هناك على رمال الشاطئ الفضية، وقفت أتأمل البحر النائم، تداعبه أمواجه في صمت وحبور، وقد مضت الأنوار ترسل ضوءا جميلا، لقد بان لي البحر كمرآة صافية، تعكس عليها أضواء الأنوار البديعة، ما أبدع هذا المنظر، وما أجمله! وأمضيت كذلك في صمت .... وقد أدهشني جمال البحر والليل والنسيم، وأتحرك قليلا... فأتمشى ببطء على حافة الماء النقي الصافي، أعبق نسيم البحر، وأتسلى بمرأى مرآته العذبة البديعة، فأنتهي إلى مرتفع صغير اتخذه الأطفال مدرجا للغوص، فآخذ لي مكانا هناك، وقد خلوت بنفسي، فكنت لا أسمع إلى خرير الأمواج تداعب نفسها في حبور، ولا أرى سوى أنوار بعيدة، تزين السماء، وفوانيس مشعة تضئ المدينة، فتبعث فيها جوا من الإلهام والحبور والمرح، هنا وفي هذا الجو الرومانسي، مكثت لحظاتي العجيبة. كنت أنظر إلى البحر أو " المرآة الجميلة"، لما ساورتني مشاعر وأحاسيس غريبة. لما لم أكن بحرا، واسع الأطراف، يسع كل شيء، يملأ الكون؟! لماذا لم أكن بحرا، جبارا، عنيدا، صافيا؟! أي سر فيك أيها البحر، إنك تارة بلا رحمة، ألم تمزق أمواجك كل شيء في طريقه، - أوليس-؟! وتارة صافي هادئ حنون. أريد أن أكون مثلك قوية، لا يجرأ أحد على محاربتي، أنا مثلك، غاضبة مزبدة، مرعدة. ما قولك يا بحر لو أخذت مكاني، فصرت إنسانا، وأعطيتني مكانك فصرت بحرا؟