بالرغم من تصويته الإيجابي على الدستور، تصدر عن بعض قياديي العدالة والتنمية، بين الحين والآخر، بعض الأصوات النشاز، التي لا تساير التوجه العام للحزب، متعمدة الاستفزاز تارة ومستقصدة التشكيك تارة أخرى، علما أن الوضوح كان يقتضي أن لا يقف الحزب في وسط الطريق بين لحظة التصويت وتاريخ إجراء الانتخابات المقررة في السابع من أكتوبر القادم. وإذا كان مفهوما أن تعكس تصريحات الأمين العام لحزب المصباح عبد الإله بنكيران نوعا من الخوف أو التخوف من إجراء انتخابات سابقة لآوانها، فإنه ليس مفهوما أن تعود تصريحات عبدالعالي حامي الدين، عضو الأمانة العامة، إلى الوراء وتعلن أمام رؤوس الأشهاد أن معتقل تمارة "السري" موجود، وأن الملكية تغامر بمستقبلها... من دون أن يقدم أية حجة أو توضيح. ولم يتأخر رد الفعل كثيرا، فقد صرح مصطفى الخلفي، القيادي في العدالة والتنمية، لذات الموقع، يوم الأربعاء، الذي صرح له حامي الدين الثلاثاء "أن النظام الحاكم في المغرب لا خوف عليه، وأن كل الاحتجاجات التي يعرفها المغرب لا تشكل خطرا على النظام، لأن لديه رصيدا من المصداقية بعد المراجعة الدستورية" إنها صيغة توحى أن "الإخوان" ليسوا على كلمة سواء، فالخلفي هو ناقل رسائل بنكيران، فيما حامي الدين صديق حميم لمصطفى الرميد. وكل يتذكر أن مصطفى الرميد كان من أكبر المصرين على وجود معتقل سري بالرغم من أن رئيس الفريق لحسن الداودي قام بزيارة لعين المكان، وعثر فقط على إدارة تمارس فيها المهام التي تمارس في جميع الإدارات، وأخبر الأمانة العامة بما رأى وما سمع، ومع ذلك أصر الرميد على إعمال منطق " ولو طارت معزة"، وعندما يذكر حامي الدين بهذا "المنطق" فمن أجل أيضا توجيه عدة رسائل. أولى هذه الرسائل موجهة لبنكيران نفسه ومفادها أن وجهة نظر سي عبد الإله ليست هي وجهة نظر الرميد، وأنه كلما خفت بنكيران جناحيه أطلق السي مصطفى أجنحته في السماء، وهو ما يعكس الصراع الخفي بين "حمائم" الرباط وصقور "البيضاء". ثاني هذه الرسائل موجهة للدولة ومفادها أن صقور الحزب قادرين في كل مرة، على إشهار ورقة ما، لا يهم أن تكون حقيقة أم مجرد افتراء، ما يهم أن هذا الجناح قادر على التشويش في أية لحظة، وبالتالي لاينبغي إسقاطه من أية معادلة. ثالث هذه الرسائل أن العدالة والتنمية لن "تستسلم" للانتخابات من دون شروط.