اعتبر الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط شتروتينسكي أن ما تضمنه خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن قيام دولة فلسطينية هو خطوة تكتيكية تجاه واشنطن، مؤكدا في مقابلة مع موقعنا أن تحريك مفاوضات السلام يقتضي مزيدا من الضغوط. فيما وُصف بأنه تحول في مواقفه المتشددة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطاب ألقاهالاحد (14 يونيو لأول مرة عن إمكانية قيام دولة فلسطينية، لكنه أشترط أن تكون هذه الدولة الجديدة بدون جيش وأن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل كدولة يهودية، رافضا تجميد حركة الاستيطان، وهو الأمر الذي سارع الفلسطينيون إلى رفضه. ويعتقد المراقبون أن موافقة نتنياهو على إقامة دولة فلسطينية إلى جوار إسرائيل هي بمثابة محاولة للتناغم مع دعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. في هذا الإطار اعتبر الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط بيتر شتروتينسكي، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة كاسل الألمانية، في مقابلة مع موقعنا، أن خطاب نتنياهو يتضمن رسالتين: فهو من ناحية جاء بمثابة رسالة إلى واشنطن مفادها بأن إسرائيل تقبل بمقترح أوباما المتعلق بالحل القائم على أساس دولتين، لكن من ناحية أخرى يشير إلى أن إسرائيل ليست على استعداد لتغير موقفها فيما يتعلق بقيام وطبيعة الدولة الفلسطينية المزمعة. "تكتيك" و "تصعيد" Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: يبدو أن مخاض قيام دولتين تعيشان جنبا إلى جنب مازال عسيراويضيف شتروتينسكي قائلا إن ما تضمنه الخطاب ليس أكثر من "تجميل" لسياسة حكومة نتنياهو، في محاولة لعدم أظهار التجاهل لدعوات أوباما، وفقا لتعبير الخبير الألماني الذي يعمل في مركز بحوث السلام التابع لجامعة كاسل. ويلخص الخبير الألماني إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي قبوله بقيام دولة فلسطينية بأنه خطوة "تكتيكية" تجاه واشنطن، لكنه في حقيقة الأمر بمثابة "تصعيد" مع الفلسطينيين. لكن هل تصب مقترحات نتنياهو في خدمة سياسة أوباما الداعية للحل القائم على أساس الدولتين أم أنها ستصعب على الرئيس الأمريكي مساعيه هذه؟ يقول شتروتينسكي في هذا السياق "إن أوباما تحدث عن خطط مغايرة في خطابه في القاهرة، فهو تحدث عن حل حقيقي يقوم على أساس قيام دولتين وان يتم توقيف التوسع في بناء المستوطنات. وهي أمور لم يتضمنها خطاب نتنياهو بشكل كبير، بل على العكس أكد بطريقة غير مباشرة على بقاء المستوطنات في الضفة الغربية، وهذا يشكل مشكلة كبيرة، إذ لن يرضى الفلسطينيون بذلك". انتقادات فلسطينية يشار هنا إلى أن مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي للفلسطينيين بأن يعترفوا أولا بإسرائيل كدولة يهودية ورفضه وقف التوسع الاستيطاني اليهودي في الضفة الغربية قد أثارت غضب القادة الفلسطينيين. وقال ياسر عبد ربه مستشار عباس وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لوكالة رويترز إن "على المجتمع الدولي مواجهة هذه السياسة التي يريد من خلالها (نتنياهو) أن يقضي على أي فرصة للسلام". لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي عاد ودافع اليوم عن الشروط التي وضعها لقيام دولة فلسطينية، وقال في مقابلة لتلفزيون مع شبكة ان بي سي التلفزيونية الأمريكية إن الإسرائيليين لهم الحق في أن يتوقعوا أن تكون تلك الدولة منزوعة السلاح. وتابع، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية، إنه "تماما كما يتوقعون منا أن نعترف بدولة فلسطينية، عليهم أن يعترفوا بدولة يهودية. وبالطبع فان الدولة الفلسطينية يجب أن لا تهدد الدولة اليهودية وهذا هو السبب الذي يجعلني أريدها أن تكون دولة منزوعة السلاح". "خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها خطوة أولى" Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: بيتر شتروتينسكي، الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط، أستاذا العلوم السياسية وعضو مجموعة بحوث السلام في جامعة كاسل الألمانية وحول تقييمه لترحيب دول الاتحاد الأوربي بخطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي ووصفه بأنه "خطوة أولى على الطريق الصحيح"، قال أستاذ العلوم السياسية، إن هذا صيحا، لكن فقط فيما يتعلق باستخدام نتنياهو مصطلح "دولة فلسطينية" لأول مرة. وأعتبر الخبير الألماني هذا الأمر جيدا، لكنه تساءل مستغربا عن ماهية هذه الدولة المقيدة بشروط والمنقوصة السيادة؟ يذكر أن الكثير من وزراء خارجية دول الإتحاد الأوروبي قد أعطوا اليوم الاثنين في بروكسل وصفا متشابها لخطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بأنه "خطوة على الطريق الصحيح"، لكنها "خطوة أولى". من جانبه قال المنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا في لوكسمبورج:"أعتقد أن إقرار حكومة الليكود رسميا بحل الدولتين (الإسرائيلية والفلسطينية) مسألة تسير في الاتجاه الصحيح". من جانبه وصف البيت الأبيض البيت الأبيض موقف نتنياهو بأنه "خطوة مهمة" لتطبيق رؤية الرئيس الأمريكي باراك اوباما للسلام. "لا حل للنزاع دون ضغوط دولية" وفي قراءته لخطاب نتنياهو يقول شتروتينسكي أنه لا يرى فيه ما يشير إلى إمكانية إعادة تحريك عملية السلام في الشرق الأوسط في الوقت المنظور، مشيرا إلى أن هناك "نقطة مثيرة في خطاب نتنياهو وهي أنه دعا إلى بدء المحادثات دون شروط مسبقة، لكنه في بقية أجزاء خطابه حقيقة الأمر وضع عدة شروط على الفلسطينيين". لذلك لايرى الخبير الألماني ما يشير إلى أن محادثات السلام سوف تعود في الأشهر القليلة القادمة، انطلاقا من هذا الخطاب. لكنه يعتقد أنه ستكون هناك إمكانية لعودة هذه المحادثات في حالة ما إذا قامت واشنطن بتكثيف ضغوطها على نتنياهو ودفعته نحو تغيير موقفه. وقال شتروتينسكي في هذا السياق "دون ضغوط دولية لايمكن أن يتحقق السلام ويحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني". الكاتب: عبده جميل المخلافي تحرير: هيثم عبد العظيم