فتقول الصحف احيانا: عيشة القذافي "كلوديا شيفر ليبيا"، و"كلوديا شيفر شمال إفريقيا"، وحتى "كلوديا شيفر العرب". فما قصة هذا الربط؟ وهل هو منطقي وقريب من الواقع؟ كثيرا ما يتم ربط عيشة معمر القذافي بالعارضة كلوديا شيفر. وتستخدم مجلات وصحف عديدة وصف عيشة بكلوديا في موادها التي يتم نشرها عن عيشة القذافي.
تعالوا نتعرف على الاثنتين.. لنستطيع الاجابة! ولدت كلوديا شيفر في 25 أغسطس 1970، ببلدة Rheinber الالمانية، وهي تقع على بعد 15 كيلومتر شمال شرق مدينة دويسبورغ. والد كلوديا هو شيفر جودرون وهاينز، ويعمل محام. لديها شقيقان، وأخت واحدة. كانت كلوديا في شبابها خجولة ووزنها زائد، ولهذا فقد عانت في المدرسة الثانوية من مشاكسات الطلاب في فصلها. وتقول كلوديا ان للغيرة، من كونها أتت من أسرة ثرية ومشهورة محليا، دور كبير في المضايقات، التي تعرضت لها. تجيد كلوديا بالاضافة الى لغتها الام الالمانية، اللغتين الانجليزية والفرنسية. كانت تريد ان تصبح محامية كوالدها، الا انها تراجعت، في عمر ال17 سنة، عن هذا الحلم، بعدما تم اكتشافها في ملهى ليلي بمدينة دوسلدورف. حيث وقعت، عام 1987 عقودا للعمل في مجال عرض الازياء، وفي نفس العام ظهرت في مجلة Elle- (هي) ذات الاصل الفرنسي، وتصدر الان ب25 لغة. وبعد ذلك اصبحت وجه من وجوه بيت الأزياء الباريسي، شانيل إس أيه (Chanel S.A)، المتخصص في تصميم الأزياء الراقية والملابس الجاهزة والحقائب والعطور ومستحضرات التجميل وغيرها من المنتجات. ولم تتوقف كلوديا عند شانيل، وانما عملت لحساب اغلب دور الموضة الهامة والشهيرة في العالم، ومنها: إيف سان لوران Yves Saint Laurent، رالف لورين Ralph Lauren. السنوات الذهبية لكلوديا، حيث ذروة شعبيتها، بدأت مع مطلع عقد التسعينيات من القرن الماضي. حيث كانت فتاة غلاف لاكثر من 500 مجلة مختلفة، من بينها غلاف مجلة التايم. كما دخلت قائمة مجلة رولينغ ستون لاجمل عشرة نساء في العالم. بالاضافة الى مجال العرض، فكلوديا ممثلة ايضا. وكان أول ظهور لها في السينما في فيلم الأطفال: Richie Rich، في عام 1994 كلوديا متزوجة، ولها ولد وبنت، وفي انتظار مولودها الثالث. وتقدر ثروتها المالية ب55 مليون دولار. فهذه هي كلوديا شيفر. والان نعرّف بعيشة القذافي، قبل ان ندخل في المقارنة بينهما. ولدت عيشة القذافي عام 1976 (لم نجد اليوم والشهر)، بمستشفى الجلاء للنساء والولادة بمدينة طرابلس. والد عيشة هو العقيد معمر القذافي، ويعمل حاكما مطلقا لليبيا، يتصرف فيها كما يريد دون حسيب و لا رقيب، الا انه شخصيا لا يعترف بذلك، ويصر على انه مجرد مواطن عادي، حباه الله بعقل جبار، نتجت عنه نظرية لحل جميع مشاكل العالم السياسية والاقتصادية والاجنماعية، كما انه يرى نفسه اديبا، له عدة اعمال، صرف عليها من خزينة الشعب الليبي الكثير، الا ان "حالها واقف" و "سوقها كاسد". لعائشة ست أخوة ذكور، وأخت بالتبني، قيل انها ماتت في الغارات الامريكية على ليبيا، الا انها عادت من جديد (!) وظهرت في الصورة اثناء استقبال عائلة القذافي لنيلسون مانديلا. طفولة عيشة غير معروفة، وأهم ما وصلنا منها صورة لها مع شقيقها الساعدي، وهما عائدان من المدرسة عام 1986 . ويظهر فيها شعر عيشة بلونه الاسود وظفيرتيه. وغير معروف كيف كانت سنوات عيشة المدرسية، الا انه لاشك في ان لا احد يستطيع مشاكستها او مضايقتها، والكل في المدرسة يتعاملون معها بطريقة لا تزعجها، بما في ذلك مدير المدرسة ومعلميها، بل حتى المفتشين ومسؤولي المنطقة التعليمة.. وايضا وزارة التعليم ووزيرها. ولان معمر القذافي لا يحب العلم، و لا يحترم المتعلمين، فقد انعكس ذلك على اولاده وبنته، حيث ان لا احد فيهم متعلم، تعليما مميزا. ورغم ان اغلب ابناء العقيد يحملون درجة الدكتوراة، الا انها "فشينك"، حصلوا عليها على شأن عيون ابيهم. بما في ذلك سيف الاسلام، الذي يربط البعض شهادته باموال تبرع بها الى كلية لندن، التي درس بها. وعيشة لم تشذ عن القاعدة، فهي لا تتقن الا العربية، باللهجة السرترابلسية، وقد ظهرت مؤخرا في مقابلة مع صحيفة صنداى تليجراف، استعانت فيها بمترجم، كان يقوم بالترجمة وتجميع افكارها، اذ انه يجيب بلسانها ما لم تقله. كذلك لا نعرف عن حلم عيشة القذافي في صغرها، الا انها درست القانون في ليبيا. ويتردد انها كانت قليلة الحضور الى الكلية للدراسة، وكان مجيئها الى الجامعة مصحوبا بإجراءات عديدة تربك النظام في الجامعة، وتؤثر على الجميع طلابا واساتذة. أهتمت عيشة في سنوات مراهقتها بالموضة، وشرعت في تقليد شهيرات العالم. وبما ان تصوير عيشة في ليبيا قد يؤدي الى التهلكة، فأن صورها التي انتشرت قد التقطها المصورون في خارج ليبيا. واختفى في هذه الصور شعر عيشة الفاحم، وظهرت فيها عيشة ذات الشعر الاشقر، الذي ارخى سدوله على كتفيها. وعندما بدأت عيشة تنطلق في رحلاتها الاوربية اصطادها الباباراتزي بعدساتهم، فانتشرت صورها التي تتشبه فيها بعارضات الازياء، بل نافستهن بطولها الفارع، ونحافتها الموروث من جذور تمتد الى بادية سرت. حصلت عيشة على الليسانس ثم الماجستير من جامعة الفاتح. ثم ذهبت الى فرنسا لدراسة الدكتوراة في جامعة السوربون، الا ان الدراسة هناك كانت من الصعوبة بمكان، فلم تقدر على متطلباتها و لا الايفاء بالتزاماتها، فكان المخرج في عقد مؤتمر صحفي باحد الفنادق الباريسية الراقية، لتعلن عيشة من هناك بأنه: "من العبث إضاعة الوقت في دراسة شيء لا وجود له". وهي اشارة الى الحرب على العراق. ولم تمر فترة طويلة على هذا المؤتمر الصحفي، حتى ظهرت عيشة في طرابلس، وبالتحديد في جامعة الفاتح بطرابلس، محاطة بجمع من مسؤولي الوظائف العليا في الدولة، واعضاء السلك الدبلوماسي، واهم الشخصيات العلمية والتعليمية، ولا سيما رؤساء الجامعات وعمداء الكليات، والمناسبة هي منح الدكتوراة الفخرية لها من جامعة المرقب، كلية القانون بترهونة. من المعروف انه قد تم تسجيل اكبر عملية غش في الامتحانات بكلية جامعية، في هذه الكلية التي منحت شهادتها لعيشة. ولكن من غير المعروف، حتى الان السبب في اختيار كلية قانون ترهونة، وليس كلية قانون جامعة طرابلس او جامعة قاريونس، لمنح الدكتوراة لعيشة. في عام 2000 طارت عيشة الى بغداد في رحلة تهدف الى كسر الحصار عن العراق، وقابلت الرئيس العراق صدام حسين. وصرحت بعد الرحلة قائلة: "قمنا بهذه الرحلة دون أن نأخذ إذن من أحد لأن زيارتنا هذه تمثل الإنتقال من غرفة إلى أخرى داخل منزل واحد فلا داعي لأخذ أي إذن بذلك". كما تم وضع اسم عيشة في قائمة الدفاع عن صدام حسين، وان اقتصر دورها على الشأن المالي، ولم يكن لها اي دور قانوني. وعيشة تتمتع بجراءة والدها، في امكانها الخوض في مواضيع لا تفقه فيها شئيا. فذات مرة وقفت تخطب باللغة العربية (باللهجة السرترابلسية) في ركن الخطباء "Speaker's Corner" بحديقة ال هايد بارك في مدينة لندن، لتخوض في موضوع كبير بحجم الجيش الجمهور الايرلندي، مما شكل انتهاكا للبروتوكول الدبلوماسي وأدى إلى حالة من الاستنفار الأمني. ومعروف ان عيشة تحمل جواز سفر دبلوماسي اسوة بكافة افراد عائلة القذافي، واقاربهم ومعارفهم. ولعيشة جمعية خيرية، حملت في البداية اسمها "جمعية عيشة الخيرية"، ثم تغير الاسم الى "جمعية واعتصموا". ولها نشاطات اجتماعية متعددة، وتمويلها من خزينة الدولة الليبية. تزوجت عيشة بطريقة تقليدية جدا، حيث زفت في 16 أبريل 2006 الى أحمد القذافي القحصي، وهو ضابط شاب في كتيبة الحرس بالجيش، وهو من فرع القحوص في قبيلة القذاذفة، نفس الفخذ، الذي ينتمي اليه والدها، اي "زيتهم في دقيقهم". وكان فرحا باذخا بمدينة طرابلس، و بحضور عدد كبير من زوجات الرؤساء والملوك العرب. اذن هذه عيشة.. وهذه كلوديا. فما أوجه الشبه بينهما؟ من الوهلة الاولى يبدو ان هناك مشتركات بينهما، الا ان التمعن فيهما تظهر الفروقات الصارخة، وتختفي كل المتشابهات. فالشعر.. لا يمكن ان يكون جامعا، لان شعر كلوديا اشقر طبيعي، وشعر عيشة اشقر بالصبغة. والملابس.. ايضا لا، فالاولى عارضة لما تلبسه، وتعكس ملابسها ثقافتها، اما الثانية فهي مجرد مستهلكة لهذه الملابس، ويبدو ان عيشة توقفت بعد زواجها عن ارتداء ما هو بعيد عن الثقافة السرتاوي الاصلية. الاولى وجه من وجوه شانيل وعاملة لديها، ولدى إيف سان لوران، ولدى رالف لورين أما الثانية فهي زبون لدى كل دور الازياء هذه. الاولى فتاة غلاف لعدد كبير من المجلات، وتتصدر صورها الاغلفة لتبيع هذه المجلات نسخا أكثر، أما الثانية فأخبارها مرتبطة بأبيها، وعادة ما تكون في مكان ليملأ صفحة، ودائما ما يتم ربطها ب "كلوديا شيفر"! أما الثقافة واتقان اللغات، فلا مجال فيهما للمقارنة. وكذلك الاصل والمنبت العائلي، أبو الاولى محامي من عائلة عريقة، وصل الى ما هو عليه بجهده ومثابرته، وبطريقة طبيعية جدا.. اما ابو الثانية فهو ملازم في الجيش، انقلب على القانون وحنث القسم، واستولى على الحكم. كلما قلبنا الامور لا نجد اي تشابه بين الثنتين. اذن ما السر في اطلاق لقب كلوديا على عيشة؟ يقال ان عيشة في بداية تعرفها على اوروبا، أرادت ان تتمتع بشيء من الاضواء والبروز والدخول في عالم الشهرة، فقدمها احدهم الى صحفي ايطالي، فلما رأها وجد انها تحاول تقليد كلوديا شيفر.. فسماها كلوديا شيفر ليبيا. ثم استعار صحفيون غيره الوصف، ليعدلوا فيه. هذه هي القصة.. وهذه صورة تجمع الاثنتين، ربما يجد فيها البعض تشابه يفندون به ما جاء في هذا المقال: