتعامل مع هذه الظواهر الطبيعية الكبرى في حياتنا اليومية؟. سؤال أجاب عليه الأستاذ الباحث بالقول "أعتقد أن جل الحواضر العالمية الكبرى إما تعرضت في السابق إلى حركات زلزالية قوية، أو مرشحة لحركة متوقعة. هذه الحواضر غالبًا ما تتضمن كثافة سكانية قوية، ومنشآت صناعية كبرى، وغيرها. ويعد قانون البناء المضاد للزلازل من أهم الإجراءات الوقائية. وفي بلدنا عمل المغرب، مباشرة بعد زلزال أكادير، على التفكير في توفير وثيقة مرجعية للبناء من هذا النوع، وتوفير وحدات القياس. وحاليًّا المملكة تتوفر على وثيقة تضمن البناء المضاد للزلازل". وختم عبد الغني التصريح بالتأكيد على أن الزلزال "ظاهرة طبيعة ومتوقعة في أي لحظة، ولا يستطيع حاليا في أي نقطة كانت أن يجري التنبؤ بالتاريخ الدقيق لوقوع الزلزال، لكن ثمة إجراءات يجب التزود بها". يشار إلى أن إقليم شفشاون عرف تسجيل 5 هزات متوالية، أقواها وصلت إلى 4.3 درجات على سلم ريشتر المفتوح. كما سجل المركز الوطني للبحث العلمي والتقني التابع للمعهد الوطني للجيوفيزياء هزة أرضية بقوة 3.2 درجات على سلم ريشتر بإقليمسيدي قاسم. أما إقليمالعرائش، فعرف تسجيل هزة أرضية بلغت قوتها 4.1 درجات على سلم ريشتر، ولم تخلف أي ضحايا أو خسائر. *إيلاف