السيد رئيس الحكومة و كعادته يفتي في الامور التافهة هذا ما وقع في الدوحة حيث أكد رغبته في الجهاد في فلسطين حين كان عمره لا يتجاوز الاربعة عشر سنة , رغم أنه لم يقدم على أية مبادرة أنداك للقيام بذلك , ماذا يريد السيد بنكيران بقوله هذا ؟ , كلام يمكن أن يأخذه الاطفال على محمل الجد , خصوصا عندما ترى الاطفال المجاهدين في سوريا يحملون الاسلحة ومشبعين بفكرة الموت في سبيل الله. كلام خشن مبهم , يرمي من خلاله ربما لحب فلسطين و يبين أن فكرة الجهاد و القتال هي الحل , و نسي أن الجهاد الحقيقي الذي ينتظره هو اقتحام ميدان العمل الحكومي و ابراز حنكته في اجتياز الازمة كما سبق له أن وعد بذلك , و ليس 'الهضرة الخاوية' و التي يعد السيد بن كيران من روادها , ربما لم يستوعب بعد جهاد البطالة الذي لم يحرك فيه حتى أصحاب محضر يوليوز فما بالك بالقضايا الاخرى المحفوظة في رفوف مكتبه , أو جهاد التعليم الذي مازلنا في قعر الترتيب رغم ظروفنا الملائمة لإصلاحه , مقارنة مع دول تجاوزته بجدارة , أو الجهاد في اعلامنا الفاسد الذي يغدي عقول أطفالنا كل يوم , أو جهاد القضاء من أجل اصلاحه , أو جهاد ميدان الصحة و النهوض بالرعاية الصحية و المستشفيات للمعايير المطلوبة , الجهاد الحقيقي هو محاربة الفساد و الجهاد في العفاريت و التماسيح التي تعد عقبة للسيد رئيس الحكومة و هذا واضح في جل خطابته . و أنا مبحر في العالم الافتراضي , أشاهد بعض الفيديوهات في 'اليوتوب' , وقعت في أحد الفيديوهات لأحد الارهابين يقتلع قلبا لأحد جنود نظام الاسد بكل وحشية ثم يقوم بأكله مرددا ' الله أكبر ,, الله أكبر' , و آخرون يذبحون , و يعدمون الانسان بأبشع الطرق و في بعض الاحيان تجد طفلا يرافق الثوار حاملا سلاحه لتأطيره لمثل هاته الافعال الشنيعة و الاستفادة من تجارب ارهابية تحت اسم الجهاد و التكبير , المعركة ليست قضية جهاد بل أصبحت طائفية أو ان صح التعبير معركة فكرية , حيث طغى على العقل مفهوم الاستحواذ و القوة , ونشر أفكار منهم مازال لم و لن يستوعبها , و مع ذلك يقوم بالتشريد و القتل و التعذيب تحث دريعة الجهاد و الاسلام بصفة عامة . سوريا تحولت إلى سجن كبير يضم مسكيناً ويتيماً وأسيراً. وهذا ما عاينته عن كتب عند مصادفتي لا حدى السوريات رفقة طفلة صغيرة استمدت جمال أرض الشام , ذنبها أنها وجدت في المكان و الزمن الخطأ , استنبطت من كلام الام مرارة العيش في الاراضي السورية من ظلم و بطش من الطرفين _ الجيش الحر أو جيش النظام _ ورغم كل هذا و في كلامها نبرة الرجوع الى أرضها , كونها تعاني في بلدنا , لقولها ' اللهم بطش الجيش أو بطش شعبكم الذي لا يقدر الظروف ' , صراحة أمور تقشعر لها الابدان , حينما تكمن المسألة في سوء الاخلاق و التضييق و عدم الاحساس بشخص حاول أن يجد الامان وذلك بهروبه من خناق و حمى الجهاد الذي يدعونه هؤلاء الارهابيون. عانقتني الطفلة الصغيرة بحب صادق مرددة كلمة 'تسلملي' حينها أحسست أنها تحتاج للعطف و الحنان الذي افتقدته في بلدها و مازالت تعاني الامرين هنا . يجب أن نزرع في أطفالنا الحب و الحنان , الاحساس بالأمان و الطمأنينة و الحرية , أن نلقنهم الجودة في التربية , و ليس التربية على الجهاد و القتل. لأن المسألة جرًدتْ عن مفهوم الدين و أصبحت معركة عقول خرجت عن السيطرة في نوع كبير من التضخيم الاعلامي , اما بضرب جهة معينة باسم كدا أو التحيز لجهة أخرى في أطروحة مغلفة بالإسلام , هذا هو المنهج الجديد لاقتحام أي ميدان و في جميع السلطات , حتى من السلطة الرابعة فالمدون أو الكاتب أو الصحفي الناجح هو من تجده يفتي في أمور الدين لكسب قاعدة جماهرية كبيرة لا أقل و لا أكثر و أمثالهم كثر . عندما نتوقف عند فكرة الجهاد ونحد أفكارنا عن ما هو واقعي فإننا بذلك نفتقد لأعظم شيء وهبه لنا سبحانه و تعالى وهو العقل و بذلك نصبح محدودين الفكر و الوعي ,' فهمتيني أولا لا' .