تعيش منذ خمس سنوات عائلة تريبش القاطنة في بلدية أهل القصر بولاية البويرة بالجزائر، وسط حالة من اليأس، بسبب ما أصاب ابنتها شهرزاد، ذات العشر سنوات، التي أدمنت شرب غاز البوتان إلى درجة جعلتها لا تستطيع التخلي عن هذه العادة الغريبة. يذكر رزقي،والد شهرزاد المصابة بالتخلف الذهني، أنه اكتشف حالتها عندما كان عمرها لا يتعدى خمس سنوات، حين لاحظ أن قارورات غاز البوتان، التي كان يقتنيها تنفد في وقت قياسي، وازدادت حيرته حينما أصبحت القارورات، التي يقتنيها تنفد قبل استعمالها، إلى أن اكتشف ذات يوم السر، الذي حيره لمدة طويلة، حين صادف ابنته، وهي تفتح إحدى القارورات وتشرب ما بداخلها، ومن يومها تحولت حياة هذه العائلة المعوزة إلى كابوس حقيقي، كون الوالد عاطل وعاجز عن سد حاجيات أسرته، المشكلة من 8 أفراد، فما بالك بقارورة غاز كل يوم. وعن حالة ابنته، أشار الوالد إلى أنه لا يستطيع منعها، إذ حاول مرارا فعل ذلك فكانت في كل مرة تهرب من البيت، وتلجأ إلى الجيران وتكرر العملية عندهم، وإن تعذر عليها ذلك، تصاب بحالة عصبية غريبة، وتركض باتجاه أقرب مكان عال لتتسلقه، وكثيرا ما تتسلق العمود الكهربائي القريب من بيتهم المتواضع، وحدث مرة أن سقطت منه وأصيبت بجروح في الرأس. وعن الكمية التي تتناولها قال والدها إنها تشرب في اليوم قارورة كاملة، بحيث لا تتوقف عن عادتها كلما سمحت لها الفرصة بذلك، والمذهل في الأمر هو حتى القارورات، التي يصعب على الأقوياء فتحها، تفتحها بأصابع يدها الصغيرة بسهولة وكأن قوة أخرى تساعدها على ذلك. الظروف الاجتماعية الصعبة لم تسمح للوالد بأخذ ابنته لأطباء مختصين لتفسير سبب إصابتها ومعالجتها، واكتفى بحملها إلى بعض الأطباء العامين، الذين وقفوا عاجزين عن تفسير هذه الحالة، واكتفوا باعتبارها معاقة ذهنيا. لكن هذه الإعاقة لا تظهر على شهرزاد، وأنت تتحدث إليها، إذ لا تسمع منها إلا عبارات توحي بأنها متدينة حين تمزج العبارات الأمازيغية بكلمات سبحان الله، وما شاء الله. أما إن حدثتها عن العلاج والطبيب فترد عليك بأنها ترفض ذلك، وتجيبك بأن علاجها عند الطالب أو الدرويش، رغم أن والدها يؤكد بأنها لم تزر في حياتها لا "طالبا" ولا "درويشا"، الأمر الذي جعل بعض جيرانها يشكون بأنها مصابة بمرض روحاني. هذا التفسير يرفضه الوالد، الذي أكد أنه في أمس الحاجة للمساعدة حتى يتمكن من معالجتها لدى المختصين، فوضعه الحالي يجعله عاجزا عن توفير لقمة العيش لأبنائه الستة، وهو ليس قادرا حتى على توفير وسيلة نقل ينقلها بها إلى مختص والتكفل بعلاجها، مما يجعله في أمس الحاجة إلى مساعدة السلطات العمومية لمعالجة ابنته، وعبر عن ذلك قائلا "الناس يوفرون لمرضاهم الدواء، وأنا أسعى من أجل توفير قارورات الغاز لابنتي وكالات