قال وزير العدل والحريات مصطفى الرميد إن العقار في المغرب يكتسي كما هو الحال في العديد من الدول أهمية قصوى لما له من دور فعال في التنمية وخلق فرص الاستثمار المهيكل والمنتج. وأوضح الرميد اليوم الأربعاء بفاس خلال افتتاحه لأشغال المؤتمر ال26 لموثقي إفريقيا الذي ينظمه المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب تحت إشراف لجنة الشؤون الإفريقية التابعة للاتحاد الدولي للموثقين تحت شعار "التحكم ضبط وتدبير الوعاء العقاري .. تحديات التنمية الاجتماعية والاقتصادية"، أن الوعاء العقاري ورغم أهميته ظل في المغرب ولمدة ليست يسيرة يعاني من مشاكل متعددة بسبب الأنظمة المؤطرة له مما نتج عنه عدم توحيد الهيكلة العقارية والتقسيمات السارية عليها بوجود عقارات محفظة وأخرى غير محفظة إلى جانب ملكيات الأحباس والأراضي الجماعية والملكية العقارية العامة والخاصة للدولة وغيرها. تطوير النظام العقاري المغربي وأكد وزير العدل والحريات أن هذا التنوع في طبيعة الوعاء العقاري بالمغرب أدى إلى تعدد القوانين المطبقة وتداخل نصوصها أحيانا، مشيرا إلى أن المغرب وعيا منه بأهمية تدبير الرصيد العقاري في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، عمد إلى سن مجموعة من النصوص القانونية التي تروم التخفيف من حدة المشاكل التي يعرفها هذا القطاع الحيوي من خلال تأهيل الحقل العقاري وجعله يستجيب لتطلعات الفاعلين والمستثمرين. وأشار إلى أن القوانين التي سنها المغرب والمتعلقة أساسا بالتجزئات العقارية او الملكية المشتركة للعقارات المبنية أو الخاصة ببيع العقارات في طور الإنجاز او بخطة العدالة ومدونة الأوقاف وتنظيم مهنة التوثيق وغيرها، كلها تمثل التفاتة تشريعية ذات أهمية بالغة تروم بالدرجة الأولى تطوير النظام العقاري المغربي من خلال تجاوز واقع التنوع والتعدد التشريعي الذي يعانيه القطاع. واعتبر أن تنظيم المؤتمر ال26 لموثقي إفريقيا يكتسي أهمية كبيرة باعتباره يشكل مناسبة لتبادل الرؤى والتجارب حول كيفية تدبير الرصيد العقاري بالدول الإفريقية، مضيفا أن من شأن التوصيات التي ستصدر عن هذا المؤتمر أن تثري النقاش في هذا المجال وسيكون لها وقع إيجابي على تعزيز قيم التعاون المشترك بين البلدان الإفريقية. المغرب يعبر دائما عن التزامه بالتعاون مع دول الجنوب وقال إن احتضان مدينة فاس لهذا المؤتمر القاري يكتسي أهمية بالغة لأنه يعكس الاهتمام الذي يوليه المغرب لعلاقاته مع البلدان الإفريقية التي كانت ولا تزال وثيقة ووطيدة، مشيرا إلى ان المغرب يعبر دائما عن التزامه بالتعاون مع دول الجنوب على أعلى المستويات ويتجلى ذلك بالخصوص من خلال مواقف صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي ما فتئ يدعو منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين إلى تضامن فعال اتجاه بلدان إفريقيا. ومن جهته، أكد أحمد امين التهامي الوزاني رئيس المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب أن تدبير العقار في علاقاته بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية يعتبر موضوعا استراتيجيا وعلى قدر كبير من الأهمية بالنسبة للخيارات والتحديات التنموية المطروحة على القارة الإفريقية التي تمتلك كل المقومات لتتبوأ موقعا محوريا على المستوى الجيو استراتيجي في القادم من سنوات القرن الحالي. واوضح أن العقار يشكل أحد المداخل الأساسية لإطلاق دينامية اقتصادية إفريقية بقوة جذب إقليمية ودولية إضافة إلى أهميته باعتباره أداة للاستقرار والسلم الاجتماعيين ولبنة أساسية للتنمية المستدامة والتطور السياسي والمجتمعي، مشيرا إلى أن تثمين موقع العقار ضمن أية معادلة تنموية يقتضي تحقيق حد أدنى من الشروط المتمثلة بالخصوص في الحكامة في تدبير إشكالية تعدد أنظمة العقار وبنياته والعقلنة والدقة والنظرة الشمولية في التأطير التشريعي والتنظيمي للقطاعات والفئات المتدخلة، إلى جانب وضع سياسة عقارية مندمجة ضمن مقاربة شمولية تستحضر الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والحقوقية، وهو التحدي الذي يواجه اليوم الدول الإفريقية والفاعلين القانونيين. الإجابة على مجموعة من الإشكالات التي تهم الوعاء العقاري وأنظمته المتعددةوأضاف أن هذا الملتقى الدولي الذي يحضره موثقون وفقهاء في القانون وخبراء وفاعلون ونخبة من الكفاءات الإفريقية سيحاول الإجابة على مجموعة من الإشكالات التي تهم الوعاء العقاري وأنظمته المتعددة من قبيل مدى قدرة الأنظمة العقارية الحالية بإفريقيا على تعزيز الدينامية الاقتصادية والاجتماعية، وكذا بحث ومناقشة الإشكالات الحقيقية التي تعيق ضمان الجمع بين هاجس تأمين الوعاء العقاري وتحقيق الفعالية الاقتصادية بالإضافة إلى دراسة أنجع التصورات الكفيلة بتحقيق انسياب الاستفادة المتبادلة من الخبرات والتجارب فضلا عن دور الموثقين وباقي المهنيين كفاعلين ممارسين وكقوة اقتراحية من اجل تجويد السياسات العقارية.وبدوره أكد دانييل سيدار سنغور رئيس الاتحاد الدولي للموثقين على أهمية احتضان المغرب لهذا المؤتمر الإفريقي باعتباره عضوا فاعلا في الاتحاد وراكم تقاليد عريقة في مجال الممارسة التوثيقية، مضيفا أن هذا الملتقى القاري يروم النهوض بهذه المهنة التي تشكل عنصرا أساسيا ومكونا فاعلا في تثمين الوعاء العقاري وتطويره. وأشار إلى أهمية الأدوار التي يقوم بها الممارسون لمهنة التوثيق خاصة في القارة الإفريقية، مضيفا أن المهنيين مطالبين بالانخراط أكثر في الجهود التي تبذلها بلدانهم من اجل رفع التحديات التي تواجهها في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. مناقشة الدور المحوري لمهنيي التوثيق وأجمعت كلمات كل من رئيس لجنة الشؤون الإفريقية التابعة للاتحاد الدولي للموثقين، وممثل الجمعية الفرنكوفونية للموثيقين على أهمية تنظيم هذا المؤتمر بمدينة فاس ذات التاريخ العريق في مجال التوثيق مستعرضين مختلف الرهانات التي تواجهها مهنة التوثيق والتي سيحاول المؤتمر ال26 لموثقي إفريقيا الإجابة عن بعضها. وستتواصل أشغال هذا المؤتمر الذي يحضره حوالي 300 موثق يمثلون 19 دولة إفريقية، بالإضافة إلى العديد من الخبراء والأكاديميين والمهنيين والمختصين في المجالات القانونية والعقارية والاقتصادية من إفريقيا وأوربا بتنظيم جلسات علمية ستبحث مجموعة من القضايا والإشكاليات المرتبطة بالتأطير التشريعي للقطاع العقاري وتداعياته على المستويات الاجتماعية والاقتصادية إلى جانب مناقشة الدور المحوري لمهنيي التوثيق ضمن هذه المعادلة . كما سيتميز هذا المؤتمر بتنظيم منتدى موضوعاتي تحت شعار "الوعد بالبيع بين المقتضيات القانونية والعمل التوثيقي والممارسة القضائية " يؤطره خبراء وأكاديميون وباحثون ومختصون في الميدان.