بسم الله الرحمن الرحيم إن من الأحكام التي أنزلها على عباده، الأمر بالشجاعة واتخاذ أسباب القوة، ليكون المسلم مستعدًّا لمواجهة الأخطار، ومقابلة الأعداء، كما ذمّ الإسلام العجز والكسل والجُبْن.... * فقال تعالى: "وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ، تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ، وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ، اللّهُ يَعْلَمُهُمْ، وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُون" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجَز، فإن أصابك شيء فلا تقل: لو أنِّي فعلتُ كذا وكذا، ولكن قل: قدّر الله وما شاء فعل، فإن "لو" تفتح عمل الشيطان" رواه مسلم. * وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول: "اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجُبن" رواه البخاري. وكان يقال: الشجاع محبّبُ حتى إلى عدوِّه، والجبان مُبْغَضٌ حتى إلى أمِّه. وقالت الحكماء: أصل الخيرات كلِّها في ثبات القلب، ومنه تُستمدُّ جميع الفضائل. * وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شرُّ ما في رَجُل شُحٌّ هالع، وجُبْنٌ خالعٌ" رواه أحمد. * وقد شرع الله تعالى لعباده من الأحكام ما يقوّي الإرادة، ويُثبِّت القلب، فمن ذلك الدعاء والعبادات، خاصّة الصلاة، والأخذ بأسباب القوة والثبات: من الاعتناء بالرياضة النافعة مثل: الرماية، والسباحة وركوب الخيل، وكلِّ أنواع الرياضات التي لا تخالف الشريعة. * والرياضة أنواع متعددة، وليست كلها نافعة، فعلينا أن نختار الأنفع منها، وهي التي تحتوي على فائدتين: أحدهما: النفع الصحي. وثانيهما: الاحتياج إليها عند الأخطار. * إن من فوائد الرماية تعلم الدّقة والتركيز، والدفاع عن النفس، وركوب الخيل يعلم حسن القيادة، وقوة الشخصية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل شيء ليس من ذِكْر الله فهو لهو ولعب إلا أربع: ملاعبة الرجل امرأته، وتأديب الرّجُل فرسه، ومشيُه بين الغرضين، وتعليم الرجُل السباحة" رواه النسائي، حديث صحيح. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "علِّموا أولادكم الرماية، والسباحة وركوب الخيل" . * * من فوائد السباحة: * 1- المحافظة على اللياقة البدنية، فهي تُحسّن عمل القلب، وتنشِّط الدورة الدموية، وتقوّي العضلات، وتجعل الجسم جميلا رشيقا، وتقي من كثير من الأمراض. * 2- النظافة. * 3- تفتح الشهية للطعام، وتساعد على الهضم. * 4- تزيد في الصفات العقلية والنفسية قوةً ونشاطا، والثقة في النفس. * 5- تقي صاحبها أخطار الغرق خاصّة عند الحرب. * * شروط الاستفادة من السباحة: * 1- أن يتعلمها الإنسان منذ حداثة سِنِّه، فإن لم يمكن ففي أيِّ عمر، وقد قيل إنها مما لا ينساه الإنسان، ويمكن تعلمها في المدارس الخاصة تحت إشراف مدرِّبين بارعين. * 2- أن يترك الوهم والخوف جانبا، ويبتعد عند السباحة عن تصلب أعضائه، بل يرخي جسمه، ويحرك ساقيه ويديه بتأنّ، وسيحمله الماء. * 3- استر عورتك، فلا تسبح عاريا ولو كنت وحدك، ولا بملابس غير ساترة. * 4- لا تسبح وحدك مطلقا، بل اسبح دائما مع رفيق لك. * 5- اسبح في الأماكن المحروسة من طرف سبّاحي الإنقاذ المحترفين. * 6- لا تسبح في الأماكن المختلطة التي فيها الرجال والنساء. * 7- اجتنب السباحة في الأماكن الخطيرة. * 8- يجب أن يكون الماء نظيفا بدرجة تسمح برؤية القاع. * 9- لا تسبح في الوقت الذي يغلب فيه عدم السلامة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :»من بات فوق بيت ليس له إجّار (سُورٌ) فوقع فمات، فبرئت منه الذّمة، ومن ركب البحر عند ارتجاجه فمات فقد برئت منه الذّمة« رواه أحمد هو حديث صحيح. * 10- ابتعد عن المغامرة كالقفز من الأماكن الخطيرة، أو بطريقة خطيرة. * 11- عند القفز، اجتنب الاصطدام بالقاع، بتوجيه يديك إلى الأمام. * 12- اجتنب التدافع مع أصحابك، أو اللعب بمحاولة إغراق صاحبك أو تخويفه، فقد قال الله تعالى "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يروِّع مسلما" رواه أبو داود، وصححه الألباني. * 13- إن لم تكن تعرف طريقة الإنقاذ فاترك ذلك لسباحي الإنقاذ المُدَرَّبين، وتستطيع الإنقاذ من خارج الماء بمدِّ لوحة خشبية أو عمود أو منشفة أو حبل ونحو ذلك، ثم تسحب المتعرّض للغرق إلى موقع آمن. قال تعالى: "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا". * 14- تجوز السباحة في نهار رمضان، وعلى السابح الصائم أن يحترز من دخول الماء إلى جوفه.