سبتة ومليلية مدينتان عربيتان من بقايا العهد الإسلامي بالأندلس، شاء موقعهما الإستراتيجي على ساحل الأطلسي بين أوروبا وإفريقيا أن تكونا محل أطماع إيزابيلا ملكة إسبانيا في القرن 15 الميلادي في نشر النصرانية بين أهل المغرب المسلمين، وبرغم رحيل الاستعمار عن العالم في القرن الماضي، فإن هاتين المدينتين المغربيتين، لا تزالان منذ ذلك التاريخ محتلتين بأبشع ألوان الاستعمار. "الأهرام العربي" في محاولة منها لإلقاء الضوء على قضية سبتة ومليلية ألتقت الناشط والباحث المغربي عبد السلام بو طيب رئيس مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم ونائب رئيس مؤسس للمنتدى المغربي للحقيقة والانصاف، ليحدثنا عن قضية المدينتين وأبعادها الإنسانية والتاريخية والقانونية وحقيقة موقف المغرب وإسبانيا منهما. يقارن كثيرون الوضع في سبتة ومليلية بما سبق وحدث في فلسطينالمحتلة من استعمار استيطاني، فما نسبة وتعداد المغاربة حاليا في المدينتين؟ وهل ترون أن قضية المدينتين شاهد على صدام الحضارات؟ للتاريخ والذكرى، سقطت سبتة في يد البرتغاليين عام 1415م على يد الأمير هنري البحار، في حين سقطت مليلية في يد جيوش الإسبان عام 1497م، في إطار خطة عامة للإسبان والبرتغاليين لمحاصرة أقاليم الغرب الإسلامي واحتلال أراضيه، ومن ثم تنصيرها استجابة لرغبة الملكة "إيزابيلا" الكاثوليكية، وحلمها برفع علم الصليب في بلاد المغرب. وأصبحت سبتة إسبانية عندما تولى فليب الثاني ملك إسبانيا عرش البرتغال عام 1580م، وبعد اعتراف إسبانيا باستقلال البرتغال تنازلت الأخيرة بمقتضى معاهدة لشبونة 1668م عن سبتة لإسبانيا، لتبقى المدينة في يد الإسبان إلى اليوم. فالأمر أكثر من صراع الحضارات، فقد كتب على المملكة المغربية أن تؤدي ضرائب الانتماء إلى "العالم العربي الإسلامي"، التي فرضها عليها التاريخ والجغرافيا والسياسة، جغرافيًا المغرب لا يبعد عن إسبانيا حامية الكاثوليكية إلا ب 14 كلم، وتاريخيا كُتب علي المغرب سداد ضريبة اندثار الدويلات الإسلامية بالأندلس باحتلال لشواطئه وموانئه الإستراتيجية، وما واكب ذلك من نظرة نمطية تجاه "المورو" وهي كلمة قدحية يطلقها الإسبان في حق "المسلمين"، سياسيا باختصار المغرب أدى ولا يزال ضريبة وجوده كمنطقة حدود بين عالمين وثقافتين مختلفتين، تدل عليهما تلك العبارة المكتوبة عند مدخل مدينة مليلية من معبر بني نصار وتقول "زر إفريقيا بدون أن تخرج من أوروبا". دلت أزمة جزيرة ليلى المغربية على أن ملف المناطق المغربية المحتلة يمكن أن يكون سببًا للنزاع العسكري، فما خلفيات وجذور هذا الصراع؟ والمواقف الإسبانية والمغربية بشأن سبتة ومليلية والجزر الأخرى؟ وكيف ترون انعكاسات ملف المدينتين على الملفات الثنائية الأخرى؟ الذين يعرفون الإسبان جيدا، ويستوعبون تاريخهم، يدركون أنهم أي الإسبان أو قل الدولة الإسبانية ضحية الذاكرة، فلا يمكن لأحد اليوم الاقتراب من الذاكرة الإسبانية، لمراجعة بعض ما اقترفه الإسبان في حق الشعوب التي ربطتهم بهم يوما علاقة ما، فمسألة الذاكرة خط أحمر بالنسبة لجل سياسييها، وعدم النبش فيها من الشروط الأساسية لاستمرار الدولة الإسبانية قائمة بدون حروب أهلية أو محاولة لتمزيق وحدتها، ويدخل سؤالكم في هذا النطاق. فإسبانيا من التجارب القليلة التي مرت إلى الديمقراطية بدون مراجعة ماضيها السياسي والاستعماري، أي بدون مس ذاكرتها الجماعية، وهذا في اعتقادي يشكل أكبر تهديد للديمقراطية الإسبانية نفسها، ولعلاقاتها مع جيرانها وباقي الشعوب التي ربطتها بها علاقة ما. يذكر المؤرخون أنه عندما سقطت مدينة سبتة كان بها ألف مسجد ونحو 250 مكتبة، ولم يبق من هذه المعالم الحضارية الإسلامية سوى مساجد قليلة لا تزيد على أصابع اليد الواحدة، بل وحرف الإسبان اسمها إلى "سيوتا" فماذا فعل المغاربة للحيلولة دون أسبنة المدينة؟ تبلغ مساحة مدينة سبتة 20 كلم مربّعًا، ويسكنها نحو 74 ألف نسمة بينهم 30 ألف مغربي، فيما تبلغ مساحة مليلية 12،5 كلم مربعا وسكانها 57 ألف نسمة بينهم 20 ألف مغربي، لذا فالحديث عن ألف مسجد فيها أمر صعب التصديق، لكنه في نفس الوقت يحاول أن يعكس سياسة الدولة الإسبانية تجاه المنطقة وأهلها من السكان الأصليين الأمازيغ الذين يدين غالبيتهم بالإسلام، ولفهم جوهر ما يريد المؤرخون الذهاب إليه من الضروري التوقف عند أهم محطات نزع الهوية الدينية الإسلامية عن المدينة ، وأعنى بالأهم المحطات الأكثر دلالة والتي تعكس سياسة إسبانيا في المنطقة. للتاريخ تعتبر مدينتا سبتة ومليلية إحدى مخلفات المجابهة بين العالم الإسلامي وأوروبا في فترة الحروب الصليبية في القرن 15 الميلادي، والتي كان البحر المتوسط مسرحا لها، وارتبط مصير المدينتين بالمضيق البحري العام، الذي يربط المتوسط بالمحيط الأطلسي. وقد دفعت مدينة سبتة طوال مرحلة المواجهة بين أوروبا والعالم الإسلامي ثمن موقعها الجغرافي الإستراتيجي، الذي جعلها بوابة العالم الإسلامي للزحف على أوروبا، ومنفذا للصليبيين لإحكام السيطرة على أراضي الإسلام ، ولعل أوروبا وهي تستعيد ذكرى عبور الفاتح " طارق بن زياد" منه نحو الأندلس في عام 711م، كانت تتطلع إلى احتلال هذا الثغر الإسلامي، وتحويله إلى قلعة ضد تمدد أطراف العالم الإسلامي نحو القارة العجوز. ومنذ احتلال المدينتين لم يعترف السلاطين المغاربة بتبعيتهما للإسبان، واعتبروهما جزءا لا يتجزأ من المغرب يجب استعادته؛ ولذلك حاولوا مرارا في القرون التالية لاحتلالهما استعادتهما من قبضة الإسبان، كما بذل سكان المدينتين من المسلمين والذين بقوا يرفعون الدعاء لملوك المغرب في مساجد المدينة جهودا كبيرة للتمرد على واقع الاحتلال في نهايات القرن 18 وبداية القرن 20، وبين عامي 1921م - 1926م قاد البطل المغربي محمد بن عبد الكريم الخطابي ثورة ضد الإسبان، تصدت إسبانيا لها بالتحالف مع فرنسا، وحاول الجنرال فرانكو دغدغة المشاعر القومية لسكان سبتة ومليلية، لدعمه في حربه ضد حكومة الجبهة الشعبية، واعدًا إياهم بالاستقلال إذا ما تولى السلطة، واستطاع بذلك تجنيد الآلاف منهم في الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936م، ثم لم يف بوعده. جددت الحكومات المغربية المتعاقبة دعوتها باستعادة المدينتين المحتلتين، ماهو الجديد فى هذا الشأن؟ دعا الوزير الأول السابق عباس الفاسي إسبانيا إلى الحوار من أجل إنهاء احتلال سبتة ومليلية والجزر المجاورة لهما: "ندعو الصديقة إسبانيا إلى الحوار مع المغرب من أجل إنهاء احتلال هاتين المدينتين المغربيتين والجزر السليبة المجاورة لهما وفق منظور مستقبلي". وأوضح أنه يتعين أن يأخذ هذا المنظور "بعين الاعتبار المصالح المشتركة للبلدين والحقائق الإستراتيجية والجيو - سياسية الجديدة، التي تجعل تجاهل حق المغرب في استرجاعها، لا يساير روح العصر، وعلاقات حسن الجوار والشراكة الإستراتيجية بين المملكتين المغربية والإسبانية".، وبعد يوم ردت حكومة إسبانيا على تصريح الوزير الأول المغربي بتوكيد "سيادتها" على مدينتي سبتة ومليلية في شمال المغرب، حيث صرحت ماريا تيريزا فرنانديز دو لا فيغا نائبة رئيس الحكومة الإسبانية سابقًا أن "السيادة والطابع الإسباني لسبتة ومليلية ليسا مطروحين للنقاش في أي شكل من الأشكال"، وأن المغرب الذي "نقيم معه علاقة جيدة، يعرف هذا الموقف"، في ظل هذه الأجواء قدمت الحكومتين المستقلتين لسبتة ومليلية (نظام تسييري خاص بالمدينتين) طلبا رسميا إلى الاتحاد الأوروبي للانضمام إليه، لإنهاء وضعهما الاستثنائي والخاص الممتد على مدى نحو قرن ونصف القرن، إلا أن الطلب لم يستجب له. يتسم ملف العلاقات المغربية - الإسبانية بالغرابة، فالمتأمل للرسم البياني لهذه العلاقات، يجد الخط الاقتصادي والتجاري يعلو كثيرا فإسبانيا الشريك الاقتصادي الثاني للمغرب بعد فرنسا، في حين أن خطوط العلاقات السياسية والدبلوماسية تنحدر نتيجة تواصل احتلال إسبانيا للمدينتين.. ما تعليقكم؟ السبب أننا في المغرب تعلمنا كيف نميز بين الإشكالات الخطيرة، التي تطرحها علينا ذاكرتنا المشتركة مع جيراننا، وكيف يمكن أن نشتغل على جبهات أخرى إن صح التعبير، وفي الأمر ذكاء خاص أملى على قادتنا إبداع مسلسل الإنصاف والمصالحة، الذي استفدنا منه كثيرًا في التأسيس لتجربة "مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية و السلم" ، فمن ضمن ما نشتغل عليه التفكير في حل لمستقبل سبتة و مليلية والجزر في اطار حل كامل لمشكلات ما نسميه " مشكلات الذاكرة المشتركة، وللعلم هناك مشكلات كبيرة جدًا عالقة بين المغرب وإسبانيا أخطرها اتهام إسبانيا من قبلنا بقصف الريف وساكنته شمال المغرب أيام الاستعمار بقنابل سامة تسبب اليوم أخطر السرطانات. وبم تعلقون على إعادة الملك محمد السادس طرح اقتراح والده بتكوين «خلية تفكير» بشأن المدينتين وماذا كان رد الفعل الإسباني على المستويين الشعبي والرسمي؟ مع الأخذ في الاعتبار أن الدستور الإسباني لم يضع حدودا للتراب الإسباني والمناطق المكونة للدولة، وترك الباب مفتوحا أمام إمكان إعادة المدينتين إلى المغرب أو الاستقلال. صحيح، وضعية المدينتين في الدستور الإسباني جد ملتبسة، وقد أصبحت المنطقة منذ عام 1992م تتمتع بحكم ذاتي داخل إسبانيا بقرار البرلمان الإسباني، وهي صيغة لا تتضمن إقامة برلمان مستقل، بل جمعية ثم مجلس للحكومة ورئيس، ويحمل النواب ال25 في الجمعية صفة مستشارين، وفي الأمر انعكاس لعدم وضوح الرؤية جيدا للقادة الإسبان، و عدم انسياق الأوروبيين معهم في أوهامهم الاستعمارية. عودة إلى سؤالك، يعرف الجميع أن كل الحكومات الإسبانية التي جاءت في مرحلة الديمقراطية بعد انتهاء عهد الجنرال فرانكو، ظلت ترفض الاعتراف بمغربية سبتة ومليلية، وبالرغم من زوال نظام فرانكو، فإن موضوع المدينتين بقي كخط أحمر من اختصاص المؤسسة العسكرية لا يجوز للحكومات المتعاقبة الاقتراب منه، أو إعادة النظر فيه. وفي عام 1985م اقتنع المغرب بأن موضوع المدينتين يمكن أن يؤدي يوما ما إلى نزاع عسكري، فبادر الملك الراحل الحسن الثاني إلى اقتراح إنشاء "خلية للتفكير" بين الرباطومدريد، للبحث في حل وسط للنزاع بشكل متفق عليه بين الجانبين، وإيجاد صيغة متفاهم عليها لحكم المدينتين بشكل مشترك، لكن الحكومة الإسبانية آنذاك رفضت الاقتراح، ولم يعد الملك إلى إثارة الموضوع مجددا بعد ذلك، ثم أثاره مجددا عام 2002م سلفه الملك محمد السادس، لكن للأسف تبعه صمت رهيب من طرف الإسبان، وفهم المغاربة أن إسبانيا قد تقوم بأدوار سلبية في قضية الصحراء المغربية، إن استمرت مطالبة المغرب بالمدينتين والجزر. خلال المفاوضات التي جرت بين الرباطومدريد سنة 1975م بشأن الأقاليم الصحراوية، اشترطت إسبانيا على المغرب الالتزام بشرطين أساسيين: الأول السماح لأسطول الصيد الإسباني بالصيد في المياه الصحراوية المغربية المقابلة لجزر الكناري، والثاني: أن يمتنع المغرب عن طرح ملف سبتة ومليلية قبل مرور 10 سنوات على اتفاقيات مدريد التي وقعت عام 1976م، ألا يعنى هذا موافقة ضمنية من المغرب على ترك المدينتين في قبضة الإسبان؟ لا ينبغي تفسير صمت المغرب لفترات معينة عن احتلال سبتة ومليلية والجزر المتوسطية بأنه تخل عن حق فرض السيادة، على الرغم من أنه حق غير قابل للتقادم، ذلك أن السياسة المغربية اتسمت بالواقعية السياسية، إلى جانب تعقد الملف المغربي الإسباني، حيث إن المغرب الذي كُتِب له تاريخيا أن يحتل تدريجيا، لم يكن له من اختيار إلا أن يستكمل وحدته الترابية تدريجيا لتعدد مستعمريه، ولتنوع ظرفيات وأسباب الاحتلال وتاريخيته.. صحيح ملف الصحراء المغربية فرض على المغرب نوعا من مهادنة الجبهة المتوسطية، واختيار الشرعية الدولية مقاربة لمعالجة خلافاته مع جيرانه، ولتدبير ملفاتها ولإحقاق حقوقه السيادية على ترابه المحتل. فالحقوق المغربية يكفلها القانون والمنطق التاريخي والمعطيات الجغرافية، على الرغم من المحاولات الإسبانية لتغييرالواقع الديموغرافي والعقدي والاجتماعي تحت مسميات تحاول شرعنتها دون طائل لعدة أسباب، لعل أهمها: تمسك المغاربة المقيمين بالثغور بجنسيتهم المغربية والدعاء لملك المغرب في مساجدهم، وارتباطهم بوطنهم الأم وهويتهم العقائدية، وامتداد النسيج الاجتماعي بين المناطق المحتلة والتراب الوطني دون اعتراف بالحدود الوهمية، وعدم تخلي الدولة المغربية عن سيادتها على هذه الجيوب المحتلة. ما رأيكم فيما أكده الدبلوماسي الإسباني أنجيل مانويل باليستيرو في كتاب "سبتة ومليلية" أوليفانزا وجبل طارق.. أين تقف إسبانيا" الصادر عام 2003م عن إمكانية عودة سبتة ومليلية للمغرب حينما تسترجع إسبانيا صخرة جبل طارق، مستدلا بما أسماه أنموذج موناكو، هل تعتقدون بصواب هذه الرؤية؟ ولماذا؟ السيد أنجيل مانويل باليستيرو، طرح في الكتاب ما كان قد ذهب إليه السيد ماكسيمو كاخال مستشار الرئيس الإسباني السابق رودريغيس ساباتيرو، الذي أكد أنه حينما تسترجع إسبانيا صخرة جبل طارق يمكن عودة سبتة ومليلية إلى المغرب، معيدا بقوله هذا قضية سبتة ومليلية إلى الواجهة، ومشيرا أن الرباط تعلم جيدا أن المسار القانوني لا يمكن أن يضمن عودة السيادة المغربية على المدينتين، ولكن المسار السياسي هو الأكثر قابلية للعمل به، وأضاف وهو العالم بخبايا الأمور وسيرها القانوني، في عز مطالبة بعض الاطراف المغربية بضرورة الالتجاء إلى محكمة العدل الدولية، أن المغرب لن يطرق أبدًا أبواب محكمة العدل الدولية، لأنه يدرك أن حظوظه ضعيفة. وقد لاحظ في كتابه أن الحالة نفسها تنطبق على صخرة جبل طارق، التي قرر سكانها بنسبة عالية جدا 98.48 بالمائة في استفتاء 7 نوفمبر 2002م رفض السيادة المشتركة الإسبانية البريطانية على الصخرة، وخلص إلى أن أوجه التشابه بين الحالتين تكمن في رأيه آنذاك بخلو جداول أعمال اجتماعات اللجنة الرابعة التابعة للأمم المتحدة الخاصة بتصفية الاستعمار من أية إشارة لحالة صخرة جبل طارق. وانتهى باليستيرو كما انتهى سابقه ماكسيمو كاخال إلى الحديث عما "أسماه بالطريق الثالثة"، التي يمكن أن تضمن تسوية سياسية للحالتين معا بالنسبة لسبتة ومليلية وصخرة جبل طارق، مستدلا بما أسماه نموذج موناكو، ومنذاك وإلى اليوم جرت مياه كثيرة تحت جسر العلاقة المغربية الإسبانية والعلاقات الدولية. بالنسبة لكم في مركز الداكرة المشتركة من أجل الديمقراطية و السلم، ما مقترحاتكم لحل هده القضية، خصوصا أن مركزكم يستقطب كبار المفكرين والسياسيين المغاربة، وقد حضر إحدي ندواتكم وزير الخارجية الإسباني السابق السيد موراتينوس بمعية السيد عمر عزيمان مستشار الملك؟ مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم ، مؤسسة مدنية - حقوقية مستقلة عن السلطات الرسمية والتيارات السياسية والعقائد الدينية، فهو متخصص في قضايا الذاكرة المشتركة للمغاربة مع مكونات محيطهم الجغرافي والسياسي، في أبعادها الحقوقية والسياسية والتنموية كموضوع، وبقضايا بناء الديمقراطية والسلم وحقوق الإنسان و ثقافتها، وبقضايا المواطنة وثقافتها كمعرفة ومجال اختصاص. وقد عقدنا ندوة وطنية حول هذا الموضوع قبل سنوات، وانتهينا إلى ضرورة وضع كتاب أبيض أشبه بمرافعة قانونية وسياسية وثقافية حول الثغور المحتلة لصالح استرجاعها، تسهم في إنجازه مختلف القوى السياسية والمدنية والأكاديمية، وتقام حوله لقاءات، وكان هذا مقترح الصديق محمد بن عيسى وزير خارجية المملكة الأسبق، الذي حضر اللقاء بصفته المدنية، كذلك تضمنت التوصيات خلق شبكة وطنية خارج النمطية، للترافع حول الملف والضغط ضمن عمل تنسيقي وإستراتيجي متكامل مع مختلف القوى المجتمعية (أحزاب، مركزيات، شخصيات، إلخ).. والاهتمام بأوضاع المغاربة الذين يعيشون بالثغور المحتلة من خلال تطوير أشكال عمل لمساندتهم، والضغط للاعتراف بحقوقهم السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والدينية، وطالبنا الأحزاب بإحياء فروعها بأوروبا وبالذات في إسبانيا وعلى الأخص بالثغور المحتلة، وفتح الباب أمام المغاربة من هذه الثغور لولوج الهيئات التقريرية بالأحزاب، مع تأكيد أهمية عقد ندوات فكرية حول الثغور المحتلة لاستقصاء الآراء وجمع المعطيات وتكوين مجلدات وثائقية وقواعد معطيات تخدم القضية الوطنية، وعقد مناظرات يحضرها باحثون وخبراء دوليون بمن فيهم الإسبان، وتنظيم لقاءات حول هذا الملف مع دعوة الهيئات السياسية والإعلامية والشخصيات الوطنية لتعميق النقاش حوله، لبلورة مواقف تدعم الإجماع الوطني وأشكال عمل تساعد على استدامة راهنية الملف، مع الاشتغال داخل الهياكل المدنية (الشبكة الأورومتوسطية، الأرضية غير الحكومية، مؤسسة الثقافات الثلاث.. إلخ) عبر إطلاق آليات حوار تمكّن من كسر الجليد حول الملف، خصوصا أن المغرب يشكل حاجزا بين إسبانيا والحركات الجهادية، ومنها فرع القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، فوجود المدينتين والجزر تحت السلطات الإسبانية يخدم الحركات الجهادية التي أصبحت منذ يناير 2007م، مرتبطة بتنظيم القاعدة.