كان الكثير من أبناء هذا البلد الحبيب ينتظرون وبفارغ الصبر أن يكون بداية هذه السنة حدثا استثنائيا خصوصا وان المغرب شأنه شأن باقي الدول العربية يمر من مرحلة حاسمة حمدنا الله وشكرناه انه يمر منها بسلام، وذلك راجع لتفهم ملك البلاد لمطالب شعبه والاستجابة لها دون تردد ودون تسويف، لذلك استبشر الجميع خيرا وظننا أننا انتقلنا إلى مرحلة جديدة سوف تؤخذ فيها مطالب جميع شرائح الشعب بعين الاعتبار، فكانت البشرى الأولى هي الدستور الجديد، ثم الزيادة في أجور الموظفين، ثم تشغيل نسبة كبيرة من حملة الماستر وغيرها من الإجراءات التي استبشر بها المواطن خيرا، فبتنا لا نشك بان المشاكل التي يتخبط فيها المواطن سوف تحل بالتدريج، لأننا نعلم علم اليقين بان المسئولين في بلدنا الكريم لا يملكون العصا السحرية التي تحل المشاكل بضربة واحدة، كما أننا نعلم الاكراهات التي تعاني منها الدولة، كل هذه الأشياء نعرفها ونتفهمها، لكن ما لا نفهمه و لا نستسيغه ولا نقبل به هو الاستهانة بشريحة كبيرة من أبناء هذا البلد، واقصد بها شريحة المجازين المعطلين، وبما انه كثر اللغط كثيرا حول هذه الفئة، بين من يتهمها بالاتكالية والكسل وأنها دون المستوى وأنها تطلب المستحيل عندما تنادي بالتوظيف المباشر أسوة بحملة الماستر، فانا هنا سأطرح الإشكالات التالية لإبراز ما تعانيه هذه الشريحة، وسأحاول قدر الإمكان أن أكون موضوعيا وعلى من يهمه الأمر الإجابة عنها. أقول لمن يستكثر على المجازين المطالبة بالتوظيف المباشر، لماذا لم تتكلموا عندما قامت الدولة بتوظيف حملة الماستر، وكلنا يعرف أن الدولة فتحت أبواب الماستر لتضرب مصداقية الإجازة في الصفر، كما أننا نعرف الكيفية التي يتم بها قبول الطلبة في مسالك الماستر، بدءا بقانون الانتقاء عن طريق بيان النقط إلى مبدأ "باك صاحبي"، لن أخوض في هذه النقطة كثيرا لان الكثير من الطلبة يعرفون أن الكثير منهم لا يقبلون في الماستر ليس لأنهم دون المستوى، ولكن لأمور أخرى يعرفها الراسخون في العلم. كان الجميع ينتظر بفارغ الصبر الإعلان عن مباريات وزارة التربية الوطنية باعتبارها الوزارة التي بإمكانها استيعاب اكبر عدد من الوظائف، لكن خيبة الأمل كانت من نصيب المعطلين المجازين مرة أخرى، فالوزارة سامحها الله حددت السن في 24 سنة كالعادة واشترطت تقديم بيان النقط، وهما شرطان تعجيزيان لا نفهم لماذا تصر وزارة التربية الوطنية وباقي الوزارات الأخرى الاعتماد عليهما، علما أنهما يضربان مبدأ تكافؤ الفرص في الصميم، فالأول أي تحديد سن المتبارين يقصي شريحة كبيرة من المتبارين، فهل يجب على من تقدم به السن أن يرمي نفسه في البحر حتى ترتاح منه الدولة؟ وهل هو الذي اختار أن يبقى عاطلا عن العمل والسن يتقدم به؟ أليس حريا بالدولة أن تقوم برفع هذا العائق أثناء اجتياز المباريات؟ ثم أليس الأجدر بالحكومة أن تقوم بتوظيف من تقدم به السن أولا لا أن تقوم بإقصائه؟ ثم نأتي كذلك على العائق الآخر، ألا وهو بيان النقط الذي تشهره جميع الوزارات في وجه المقبلين على اجتياز معظم المباريات، الم يفكر أحد من الوزراء والمدراء والمسئولين في هذا البلد أن هذا الشرط يضرب هو الآخر مبدأ تكافؤ الفرص في الصميم؟ فهل يمكن أن نقارن بين نقط طالب أو طالبة في النظام القديم ( أربع سنوات ) وبين نقط طالب أو طالبة في النظام الجديد ( ثلاث سنوات )؟ ثم هل من يجتاز امتحانا في كلية كل يوم فيها إضراب و فوضى كمن يجتازه في كلية لا تعرف أية قلاقل؟ وهناك الكثير من الأسباب التي لا يسمح المجال بسردها حتى نبين للمسئولين ان المعايير التي يعتمدونها في مبارياتهم مجحفة وغير منصفة في حق أبناء هذا الوطن الذي لم يخونوه أو يسرقوه أو يسبوه، بل كل همهم أن يخدموه. إذا كان الكثير من الناس يعيبون على المعطلين المجازين مطالبتهم بالتوظيف المباشر، فليكونوا منصفين ويطلبوا من المسئولين أن يفتحوا المباريات في وجه جميع أبناء الشعب، في ظروف تتساوى فيها الفرص أمام الجميع، مباريات بدون حاجز السن أو بيان النقط وبدون محسوبية أو رشوة و غيرها من الشروط التعجيزية وآنذاك طالبوا المعطلين بصرف النظر عن حقهم في التوظيف المباشر.