الحكومة ترفع الحد الأدنى للأجر في النشاطات الفلاحية وغير الفلاحية    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وموجة برد مرتقبة من السبت إلى الثلاثاء بعدد من مناطق المملكة    تراجع كمية مفرغات الصيد البحري بميناء المضيق    طنجة: توقيف 55 مرشحا للهجرة غير النظامية وحجز أربعة زوارق مطاطية    استعدادا لرحيل أمانديس.. مجلس مجموعة الجماعات الترابية طنجة-تطوان-الحسيمة للتوزيع يعقد دورة استثنائية    سيارات اجرة تطارد سيارة "تطبيقات" بطريقة هوليودية بالرباط (فيديو)    "جبهة دعم فلسطين": احتجاجات مناهضي التطبيع تتعرض لتجريم عملي وإدانة 13 ناشطا بسلا "سياسية"    الجولة 16 من الدوري الاحترافي الأول .. الرجاء يرحل إلى بركان بحثا عن مسكن لآلامه والجيش الملكي ينتظر الهدية    نهضة بركان يطرح تذاكر مباراته ضد الرجاء    بورصة البيضاء تغلق التداولات بالأحمر    وفاة الرئيس التاريخي لمجموعة "سوزوكي" أوسامو سوزوكي    الخطوط الأذربيجانية تعل ق رحلاتها إلى سبع مدن روسية بعد حادث تحطم الطائرة    منظة تكشف عدد وفيات المهاجرين بين طنجة وإسبانيا خلال 2024    "الاتحاديات" يطالبن بقانون أسرة واضح يحمي القاصرات ويؤكد الخبرة الجينية    بقنبلة زُرعت في وسادته.. إسرائيل تكشف تفصيل عملية اغتيال إسماعيل هنية    الرئيس الألماني يعلن حل البرلمان ويحدد موعدا لإجراء انتخابات مبكرة    رفض دفوع الناصري وبعيوي يثير غضب المحامين والهيئة تستمع للمتهمين    صديقة خديجة الصديقي تعلن العثور على والد هشام    هل يُجدد لقاء لمجرد بهاني شاكر التعاون بينهما؟    بلغ 4082 طنا.. جمعية تشيد بزيادة إنتاج القنب الهندي المقنن    فوج جديد من المجندين يؤدي القسم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    ألمانيا: حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة    الحكمة المغربية بشرى كربوبي تحتل الرتبة الخامسة عالميا والأولى إفريقيا    حضور وازن في المهرجان الدولي للسينما و التراث بميدلت    فنانات مغربيات تتفاعلن مع جديد مدونة الأسرة    ما حقيقة اعتزال عامر خان الفن؟    اختتام ناجح للدورة الخامسة لصالون الإلهام الدولي للفن التشكيلي بتارودانت    الوداد البيضاوي يعلن تعيين طلال ناطقا رسميا للفريق    دوري أبطال افريقيا: تحكيم بوروندي لمباراة الجيش الملكي ومانييما أنيون الكونغولي    معارض جزائري ل "رسالة 24 ": الاحتقان الرقمي مقدمة لإمكانية وقوع انفجار اجتماعي في المستقبل وعودة الحراك السياسي إلى الشارع الجزائري    الصين تجهز روبوت لاستكشاف القمر    لقاء تواصلي حول وضعية الفنان والحقوق المجاورة بالناظور    تقرير أمريكي: المغاربة أكثر الشعوب تعايشا وتسامحا في العالم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    المصادقة على مقترحات تعيين في مناصب عليا    بايتاس: إعداد مدونة الأسرة الجديدة مبني على التوجيهات الملكية والنقاش مستمر في مشروع قانون الإضراب    الجولة 16.. قمة بين نهضة بركان والرجاء والجيش يطمح لتقليص الفارق مع المتصدر    غوارديولا يتحدث عن إمكانية عقد صفقات جديدة في يناير    تراجع أسعار الذهب وسط ترقب المستثمرين للاقتصاد الأمريكي    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    ارتفاع ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة بالرباط ب 4 في المائة عند متم أكتوبر    التحكيم المغربي يحقق إنجازًا عالميًا.. بشرى الكربوبي بين أفضل 5 حكمات في العالم    طعن مسؤول أمني تونسي خلال عملية إيقاف مطلوب للعدالة بتهم الإرهاب    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    الحكومة تحدد شروط منح تعويض لمؤطري التكوين المستمر بوزارة التعليم    مجلس الحكومة يصادق على قائمة الرخص الاستثنائية التي يستفيد منها القضاة    علماء: تغير المناخ يزيد الحرارة الخطيرة ب 41 يومًا في 2024    "ما لم يُروَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز".. قصصٌ توثيقية تهتم بالإنسان    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النخب المغاربية وأسئلة الإصلاح موضوع ندوة علمية وفكرية بكلية الحقوق بسطات
نشر في ناظور24 يوم 18 - 11 - 2013

نظم مختبر الأبحاث حول الانتقال الديمقراطي المقارن وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة الحسن الأول بسطات، بشراكة مع المؤسسة الألمانية هانس سايدل الندوة المغاربية الثالثة حول موضوع " النخب المغاربية وأسئلة الإصلاح و ذلك يومي الجمعة والسبت 15 و16 نونبر 2013 بمدرج الندوات بالكلية. وتندرج هذه الندوة التي شارك فيها ثلة من الباحثين من الأقطار المغاربية الخمسة (تونس، الجزائر، ليبيا، موريتانيا والمغرب). في إطار سلسلة من الأنشطة والندوات الوطنية والدولية والمغاربية التي يعتزم مختبر الأبحاث حول
الانتقال الديمقراطي المقارن القيام بها، وفي إطار "تعميق النقاش الأكاديمي حول دور النخب في قيادة وتأطير ومواكبة مسلسلات الإصلاح المتعثرة ومواجهة تحديات العولمة" .
وبعد كلمات الافتتاح الترحيبية لنائب رئيس جامعة الحسن الأول بسطات السيد رياض فخري، وكلمة السيد المسكيني السعيد نائب عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وكلمة السيدة جوليت بورزنبرجر ممثلة المؤسسة الألمانية هانس سايدل، وكلمة الدكتور عبد الجبار عراش مدير مختبر الأبحاث حول الانتقال الديمقراطي المقارن تلا الدكتور نجيب الحجيوي رئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق سطات ونائب مدير مختبر الأبحاث حول الانتقال الديمقراطي المقارن باسم المختبر التقرير التمهيدي للندوة المغاربية الذي ركز في مستهله المختبر أن الثورات العربية قد طرحت عدة أسئلة وعلامات استفهام خصوصا بعدما تسربت العديد من الشكوك إلى وعينا المشترك والمرتبطة بعدم قدرة المجتمعات الثائرة على الخروج من فلسفة الفوضى وبراثن الفتنة. تم أن العديد من هذه التوجسات يقول التقرير التمهيدي للندوة نابع من انقلاب الثورة على نفسها وخروجها عن أهدافها المفترضة والتي تتجلى على الأقل في عدة عوامل منها تفكيك البنيات السلطوية والاستبدادية واستبدالها ببنيات ليبرالية وديموقراطية، وتأسيس مشروع مجتمعي ودولتي قادر على إحداث تغييرات جذرية، مع الرفع من مؤشرات التنمية البشرية والسياسية، وخلق مؤسسات منتخبة قادرة على تمثيل المواطنين والتعبير عن هواجسهم و الإجابة عن مطالبهم العمومية، واسترجاع المواطن لسلطته المفقودة حتى يتمكن من الانخراط في السياسات العمومية.
إن هذه الرهانات وغيرها تبدو صعبة المنال على الأقل في المدى القريب وذلك بسبب التخوفات الناتجة عن عدم قدرة النخب المغاربية على تأطير زمن ومسار الثورة ، وعدم امتلاك هذه النخب للأجوبة على القضايا الكبرى للدولة والمجتمع، مع تميز الفكر السياسي المغاربي بالتناقض و التسرع و الغرق إما في الأصولية أو في المرجعيات الغربية و انقسام بنيات العقل المغاربي إلى بنيات مغلقة وإقصائية وبنيات سلطوية ومستبدة .
أمام هذه التحولات والتخوفات العامة، تطرح العديد من الأسئلة بالنسبة للمنطقة المغاربية، على اعتبار أن بلدان المغرب والجزائر وموريطانيا لم تعرف ثورات كما عرفتها كل من ليبيا وتونس. والصحيح هو أن هذه الأنظمة التي لم تشهد ربيع الثورات، بل عرفت بالمقابل محاولات وحركات احتجاجية تجاوبت معها هذه الأنظمة بشكل متفاوت.
فالنسبة للمغرب، تجاوبت المؤسسة الملكية مع مطالب الشارع العام بشكل مستمر، عبر خطب ثورية قوية ، مما أدى إلى إحساس المواطن المغربي بنوع من الارتياح السيكولوجي وأن النظام السياسي جاد فيما يقترحه، زد على ذلك أن القوات الأمنية استطاعت أن تؤطر مختلف الحركات الاحتجاجية بنوع من الحيطة والحذر والابتعاد عن المنطق الأمني الصارم. لكن المؤسسة الملكية لم تكتف بالخطاب فقط، بل سارعت إلى إنتاج مخرجات مهمة ومنها:
- تشكيل لجنة مكلفة بوضع دستور جديد يجسد المطالب العمومية، عبر تلقي مذكرات من مختلف الفعاليات، ناهيك عن
إجراء انتخابات برلمانية بمؤشرات النزاهة والمصداقية، وصعود الإسلاميين إلى الحكم مما أدى بالمقابل إلى التحكم نسبيا في الشارع العام.
أما في الجزائر، فإن جل الحركات الاجتماعية الاحتجاجية كانت من جهة حركات هشة لم تستطع إنتاج خطابات مضادة للنظام الجزائري، ومن جهة أخرى فإن مختلف القوات العمومية احتلت بالكامل جغرافية الاحتجاج وأحكمت قبضتها بشكل صارم على جميع مدخلات الثورة، والغريب هو أن النظام السياسي الجزائري لم يبادر إلى إنتاج أي مؤشر للإصلاح والتغيير ( لا تعديل دستوري ولا نتائج انتخابية نزيهة ) بل ظل المواطن الجزائري يدور في حلقة مفرغة وكأن الأمر لا يعنيه .
أما في موريتانيا، فإن الوضع أسوء ويدعو للاستغراب ذلك أنه رغم بعض الحركات الاجتماعية التي اتخذت طابعا احتجاجيا، فإن الأمر لم يسفر عن أي تهديد للنظام السياسي الموريتاني، فلا الحركات استمرت في مطالبها ولا النظام بادر إلى إنتاج مخرجات على الأقل لإحداث نوع من الاطمئنان للشعب الموريتاني.
أمام هذه الحالات الصعبة، يلاحظ أن هناك شعوبا قد ثارت ولم تحقق أهداف الثورة، وشعوبا لم تثر وحققت التغيير والإصلاح النسبيين، وشعوبا تخوفت من الثورة، وشعوبا بدأت فتراجعت. في هذا الصدد، تثار أسئلة عدة من قبيل أنه كيف يمكن للباحثين والفاعلين تأطير ما يقع والإجابة عن مختلف الحالات والوضعيات خصوصا في منطقتنا المغاربية ؟ ولماذا ثارت بعض الشعوب ولم تثر أخرى ؟ هل تعتبر الشعوب التي ثارت أحسن حال من غيرها ؟ تم لماذا لم تستطع هذه الشعوب الخروج بسرعة من دائرة العنف و الاغتيالات ؟ وماهو الفرق بين الثورة والفتنة والحرب الأهلية ؟ تم ما الذي يحول دون تحقيق أهداف الثورة خصوصا في المجتمعات المركبة والمتناقضة ؟ وإلى أي مدى ساهم التوظيف السياسي للربيع الديمقراطي في إفراز تغيير مستدام للعلاقة بين المواطنين والمجال السياسي؟ و هل حدث تغيير في تركيبة النخب؟ تم ما هو دور النخب في إحداث التغيير ومقاومة الترددات والتراجعات ؟ وما هو دور النخب خصوصا الفكرية والسياسية في تأطير زمن وتموجات الثورة ؟ تم هل تمتلك هذه النخب الجديدة القدرة والإرادة لتأطير التغيير؟ وهل تعكس هذه الصراعات تصارع النخب وتضارب مصالحها ؟.
لقد أبانت الثورات العربية والمغاربية بالتحديد أن النخب تتخبط في أزمة تتلخص في عدم وعيها باللحظة التاريخية، في ضعف فهمها للحركات الاحتجاجية، وبالتالي في عدم قدرتها على تأطير ما يقع ، وترسخت القناعة بأن الأمر مرتبط أشد الارتباط بسوسيولوجية معقدة تفسر بكون الشعوب العربية لم تشهد لا صدمات تاريخية ولا ثورات مفاجئة ولا قطائع حضارية وبأن الأنظمة العربية لم تراكم مرجعيات ديموقراطية في مجال السلطة السياسية والحكم يمكن الرجوع إليها. إن صدمة الثورات وفجائيتها وعدم توقع النخب السياسية للحراك الشعبي ولدت بالمقابل وبعد مرور أزيد من سنتين من الحلقات المفرغة، شعورا أن الثورة تحتاج إلى شروط ومرجعيات ونخب قادرة على ضبط انحرافات و انزلاقات ومتاهات الحماس الزائد بغية معرفة الخيوط والحدود الفاصلة بين الثورة والفتنة والحرب الأهلية وتفادي انهيار الدولة وتفكك الشعوب.
تأسيسا عليه، يلاحظ أن الشعوب الأخرى التي لم تثر، أصبحت تتوجس من منطق الثورة ، والشعوب التي بدأت بدت وكأنها تردد كلمة '' يا ليتني ما بدأت '' في حين أصبحت الشعوب التي ثارت تكرر كلمة '' لو كنت أعرف خاتمتي ماكنت بدأت ''.
إن الفكر السياسي المغاربي وبسب افتقاره إلى مشروع مجتمعي ( اقتصادي ، سياسي ، ديني واجتماعي ) سيظل يعاني ومعه الشعوب العربية، فهو فكر شارد، فكر افتراضي يشتغل على الورق وليس على الواقع ، فكر إما أنه غارق في الأصولية المفرطة أو مسحور بالحداثة الغربية، إنه لم يستطع إنتاج فكر بديل قادر على تأطير خصوصيات المجتمعات العربية وضبطها وربطها بالحداثة العقلانية .
وإذا كان من الصعب إصدار أحكام قاطعة اتجاه لحظة الثورات العربية واتجاه لحظات التحولات الديمقراطية كما هي بادية في بعض الأنظمة العربية وأيضا اتجاه بعض حالات الاحتباس والتردد، بسبب عدم اكتمال المؤشرات الموضوعية وتباعد المسافات، فإن الشكوك بدأت بالمقابل تتسرب إلى أذهاننا و قلوبنا بسبب تداخل واختلاط الوضعيات التالية: الثورة، الانقلاب، نصف ثورة ونصف انقلاب، الفتنة، الحرب الأهلية، الفوضى اللاسلم، اللاحرب ، وضعية لا غالب ولا مغلوب ...
والتوجس العميق هو أن تستمر هذه الحالات أكثر مما نتصور. وقد شهدت الندوة المغاربية الثالثة تقديم مداخلات قيمة مقسمة عبر ثلاث محاور أساسية وهي:المحور الأول والذي يتحدث عن ديناميات وأليات إنتاج النخب في الأنظمة المغاربية، تم المحور الثاني الذي يهم خصائص النخب المغاربية ومرجعيات الإصلاح، وأخيرا المحور الثالث المتعلق بعوائق التغيير والانتقال .
حيث كان للمشاركين في الندوة المغاربية موعدا مع عشرون مداخلة علمية وزعت على أربع جلسات، وقد تر أس الجلسة الأولى للندوة الأستاذ والدكتور عبد المجيد اسعد نائب رئيس الجامعة وهمت مداخلات السادة المحاضرين الأستاذ والدكتور رجب الضو خليفة المريض أستاذ بكلية الاقتصاد جامعة الزيتونة ببني وليد في موضوع " تجارب انتقال السلطة في دول الثورات العربية"، والأستاذ الدكتور حسن طارق أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات حول موضوع " الدولة المدنية وإشكالية العلاقة بين الدين والدولة في سياق الربيع العربي"، ومداخلة الأستاذ الدكتور عبد الرحمان شحشي أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات حول موضوع " النخبة مقارنة في المفهوم" تم مداخلة الأستاذ الدكتور محمد شفيق صرصر أستاذ مدير شعبة العلوم السياسية بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس حول موضوع " النخبة والانتقال الديمقراطي في تونس بين ضرورة التوافق ونزعات الهيمنة".
أما الجلسة الثانية التي ترأس أشغالها الأستاذ والدكتور عبد الجبار عراش مدير مختبر الأبحاث حول الانتقال الديمقراطي المقارن فقد عرفت تدخل الدكتور صالح الزياني أستاذ ورئيس مخبر الأمن في المتوسط قسم العلوم السياسية كلية الحقوق بجامعة باتنة الجزائر في موضوع" النخب في الجزائر وإشكالية التفاوض على سياسة التغيير" ومداخلة الأستاذ والدكتور محمد الرضواني أستاذ بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور، جامعة محمد الأول بوجدة في موضوع "العلاقة بين النخب والجماهير والتحول الديمقراطي" ومداخلة الأستاذ الدكتور عبد الرحيم منار السليمي، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية جامعة محمد الخامس أكدال الرباط في موضوع "حالة الإصلاح في الدول المغاربية سنتين بعد الربيع العربي". ومداخلة الأستاذ الدكتور ولد محمد سيف أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية جامعة نواكسوط موريتانيا في موضوع " تدوير النخب وصعوبات الانتقال الديمقراطي بموريتانيا"، ومداخلة الأستاذ الدكتور محمد الغالي أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية جامعة القاضي عياض مراكش في موضوع " بروز نخبة التقنوقراط بين الهيمنة الحكومية ونكوص الشرعية السياسية"
وفي اليوم الموالي كان للمشاركين موعدا مع جلستين علميتين حيث ترأس السيد الدكتور شفيق صرصر أستاذ مدير شعبة العلوم السياسية بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس الجلسة الثالثة التي عرفت تدخل الأستاذ الدكتور حسن زواوي أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير حول موضوع " الانتقال الديمقراطي المغربي وأزمة النخبة السياسية" ومداخلة الأستاذ الدكتور محمد مونشيح، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة في موضوع " الإصلاح الدستوري بين النخب الحزبية وحركة 20 فبراير" ومداخلة الأستاذ الدكتور عبد الجبار عراش أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات ومدير مختبر الأبحاث حول الانتقال الديمقراطي المقارن في موضوع " إكراهات صناعة النخب السياسية الحزبية بالمغرب "، ومداخلة الأستاذ الدكتور نور الدين الزاهي، باحث في علم الاجتماع حول موضوع " النخبة السياسية والمسألة الاجتماعية" ومداخلة الأستاذ الدكتور بوحنية قوي مدير مخبر الديمقراطية التشاركية، أستاذ وعميد كلية الحقوق والعلوم السياسية ورقلة الجزائر في موضوع " عجز المجتمع المدني عن صناعة النخب – حالة الجزائر" ومداخلة الأستاذ الدكتورعبد السلام زاقود، أكاديمي ومفكر عربي من ليبيا في موضوع " دور المثقف المغاربي في المراحل الانتقالية لدول الربيع العربي".
أما الجلسة الرابعة والأخيرة والتي ترأس أشغالها الأستاذ والدكتور نجيب الحجيوي رئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق سطات ونائب مدير مختبر الأبحاث حول الانتقال الديمقراطي المقارن فقد عرفت تدخل الأستاذ الدكتور ادريس الكريني، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية جامعة القاضي عياض بمراكش ومنسق مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول تدبير الأزمات في موضوع " الحرية الأكاديمية في ضوء الحراك العربي" ومداخلة الأستاذ الدكتور محمد الغزالي، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية بسطات في موضوع " صناعة النخب الإدارية من خلال المرسوم المتعلق بالتعيين في المناصب السامية" ومداخلة الأستاذ الدكتور عبد العالي بنلياس، أستاذ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس في موضوع " النخبة العسكرية والسياسة في الوطن العربي" ومداخلة الأستاذ الدكتور دحمان بن عبد الفتاح، أستاذ رئيس مخبر الاندماج الاقتصادي الجزائري الإفريقي ونائب مدير جامعة أدرار بالجزائر في موضوع " البعد الاقتصادي والمؤشرات الكمية – هل من دور للنخب الاقتصادية؟" والمداخلة الأخيرة في الندوة المغاربية الثالثة كانت للأستاذ الدكتور مولاي الحسن تمازي، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات حول موضوع" مكانة الثقافة الضريبية لدى النخب ومطلب الإصلاح الجبائي".
وإجمالا فالندوة العلمية والفكرية تحدثت عن مفهوم " النخبة " عامة والمغاربية خاصة لأن إشكالية النخب تعد من المواضيع الأساسية التي يهتم بدراستها علم الاجتماع السياسي من حيث السيطرة السياسية و القيادة و الاتجاهات و الصراعات، و يهتم بالخصوص بدراسة النخبة في إطار دقيق جدا يتعلق بالتراتب الاجتماعي . وذكر المتدخلون في الندوة أن مفهوم النخبة أطلق لأول مرة لوصف السلع ذات الخصائص الممتازة وهو الاستعمال الذي كان شائعا خلال القرن 17. وأول استعمال لمفهوم النخبة في اللغة الانجليزية هو ذاك الوارد في " قاموس أكسفورد " و الذي يرجع إلى سنة 1823 ، حيث أطلق على فئات اجتماعية متميزة، و لم يستعمل المفهوم استعمالا واسعا في الكتابات السياسية و الاجتماعية في أوربا حتى فترة متأخرة من القرن 19، بل إنه لم يصبح كذلك في بريطانيا و الولايات المتحدة الأمريكية حتى سنة 1930 عندما انتشر عبر نظريات النخبة.
هذا عن مفهوم النخبة في الثقافة الغربية، أما المفهوم في الثقافة العربية الإسلامية فيعني الصفوة أو الخاصة أو أهل الحل و العقد أو أهل الشورى، و هي الفئات التي تمتاز بالوجاهة و الخبرة و الحظوة و القرب من السلطان نتيجة لأصولهم الاجتماعية أو موقعهم الاقتصادي أو مكانتهم العلمية أو الدينية وكل من يقدر على التأثير بصفة مباشرة على القرارات السياسية. تم أن هناك تعريف ضيق للنخبة يرتبط بفكرة الضبط و السيطرة السياسية، بيد أن التعريف الواسع للنخبة يشير إلى أي جماعة من الأفراد تتميز بخصائص لها قيمة محددة، كالمقدرة العقلية و الفكرية أو ما يطلق عليه " الأنتلجنسيا " أو النخبة الإدارية التي تصنع القرارات الإدارية و هي ما تسمى ب " التيقنوقراط "، إلى غير ذلك من الوظائف التي تشغلها النخب سواء في المجالات المدنية أو العسكرية أو الدينية ...
يستنتج من مختلف التعاريف أن النخبة تتميز بتعدد معانيها و حمولاتها و تطرح عاملي الصراع و التطور و تلتقي في إعطاء المفهوم، ذلك البعد المتمثل في القدرة على التأثير في مختلف مراحل اتخاذ القرار السياسي، و ذلك من وقت ظهور المشكل إلى صياغة الحل فالاعتماد، إلى التنفيذ ثم التقييم.
كما تتعدد أشكال النخب و تتنوع بتنوع المعايير، فعلى سبيل المثال لا الحصر يمكننا أن نميز النخب من حيث الانغلاق أو الانفتاح، ومن حيث الدور واتساع المجال الترابي أو ضيقه، ومن حيث ممارسة النخبة للحكم و كذلك من حيث الحداثة أو التقليد، وإذا كان سبب ظهور نظرية النخبة هو انتقاد الديمقراطية التمثيلية باعتبارها مظهرا كاذبا تعطي صورة مزيفة عن الديمقراطية الحقيقية، فتعتبر الانتخابات بالتالي و التمثيل السياسي مجرد " وهم " لخداع الجماهير، أما توزيع السلط في الدستور فيبقى شكليا وبدون معنى . كما أن نظرية النخبة تم إعدادها أيضا بالتعارض مع الماركسية. و بالتالي فأن منظروها سعوا إلى تحديد من يحكم في الواقع . إلا أن نظرية النخبة وجهت لها مجموعة من الانتقادات أهمها : تكريسها للفوارق الاجتماعية و اللامساواة ، تم كون أن روادها لم يكن تنظيرهم بريئا بل أيديولوجيا في خدمة هيمنة البورجوازية.
إن النخبة التي تنظر بعمق إلى الخارطة العربية والمغاربية خصوصاً، ترى أنها هناك نوع من التكالب والتقايض على الثروات، الأمر الذي يفرض بعض التحديات الاستراتيجية الحامية للمقدرات الاقتصادية المغاربية التي يجب أن تسهم فيها النخبة المغاربية في الظروف الحالية ومنها:
التحسيس بأهمية عقلنة الإنفاق الحكومي واستقلالية أجهزة الرقابة والتدقيق على الإنفاق العمومي، والتحسيس بأهمية المساءلة واستخراج الانحرافات بشكل دوري، وهذا قد يخص الدول المغاربية ذات الإنفاق العمومي الذي يعرف ارتفاعاً ملحوظاً. تم التحسيس الفكري والإعلامي بمخاطر الفساد على البنيان الاجتماعي الاقتصادي والسياسي والتحسيس بأهمية إرساء مقاربة أمنية مغاربية مشتركة لحماية الثروات المغاربية ذات الأطماع الأجنبية بشكل أخص. ناهيك عن التحسيس الفكري والإعلامي لمخاطر التهديدات العابرة للحدود والمتمثلة في المتاجرة بالأسلحة، المخدرات، الحركات الإرهابية، الهجرة غير الشرعية المرتبطة بالجريمة المنظمة.
ورأى المتدخلون أن أهم تحد يواجه الدول المغاربية، وقد يقف حائلاً أمام قطف ثمار التغيير الواعي والهادف هو مدى مقدرة سير القيادات المنتخبة ديمقراطياًً نحو التقارب وتحقيق الاندماج الاقتصادي المأمول، وذلك بالدفع بالمجتمع المغاربي نحو رسم خارطة طريق حقيقية للتكامل الاقتصادي، أخذاًً بفكرة: "أن التحول الحضاري لا يتم على يد بطل، أو حاكم، ولكنه يتم على يد الحكمة الجماعية وهي من المصلحين وقادة الفكر"، ونعتقد أن النخبة المغاربية ستكون حاضنة لهذا التحول، وهذا ما يحقق نهضة للمجتمع المغاربي بقدرته على الخروج من أحقاد مخططة له من طرف غيره، وفلسفة الفوضى وبراثن الفتنة، ليتأسس مشروع مجتمعي قادر على إحداث تغييرات جذرية على المستوى القطري وعلى المستوى المغاربي.
تم أنه ارتباطا بالنخب فإن الممارسة الديمقراطية إنما تتم عبر مؤسسات المجتمع المدني، فممارسة الحقوق الديمقراطية :"حق حرية التعبير،وحرية إنشاء الجمعيات والأحزاب،والنقابات والشركات والتعاونيات ،والحق في الملكية والحق في العمل،والحق في المساواة،وتكافؤ الفرص و بممارسة هذه الحقوق تنشأ مؤسسات المجتمع المدني،وبتغلغلها في جسم المجتمع تتعمق الممارسة الديمقراطية بدورها.
إن وقوف المجتمع المدني كحاجز إسفنجي بين الدولة والمجتمع،يجنب الدولة تفاعلات الوجه لوجه والصراعات المكلفة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا،لذلك فان إحياء مؤسسات المجتمع المدني " يشكل خطوة أساسية على طريق منع الصراعات من تدمير ما تبقى من عناصر التوحيد الوطني والقومي" ومن ثم فان " خروج الدولة من مأزقها البنيوي في المدى المنظور ليس بالأمر السهل ما لم يرد الاعتبار إلى المؤسسات المجتمع المدني ".
وسنعود بالتفصيل في مداخلات السادة الأساتذة الذين أبرزوا في مداخلاتهم لدور النخب العلمية والفكرية والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنية والرياضية والتقنوقراطية، والنخب السرية والعسكرية وتساؤلاتهم العلمية عن فحوى الإصلاح أيضا في مراسلة أخرى، كما تجدر الإشارة أن مختبر الأبحاث حول الانتقال الديمقراطي المقارن بسطات سيتكلف بطبع كتيب الندوة، وأن أشغال الدورة المغاربية الرابعة ستحتضنها مدينة ورقلة الجزائرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.