المحمدية تحتضن ذكرى اغتيال الاتحادي عمر بن جلون وسط حضور مكثف لاصدقاء المرحوم خلد أصدقاء ورفاق الشهيد عمر بن جلون الذكرى الاربعين لاغتياله وذلك في لقاء نظم بمسرح عبد الرحيم بوعبيد مساء اليوم الجمعة. وبعد قراءة الفاتحة على روح عمر وكل ضحايا الارهاب، اعتذر عبد الرفيع الجواهري عن غياب عبد الرحمان اليوسفي بسبب خضوعه للعلاج خارج المغرب. وقال الجواهري إن المنظمين لا يريدون أن تكون الذكرى مناسبة منبرية فقط تلقى فيها الخطب، لذلك هيأت اللجنة شريطا وشهادات وكتابا يوثق لمحاكمة القتلة انطلاقا من محاضر الضابطة والمرافعات والنص الكامل للحكم.
يذكر ان عمر بن جلون قد اغتيل سنة 1975، وبعد 40 سنة، مازال رفاقه الذين قضوا علاقتهم بحزب الاتحاد الاشتراكي، ومنهم من ينتظر، يحضرون ذكراه السنوية، قد يكون بعضهم جاء فعلا للوفاء لهذا الرجل الذي أعطى للحزب والوطن رغم أنه عاش فقط 38 سنة، لكن فئة أخرى يبدو أن الواجب الشكلي هو الذي كان محفزها، حيث مع انتهاء كل مداخلة من المداخلات السبع كانوا ينسحبون فرادى وجماعات، وتفضيل تجاذب أطراف الحديث بممرات مركب عبد الرحيم بوعبيد، حتى شكلت قهقهاتهم إزعاجا لمن هم داخل القاعة، من الذين بقوا أوفياء لروح بنجلون يسترجعون أقوى لحظات الشهيد عمر، الإنسان، الطالب المناضل، النقابي، المحامي، الصحافي، المفكر، الحقوقي..
تحدث عنه إنسانيا وأسريا ابن شقيقه محمود عمر بنجلون، وتحدث عنه رفيقه في النضال، محمد البازغي، واسترجع محمد البريني زميله في مهنة المتاعب، أما الأستاذ عبد العزيز بنزاكور، فعاد لزمن اغتياله وتداول هيئة الإنصاف والمصالحة لسجله، أما محاميه في الحياة والممات، الأستاذ برادة، فتساءل عن سياق استبعاد عدد من الرؤوس من قبيل مطيع والنعماني وإبراهيم كمال من الملف، أما حسن طارق فذكر بمدرسة بنجلون المستمدة من رفيقه المهدي بنبركة، مدرسة الأخلاق.. فمن يكون هذا الذي كأنما أمة اجتمعت فيه، أو كأنما هو جماعة في صيغة الفرد؟
رغم مرور 40 سنة، ورغم أن الذكرى سنوية، قد تعيد نفسها بنفسها، مما يجعل بعض ذكراه قد تمر مرور الكرام، دون ذكر أو همس، فإن مبادرة أسرة وأصدقاء بنجلون، المنظمة هذا المساء في المحمدية، حاولت أن تعطي لذكرى العقد الرابع، لمسة خاصة، وكأنما حتى الذكرى بلغت مبلغ عمر الرجال، جعل كل الفرقاء اليساريين يستجيبون للدعوة بالحضور، والصبر حتى الدقيقة الأخيرة من هذا الحفل، مما جعل عددا من المداخلات تتحدث عن ضرورة استثمار اسم بنجلون وما حققه من إجماع على تخليد ذكراه من أجل توحيد وتنسيق قوى اليسار، والتصدي لكل الأخطار التي تحدق بالصف الديمقراطي التقدمي وبالبلاد ككل، ويتمثل هذا الخطر في الإرهاب، مما جعل شعار الذكرى يتوافق مع هذا الأمر..
مع كل استرجاع لسيرة الراحل، كانت زفرة تنبعث من هذا أو ذاك، أو دمعة من هذا أو ذاك، أو آهة من هذا أو ذاك.. فما زالت لوعة الفراق صادمة لكل من عايشوا بنجلون، خصوصا مع حدث اغتياله بخلفية دينية، مهما حاول منفذو الجريمة التنصل منها واعتبار الحادث سوء تفاهم نتج عنه حادث القتل.. "ومع ذلك سامحنا قتلة عمي، يقول محمود عمر بنجلون، ابن شقيق الراحل، مضيفا، كنت في فرنسا لما تلقيت اتصالا هاتفيا من والدي الراحل أحمد بنجلون، طلب استشارتي بشأن قبول العفو على منفذي جريمة الاغتيال، حيث اتصل به مستشار الملك عالي الهمة من بيت الاتحادي الحليمي.. قلت له إن الأمر أكبر مني.. وتذكرت زيارة البابا لذلك الشخص الكردي الذي حاول اغتياله، وتذكرت مبادئ عمي عمر، بشأن أولوية الأخلاق على السياسة.." "عم مساء عمر"، تكررت لأكثر من مرة في عملية التنسيق بين الفقرات، التي أدارها عبد الرفيع الجواهري، هي كلمات ليست كالكلمات رثى بها المصري عبد المعطي حجازي، عمر بنجلون، في ذكرى سابقة.. "يستطيع ابن جلون أن ينهض الآن فالشهداء يموتون، كي يفرغوا للسهر عم مساء عمر يتململ في رقدته عمر وينهض نصف نهوض محتضنا في يده قلبه أو عصفورا مبتلا ويصيح لصوت يعرفه يفجؤه الصوت للذكرى المهدي ويرتقيان معا درج الزمن السري يستطيع ابن جلون أن يبدأ الآن فالفقراء يعيشون في أمة الفقراء التي لا تموت ولا تندثر يتذكر عمر قيسارية غرناطة إذ كان عجوزا سقاء ينظم شعرا ملحونا ويغنيه عن قرب رجوع المهدي وفك الأسرى..."