على هامش انتحار الشاب الناظوري في حي بويزرزارن في الايام الماضية ، إرتأيت أن أشرك إخواني الشباب في مختلف مناطق إقليمالناظور في موضوع مفهوم الأنسان في القرآن الكريم . وهو حديث ذو شجون بحيث أن الله صبحانه وتعالى كرم الأنسان واصطفاه على كثير من خلقه ، وأفرد له مجموعة من الحقوق في القرآن الكريم ..كحق الحياة ...وحق التمتع بها ، والحق في حرية الأعتقاد ..وفي المعرفة والأختلاف ، والحق في المساوات ..والحق في العدل ..والحق في الشورى ..وحقوق المرأة ..وحقوق الفقراء والمستضعفين في أموال الأغنياء ..وهذه الحقوق بصفة عامة هي التي نطلق عليها حقوق الأنسان. حق الحياة في المنظور الأسلامي هبة من الله الى الأنسان ، فهي حق له يقول تعالى : وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ص.الحج. وقد كرمه الله بأن نفخ فيه من روحه وجعل له السمع والبصر والفؤاد . يقول تعالى : الذي أحسن كل شيئ خلقه وبدأ خلق الأنسان من طين، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ، ثم سواه ونفخ فيه من روحه ، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة السجدة . من أجل ذلك كانت حياة الأنسان حقا له يجب الحفاظ عليها ، أي على مقوماته الجسمية والنفسية . إذ ليس لأي أحد أن يمس حياته لا في جسمه ولا في روحه ، من أجل ذلك حرم الله قتل الأنسان نفسه الأنتحار مهما كانت الأسباب والظروف. قال تعالى : ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ، ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا . النساء . كما حرم قتل النفس البشرية أيا كانت إلا بالحق . ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق الأسراء . وحرم قتل الأسرى وحرم تشويه أجساد القتلى، وكان بعض العرب في الجاهلية يقتلون أولادهم لعدم قدرتهم على تحمل لوازم عيشهم فحرم الله ذلك : ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم الأسراء . كما حرم وأد البنات وكان بعض العرب في الجاهلية يفعلون ذلك خشية العار : وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت التكوير . كما حرم قتل الجنين الأجهاض ويعتبر الشرع الأسلامي إجهاض الجنين بعد أن يبدأ في التحرك في بطن أمه قتلا عمدا يقام فيه الحد . وكقانون عام : أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا المائدة . منح الله الحياة للأنسان ليحياها ويتمتع بها ، وقد سخر له ما فيها وفسح له المجال لأشباع رغباته وحاجاته منها ، ما عدا ما فيه ضرر له أو يتسبب في إلحاق الأذى بالمخلوقات ، جمادا كانت أو نباتا أو حيوانا أو إنسانا . ويعبر القرآن عما يحق للأنسان أن يتمتع به بلفظ يتردد فيه كثيرا هو لفظ الطيبات وهي كل ما لم يحرمه الله ، وكل ما هو صالح لا ضرر فيه ولا إفساد . وبالجملة فالطيبات هي غير الخبائث ، والخبائث ميدان الحرام مثلما أن الطيبات ميدان الحلال . وقد وردت في هذا المجال آيات قرآنية كثيرة نذكر منها : يسألونك ماذا أحل لهم ، قل أحل لكم الطيبات المائدة . قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق الأعراف . ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم المائدة . يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض البقرة . وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات النمل . فالتمتع بالأزواج والبنين والحفدة ، أي بالحياه العائلية ، مثله مثل التمتع بالطيبات حق من حقوق الأنسان تماما مثل التمتع بحسن صورته وبجميع ما يضفي عليها زينة وبهاء قال تعالى وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات غافر . كما يقول كذلك في صورة الأعراف : يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لايحب المسرفين ، قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق ، قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون . قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والأثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لاتعلمون وهذه الآيات الأخيرةقد جمعت ماتقدم . والجدير بالذكر هنا ان ما شهده التاريخ الأسلامي من حركات الزهد ومذاهب التصوف إنما كانت عبارة عن رد الفعل إزاء الأسراف في الترف أو إزاء ظلم الحكام ، وكثير منها إنتقلت ألينا من الثقافات القديمة السابقة ، وإذا كان القرآن يعتبر الدنيا مجرد مطية الى الآخرة ، فإنه يعتبرها الى جانب ذلك هدفا في ذاتها إذ يوصي الأنسان بأخذ نصيبه منها والأستمتاع بها في حدود لاضرر ولا ضرار يقول تعالى في صورة القصص وابتغ فيما ءاتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغي الفساد في الأرض إن الله لايحب المفسدين وفي الحديث قال رسول الله ص إعمل لآخرتك كأنك تموت غدا واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا كما يروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا ءاتاك الله مالا فلير أثر نعمته عليك. وختاما أقول لشبابنا أن يجعلوا شعارهم الدائم في الحياة هذا الدعاء اللهم إنا نسألك عيشة هنية وميتة سوية ومردا غير مخز ولا فاضح.