بمناسبة القمة العالمية الرابعة للقادة المحليين والجهويين لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة، التي تنعقد ما بين 1و 4 أكتوبر الجاري بالرباط، ومن اجل تقاسم ونشر هذه التجربة على مستوى كل الجماعات الترابية المشاركة في القمة. نظمت منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة ومديرية تأهيل الأطر الإدارية والتقنية -على هامش هذه القمة-، يوم الثلاثاء 1 أكتوبر 2013، بمقر المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، ندوة موازية حول "الإبداع والقيادة في التدبير المحلي: نموذج المواكبة الترابية بالمغرب". الندوة التي سير أطوارها ذ.علي بلحاج -رئيس مجلس الجهة الشرقية- تطرقت إلى العديد من المواضيع المرتبطة بمفهوم التدريب الترابي، وعرفت مشاركة مهمة لعدة أسماء تشغل مناصب مهمة على مستوى التدبير الترابي الجماعي على وجه الخصوص، سواء من داخل المغرب أو من خارجه. السيد نور الدين لزرق -رئيس المجلس الجماعي سلا ركز في مداخلته على إشكالية الباعة المتجولين، فيما السيد عبد الله الحديوي -رئيس الجماعة القروية لبوعنان- إلى السياحة التضامنية-، وتحدث السيد دومنيك لينوسيي -خبير ومكون- ضمن النقاط الأساسية في منهجية المواكبة على المستوى الترابي، عن مفهوم التآزر بين الفاعلين من أجل الدفع بالتنمية، كما شكل اللقاء بالنسبة للسيد جون لويس براطا فرصة للحديث عن البعد البشري في دينامية التغيير. وفي مداخلته بهذه المناسبة، أشار ذ.فؤاد العماري -عمدة طنجة، رئيس الجمعية المغربية لرؤساء الجماعات-، الذي قدم عرضا بعنوان "الابتكار والقيادة المحلية: رهانات التدبير الترابي" ، إلى أن التدريب الترابي أو المجالي، قد يعني يحيل على ما كان يسمى بالمقاربة الشمولية والمندمجة في معالجة شؤون الجماعات الترابية، مع توظيف مفاهيم جديدة ذات مضامين سيكولوجية وتربوية معاصرة. وشدد العماري على أن تدبير الشأن المحلي بكل تعقيداته وتحولاته، يتطلب الاعتماد على آليات ترتكز على الابتكار وعلى تجاوز الأساليب التقليدية التي تعود المسؤولون الجماعيون على التقيد بها لتدبير الشأن المحلي. ومن خلال النماذج التي تم استعراضها، والبرامج التي تمت الاستعانة فيها بالتدريب الترابي، - يضيف العماري- تبرز أهمية الإشراك الأفقي والعمودي لكل الفاعلين والمتدخلين في الوصول إلى فهم مشترك للأبعاد المختلفة للمشاكل، والقضايا التي تشغل الساكنة في مجال ترابي محدد، وكذا في تقديم الاقتراحات والأفكار التي من شأنها المساهمة في إيجاد الحلول الملائمة لها. وفي نفس الإطار ذكر العماري أن التدريب الترابي لا يقف فقط عند حدود الفهم والتشخيص، أو عند البحث عن الحلول للمعضلات المجالية؛ بل إنه يفتح المجال أمام الجميع لتحرير الطاقات قصد ابتكار المشاريع والبرامج لتطوير المجال الترابي وإرساء قواعد التنمية المستدامة، حيث يصبح الجميع في موقع يشعر فيه بتملك المشروع إلى درجة التماهي معه، مما يعزز، لدى الجميع، قيم التمسك بالمواطنة الصادقة القائمة على الشعور بالاعتراف المتبادل وبالإشراك البناء. واستطرد العماري في الحديث عن التدريب الترابي، والذي -يراهن لإنجاح التغيير الايجابي الذي يتوخاه- على تغيير سلوك الفاعلين والساكنة، ليتلاءم مع العلاقات الإنسانية الجديدة التي ينبغي أن تسود في الجماعات المحلية، من خلال إشراك أوسع المعنيين بالشأن المحلي في البرمجة والتنفيذ والتتبع والتقييم. ولعل هذه المنهجية الجديدة هي الكفيلة بتجميع وتكثيف مختلف الجهود، ومن شأنها، أيضا، زرع روح المسؤولية في المتدخلين، سواء كانوا من المنتخبين أو الناخبين أو المجتمع المدني أو مؤسسات الدولة أو النقابات أو غيرها. وختم العماري مداخلته بالإشارة إلى كون النتائج الأولية التي بدأت تظهر بوادرها في المجالات الترابية التي تم فيها اختبار التدريب الترابي، تجعل الحاجة تغدو ملحة لتعميم هذه المقاربة الجديدة في التكوين والتأطير، التي تولي الإهتمام للبعد العلائقي والإنساني بين مختلف المتدخلين، لتقوية القدرات التدبيرية لدى الفاعلين المحليين، قصد تأمين التنمية المستدامة التي تظل دائما هي مبتغى الجميع.