لست أدري ما هو الشعور الذي ينتاب المطالبين بإلغاء عقوبة الإعدام، بعد مأساة الطفلة "العرائشية" أمينة؟ هذه الطفلة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في قائمة ضحايا الاغتصاب، مادام المجتمع يعج بالوحوش الآدمية التي تبحث عن فرائسها في جنح الظلام وضوء النهار. ليس العبد المتواضع لله من الأنصار المتحمسين لتنفيذ الأحكام بالإعدام، لأنه لا يختلف إثنان حول بشاعة المشهد، سواء كان رميا بالرصاص أو شنقا أو الكرسي الكهربائي أو بالغاز أو بالحقنة السامة أو بالسيف...، كما لا يختلف إثنان أيضا أن عددا من الأبرياء، عبر التاريخ، نفذ فيهم الحكم ظلما لتسرع العدالة في الحكم، لكن واقعة الطفلة أمينة والحالات المشابهة تفرض فتح نقاش حول كيفية التعامل مع جرائم الإغتصاب. أمينة لم تنتحر، ولكنها أعدمت ثلاث مرات. الأولى حين تعرضت للاغتصاب من طرف وحش آدمي، والثانية لما فرض عليها الزواج غصبا من المغتصب، والثالثة لما تركت وحيدة تواجه اليأس قبل أن تقدم على اختيار طريقة الخلاص مما هو أوجع من الموت نفسه. جرائم الإغتصاب الوحشية تسائلنا بشدة، خاصة أن منفذيها لا يميزون (والتمييز هنا لا مجال له) بين راشد وقاصر، بل استهدفوا في عديد من الأحوال حتى الرضع.. إنها تسائلنا حول مدى نجاعة تنفيذ حكم الإعدام في حق الجناة حتى يرتدع الآخرون، خاصة بعد أن أصبح الزواج من الضحية مهربا من القانون ووسيلة لشرعنة الاغتصاب وتحولت السجون هي الأخرى، في ظل "الأنسنة" تشبه الفنادق المصنفة ولا ينقصها سوى النجوم.