لرفع كل لبس، فإننا نتحدث عن أكتوبر 1963، أثناء حرب الرمال، حين ساند جمال عبد الناصر الرئيس الجزائري بن بلة في الحرب ضد المغرب.. وكيف تاهت مروحية في مجاهل الصحراء الشرقية للمغرب، كانت تقل ستة مصريين كان بينهم الرئيس الحالي لمصر حسني مبارك، باعتباره مسؤولا عسكريا.. كيف اعتقل؟ من استنطقه، وكيف حمل إلى سجن دار المقري حيث قضى حوالي الشهر؟ والحكاية الطريفة لحملهم إلى القصر الملكي قبل تسليمهم إلى جمال عبد الناصر كهدية من الراحل الحسن الثاني.. ذاك ما نحاول الإجابة عنه. جمال عبد الناصر الجمهوري ضد الحسن الثاني الملكي منذ ثورة يوليوز 1952، لم يكن الحكم المصري يكن للملكيات أي عاطفة حب، إن عبث الملك فاروق المطاح به أعطى نموذجا سيئا للملكيات، لذلك كان القومي البكباشي جمال عبد الناصر يمجد الجمهوريات ويفضلها على الملكيات، لذلك كان القومي البكباشي جمال عبد الناصر يمجد الجمهوريات ويفضلها على الملكيات. وكانت الجزائر بلد المليون شهيد، بحسب عبد الناصر، ثورية وتقدمية واشتراكية وتحريرية، فيما لم يكن يرى في المغرب غير ملكية رجعية متخلفة خادمة للاستعمار ودكتاتورية فاسدة. من هذا المنطلق ساند جمال عبد الناصر النظام الجزائري ضد المغرب في حرب الرمال عام 1963، حيث أرسل حوالي ألف جندي مصري لدعم الجيش الجزائري ضد القوات المسلحة الملكية المغربية بالإضافة إلى عتاد حربي، وكان حسني مبارك ضمن هؤلاء، لقد جاء على متن طائرة لقتل جنود الحسن الثاني، الذي سيتحول لديه، فيما بعد، إلى مرسول محبوب بين الملك الراحل والرئيس المصري المغتال أنور السادات. حين ألقي القبض على حسني مبارك بالمغرب في أكتوبر 1963 "ألقي القبض على "العقيد" حسني مبارك في صحراء المغرب الشرقية، وفي أكتوبر 1981، توج مبارك رئيسا للجمهورية المصرية فينا يشبه حادثة تاريخية استثنائية بعد حادث اغتيال أنور السادات. إنه تاريخ طويل وماكر، يجهل الكثير من المصريين بعض تفاصيله، فالسيد حسني مبارك الحاكم اليوم الذي يطالب شعب مصر المحروسة برحيله، لم يكن سوى ذلك العقيد الذي أرسل ضمن ألف جندي لمساندة الجيش الجزائري في مواجهة القوات المسلحة الملكية في حرب الرمال عام 1963، تقول وثائق سرية إن جمال عبد الناصر كان يريد من خلال الإطاحة بالنظام المغربي، عبر هزم جيوشه النظامية، استقطاب نظام تونس الذي كانت له وشائج قربى وطيدة مع ملكية الحسن الثاني، وأيضا تقديم رسالة تحذير إلى النظام الملكي السنوسي بليبيا لقد أرسل جمال عبد الناصر حوالي ألف جندي إلى منطقة حاسي بيضة عام 1963، حيث نشبت حرب بين الجزائر والمغرب ستعرف بحرب الرمال، كان ضمنهم الضابط الميداني أركان حرب حسني مبارك الذي كلف باعتباره قائد سرب للطيارات، ويقول اخرون إنه كان جنديا برتبة عقيد (كولونيل) واخرون يتكلمون عن رتبة رائد (كوموندو)، لمعرفة الخصاص الذي كان يعانيه الجيش الجزائري في قاعدة العبادلة بالجزائر، كانت الطائرة التي تقل المصريين الستة تقوم بجولة استطلاعية على الحدود المغربية- الجزائرية في مكان اشتباكات الجيشين، غير أنها غابت عن الأنظار. البعض يقول بسبب عاصفة رملية، والبعض الآخر يقول بسبب عاصفة رملية، والبعض الآخر يقول بسبب عاصفة رملية، والبعض الآخر يقول بسبب تيه ربان طائرة الهيلكوبتر، التي نزلت في الشرق المغربي بشكل اضطراري، حيث تمت محاصرتها من طرف سكان محاميد الغزلان وقائد المنطقة الذي أخبر القيادة العسكرية بمراكش حول وجود مصريين ثلاثة منهم برتبة عقيد (كولونيل) اعتبروا صيدا ثمينا بالنسبة للحسن الثاني الذي قدم المعتقلين المصريين خلال ندوة صحافية في نهاية أكتوبر 1963، وكان بينهم حسني مبارك.. إنهم وليمة مصرية تورط جمال عبد الناصر في حرب الجزائر مع المغرب. حين ربط المواطنون حسني مبارك وطائرة هيلكوبتر خوفا من طيرانها تجمع سكان محاميد الغزلان حول هذا الطائر الغريب الذي حط بالخطأ على حقولهم، وروع كلابهم ودواجنهم، فتجمعوا حول طائرة الهيلوبتر وانقضوا على الربان والضباط المصريين وعضو مجلس قيادة الثورة الجزائرية شريف بلقاسم حيث أوثقوهم بالحبال، واستنادا إلى رواية حكاها له أحد ضباط المخابرات المغربية المتقاعدين من (الكاب1)، يقول محمد لومة غن هذا الضابط حين توجه إلى منطقة محاميد الغزلان وجد الضباط المصريين ومن بينهم بالطبع حسني مبارك، مكبلين بالحبال إلى جذوع النخيل، كما أن طائرة الهيلكوبتر لم تسلم بدورها من التكبيل وربطها بالحبال مع أشجار النخيل، ولما استفسر ضابط المخابرات المتقاعد بعض الأهالي عن سبب ربطهم للمروحية، أجابوه بأنهم يخشونها ان تطير. حسني مبارك في دار المقري بعد إعلام قائد المنطقة العسكرية عن وقوع القادة العسكريين المصريين في فخ الأهالي، أعطى الجنرال أوفقير أوامره بإحضارهم على وجه السرعة إلى مدينة مراكش، ليخضعوا للاستنطاق، قبل حملهم إلى الرباط، إلى دار المقري أسبوعا بعد 20 أكتوبر1963، حيث يحكي الفقيه البصري والحبيب الفرقاني المعتقلين على خلفية أحداث مؤامرة 15 يوليوز 1963، خبر التقاء المعتقلين الاتحاديين بالضبط المصريين، الذين سيصبح أحدهما، حاكما لمصر أكثر من 30 سنة، إنه حسني مبارك، الذي لم تحتفظ الجزائر له ود وقوفه إلى جانبها في حرب الرمال، لذلك سيقول مسؤول مصري حديثا: " بس أنا نفسي أعرف ليه الجزائريين دلوقتي بيكرهوا المصرين، رغم أننا ساعدناهم على دولة إحنا مكنش فيه بينا وبينهما عدواة، واعتقل ريسنا علشانهم وبرده هم بيكرهونا للأسف هما ميعرفوش جمايل مصر عليهم لحد دلوقتي". وبسبب ما اعتبره الراحل الحسن الثاني تدخلا مصريا في صراعه مع نظام بن بلة، قام باستدعاء سفير المملكة بمصر، وقام بطرد حوالي 350 معلما مصريا ومنع كل ما يمت بصلة لمصر من التداول في المغرب بما في ذلك أغاني رواد الطر العربي. هدية بشرية مقابل باقة ورد حقق المغرب انتصارا كبيرا في حرب الرمال، وطاردت القوات المسلحة الملكية القوات الجزائرية وتوغلت في عمق التراب الجزائري، إلا أن الراحل الحسن الثاني أمر بعودة الجيوش المغربية إلى قواعدها بالحدود المغربية الشرقية، وحكاية البزة العسكرية لإدريس بن عمر الغاضب من القرار أشهر من أن تعاد روايتها في هذا الباب.. وتدخلت الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية ودولة صديقة للصلح بين الجزائر و المغرب، وتم الاتفاق على وقف إطلاق النار بباماكو بمالي يوم 29 أكتوبر 1963، وعادت المياه إلى مجاريها بين المغرب ومصر، حيث قبل الراحل الحسن الثاني الدعوة الرسمية التي وجهت له زيارة الجمهورية العربية المتحدة آنذاك. وحول ظروف وطريقة تسليم الملك الراحل الحسن الثاني للضابط المصريين لجمال عبد الناصر، أكد لومة أن موضوع كيفية الصلح مع جمال عبد الناصر، طرح لشكل قوي على الحسن الثاني، بعد أن عرفت العلاقات المصرية- المغربية توترا كبيرا شمل كافة القطاعات، حتى الغنية منها، مع وعي الحسن الثاني يكون أن مصر تشكل وزنا إستراتيجيا في المنطقة العربية، لهذا استشار مجموعة من أصدقائه، إذ اقترحوا عليه أن ينظم رحلة إلى مصر، تسبقه خلالها طائرة الأسري، وأن يظلوا في المطار إلى حين وصوله، وأن يسلمهم بيديه للرئيس المصري وهذا ما حصل، حيث أقلعت طائرة عسكرية متوسطة الحجم تجاه مصر، وتبعتها الطائرة الملكية . ولدى وصول الحسم الثاني إلى المطار، استقبله جمال عبد الناصر شخصيا رفقة وفد من الحكومة المصرية، بعدها اقتربت طفلة صغيرة من الحسن الثاني وقدمت للملك الراحل باقة من الورد، ترحيبا به، غير أن هذا الأخير المعروف بذكائه اللماح، قبل الطفلة الصغيرة والتفت إلى عبد الناصر وقال له: "يا فخامة الرئيس شكرا على باقة الورد"، وأنه بدوره سيهديه باقة من اللحوم الحية، بعدها اتسعت حدقة عين جمال عبد الناصر ولم يفهم شيئا، وبإشارة من الحسن الثاني ظهر الضباط المصريون الأسرى الستة بزيهم العسكري، ففهم عبد الناصر معنى باقة اللحوم الحية، وضحك وعانق الملك الحسن الثاني.