يجد المرء نفسه مجبرا على مشاهدة "التفاهات" التي تقدمها القناة الثانية خلال هذا الشهر الفضيل، فلن نتحدث مثلا عن تلك "الفكاهة السوداء" لكونها بعيدة كل البعد عما أصبح يعيشه ويتمناه المشاهد المغربي، الذي يبحث عن الحد الأدنى من الاحترام، إذ لا يمكن أن نقلل من ذكائه، ببث "دراما" تفتقر إلى جميع المقاييس المطلوبة، بدون مواضيع هادفة وباستعمال ألفاظ غير مقبولة، أضف إلى ذلك أن تلك الترهات مكتوبة بطريقة اعتباطية تسيئ للمواطن، وللفضائية المغربية، ولمقدمها لكونها مجرد عبث، والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا لا يتم فسح المجال أمام المبدعين -وما أكثرهم- الذين يقدمون مواضيع هادفة، لكنها تبقى حبيسة الرفوف وتعطى الأولوية دائما وأبدا لأعمال مكررة وفارغة المحتوى. فباستثناء "الكاميرا الخفية" على علاتها، ليس هناك شيئ يذكر، لقد كتبنا الكثير فيما مضى عن ضرورة ترجيح كفة المواضيع المدروسة، التي تحاول إيجاد إيجابات أو تطرح أسئلة وهو أضعف الإيمان، حول الواقع المريع الذي نعيشه، أما محاولة تكريس بعض الظواهر كالنصب والإحتيال وعدم التربية فهذه أمور مرفوضة رفضا باثا، فلماذا لا يستفيد فنانونا مما تقدمه "الدراما المصرية" مثلا، وهي التي تقدم الفكاهة ولكن تعالج من خلالها المشاكل المعاشة، كما تتعرض للظواهر الدخيلة على مجتمعها وعلى العالم الإسلامي بعمق ومسؤولية في طرح المواضيع ومحاولة إيجاد الحلول. "السكيتشات" أو السلسلات التي قدمتها القناة الاولى تبعث على عدم التفاؤل و كذا الخوف من المستقبل، خوف عن الأجيال المقبلة التي يتم استبلادها بتلك الطريقة الواضحة الفاضحة، فماذا يمكن أن يستفيد طفل أو مراهق من سلسلة"دابا تزيان"وهي أحداث لا علاقة لها بالمجتمع المغربي الذي تعيشه اليوم، صحيح أننا لازلنا نراوح مكاننا، لكن ليس إلى تلك الدرجة من التخلف الفكري، والحالة هذه نقول إن مايعرض علينا هو استصغار للمتلقي المغربي، وعنوان بارز للرداءة