ركزت العديد من وسائل الإعلام العالمية اليوم على الخلافات المحتملة التي نشبت بين مراكز القوّة داخل النظام السوري، مرتكزة على التعليمات التي أطلقها الرئيس السوري بشار الأسد بمنع إطلاق النار على المتظاهرين، وإطلاق سراح المعتقلين الذين تم اعتقالهم خلال أحداث درعا الأخيرة. مشيرة إلى أن ما حدث على أرض الواقع مغاير تماماً لهذه التعليمات. وقالت مصادر في داخل سوريا: "إن بشار الأسد يواجه الحرس القديم في النظام"، والذي لا يزال متمسكاً باستخدام العنف والقوة ضد المتظاهرين. مشيرة إلى أن بعض الأسماء القيادية الكبيرة ربما فرضت على الأسد، أو أقنعته بضرورة عدم تنفيذ التعهدات التي أطلقها من خلال مستشارته الدكتورة بثينة شعبان. الدبلوماسي الفرنسي السابق آنياس لوفيريي كتب مقالة بصحيفة (لوموند) قال فيها: "إن تدخل بثينة شعبان عمق الشكوك حول قدرة الأسد على التحكم في مقاليد الحكم". مشيراً إلى أن شعبان أكدت في المؤتمر الصحفي أن الرئيس "أعطى أوامر حازمة لرجال الأمن بعدم استخدام القوة ضد المتظاهرين حتى لو تعرضوا للهجمات وسقط منهم قتلى وجرحى".
ويؤكد ليفيريي أن ما حدث عكس ذلك تماما، فالصور التي تم تناقلها عبر موقعي فيسبوك وتويتر، تؤكد أن المتظاهرين كانوا مدنيين عاديين، وأن قوات الأمن واجهتهم بقسوة وقمع مفرطين، وكان واضحا أنها تلقت أوامر بذلك، ويتساءل قائلا: "إذا لم يكن بشار الأسد هو من أعطى الأوامر، فلا بد أن أحدا من محيطه هو من فعل ذلك، هذا إذا لم نقل إنه أحد أفراد العائلة". وقال أيضاً: إنه يبدو أن الأسد يسير على خطى القذافي في اعتماد خطاب مزدوج للمحافظة على حكمه، كما أن هناك فرضية أخرى تقول: إن ماهر الأسد شقيق الرئيس والذي يسيطر على مؤسسة الجيش، وابن خاله رامي مخلوف الذي يتحكم في دواليب الاقتصاد بالإضافة إلى أخيه حافظ مخلوف رجل الأمن القوي في دمشق، يقفون لمواجهة التغييرات التي تجري ويخوضون ضد بشار خنادق لإجباره على اعتماد سياسة القمع. وأوضح الكاتب أن مظاهرات أمس والقمع الذي أظهرته قوات الأمن يسلط الضوء على مدى قدرة الأسد على التحكم في مقاليد السلطة. كما يشير إلى حادثة قال إنها غريبة، وتتعلق بمنع توزيع جريدة الوطن التي يملكها مخلوف ثم إلغاء المنع، ويقول: إن هذا التضارب يدفع إلى التساؤل عن سلطات الأسد، لأن وزارة الإعلام أصدرت صباح الخميس 24 مارس/ آذار قرارا بمنع توزيع تلك الصحيفة التي توصف بأنها مستقلة، ولم تعط الوزارة أي مبرر لقرارها، وبعد ظهر اليوم نفسه ألغت الوزارة قرارها ومن دون تبرير! مما يعني أن القرار تم اتخاذه من داخل شخصية كبيرة في النظام، وفق ما نقلت الجزيرة نت اليوم. كما يشير الدبلوماسي السابق إلى خبر آخر أوردته وكالة الأنباء السورية (سنا) الخميس 8 مارس/ آذار الجاري ويتعلق بعفو رئاسي عن المعتقلين السياسيين، وبعد ساعتين تم سحب الخبر مؤقتا بحجة تعديله لكنه اختفى تماما. ويقول ليفيريي: إن مثل هذا الحدث يبين أنه ربما كان الأسد متسرعا بقراره ولم يدرسه جيدا، أو أن محيطه ربما أقنعه أو أرغمه، على التخلي عما كان يريد إظهاره من مصالحة واستجابة لمطالب الشعب الذي بدأ يرفع صوته بالشارع. وعلى صعيد متصل، تحدثت أنباء غير مؤكدة عن خلاف نشب بين ماهر الأسد، وبين فاروق الشرع، نائب الرئيس السوري، على خلفية استخدام العنف، حيث أكد الشرع على ضرورة إعدام من استخدم العنف ضد المتظاهرين، قبل أن يسمع صوت طلق ناري، وقالت المصادر إنه ربما تم تصفية الشرع. إلا أنه لم يصدر أي تأكيد حتى الآن حول هذه الحادثة.