كلما اقترب موعد الانتخابات إلا وكشف قياديو العدالة والتنمية، عن جزء من الحقيقة، حقيقة نواياهم، التي ظلوا يخفونها على المواطنين إلى حين. آخر هذه الحقائق هي ما صرح به مصطفى الرميد، عضو الأمانة العامة لحزب "المصباح" في ندوة بطنجة من أن الحليف الموضوعي ل "رفاق" بنكيران هو حركة 20 فبراير، التي قررت مقاطعة الدستور والانتخابات، وهو ما يعني أن حزب العدالة والتنمية أو على الأقل جناحا منه، أصبح يراهن على الخروج إلى الشارع أكثر منه على صناديق الاقتراع، وأن تصويته بنعم على الدستور لم يكن نابعا من قناعة، بل كان بمثابة "طعْم" استعمله، كي تمنحه الدولة الثقة الكاملة من أجل اصطياد كرسي رئاسة الوزراء، وهو ما سماه الرميد ب "الضمانات"، غير أن رياح التحضير للانتخابات لم تجر بما تشتهي سفن القراصنة، فبدأ الحزب يُعلن ندمه عن الانخراط في هذا المسلسل الديمقراطي أصلا لمجرد أنه لا يحقق له مخططاته، وهو ما يفسر الخرجات المتوالية لقيادييه، خاصة بعدما لم يجد الحزب موطأ قدم في أي تحالف ، ماعدا وعدا يتيما من الأمين العام لحزب الاستقلال عباس الفاسي، بالاتصال بعبد الإله بنكيران مباشرة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات. وهذا الوضع الذي لا يُحسد عليه، الذي وجد فيه الحزب نفسه، هو ما جعل مصطفى الرميد ينكر كل الهدايا التي قدمها الملك للشعب منذ خطاب 9 مارس 2011 ، وكل الدماء الجديدة التي سرت في هياكل الدولة من إحداث لمجلس وطني لحقوق الإنسان، ومنحه الصفة التقريرية، وعفو عن السجناء "السياسيين"، ووضع دستور جديد، والإعلان عن إجراء انتخابات سابقة لآوانها... ليتحدث عن إقصاء المعتقلين، الذين سماهم ب "السياسيين" ظلما، من العفو في عيد العرش، علما أنهم ليسوا سوى سجناء مُدانين في قضايا الإرهاب، وهو ما جعل أيضا يروّج، كما روج "إخوة" له من قبل، إلى أن توشيح مسؤولين أمنيين بمثابة استمرار للمقاربة الأمنية، علما أن المقاربة الأمنية هي مكون من أساسي في أية مقاربة ديمقراطية، وعلما أيضا أن فتح الدولة لأبواب مقر المخابرات المدنية للبرلمانيين والحقوقيين يندرج في إطار تغليب بعد الديمقراطي على الأمني.