عندما كانت الكنيسة تسيطر في جميع مناحي الحياة و أحرقت و أعدمت و سجنت كل من كان يعارضها، و في وقت كان فيها الفيلسوف ديكارت لم يريد نشر كتابه العالم مخافة من الكنيسة لأن مضامنه خلص إلى نتائج أفضى إليها جاليليو سالفا ما أدى لإحراقه، كان لابد من بزوغ فكرة الأحزاب السياسية بأروبا كثورة ضد الكنيسة و من لف حولها كما يؤكد موريس دفرجيه في كتابه الأحزاب السياسية... لتعم فكرة الأحزاب السياسية جمع البلدان و الدول كإطارات تمارس فيه السياسة و تناظل بغية تحقيق العديد من المطالب. أما المجتمع المغربي فلا يمكن أن نتحدث عن الأحزاب السياسية بمعزل عن ما يسمى أنذاك بالحركة الوطنية، لأنه كانت للضرورة لبلورة سنة 1934 بالمغرب بعد سراع مرير مع الإستعمار و المستعمر إلى تأسيس أول تنظيم سياسي مغربي تحمل إسم '' كتلة العمل الوطني''. و التي في خضم شهر يتم تقديم وثيقة تحمل عنوان مطالب الشعب المغربيو يتم تقديمها إلى محمد الخامس و المقيم الفرنسي أنذاك ليتم في ظرف سنتين عقد مؤتمرا طارئا و تصدر دفتر المطالب المستعجلة و يطالب الدفتر بالحريات الديمقراطية ( الصحافة،تأسيس الاحزاب و حرية التنقل...)، لتم حظر كتلة العمل الديمقراطي و ذلك يوم 5 مارس 1937 لعدة حيثيات. ذلك الإرث التاريخي الذي مهد بشكل موضوعي وذاتي إلى تأسيس حزب الإستقلال مطالبا بذلك بالإستقلال إلى جانب العديد من الشرفاء الذين طواهم النسيان و هذا ما يحز في النفس،ليظهر بعد ذلك منطق الزوايا في حزب الإستقلال المتمثل في صراع علال الفاسي مع بلحسن الوزاني على من يكون قائدا ليكون الفصل بعد ذلك في هذه النقطة بالإرث الثقافي و السياسي الذي وظفه علال الفاسي –نفيه إلى الغابون- الذي استغله هذه النقطة أحسن استغلال. وحينئذ إنشق حزب الشورى و الإستقلال من رحم حزب الإستقلال الذي يعتبر الزاوية التي انشقت منه العديد من الزوايا الصغرى ، و من هذه الثغرة ألا يمكن أن يتبادر إلى أذهاننا سؤالا في غاية الأهمية المتجلي في هل الأحزاب السياسية عموما لخدمة الصالح العام أم أنها إطار للتناحر على القيادة كما هو واقع في سنوات داخل هياكل الحزب المشار إليه سالفا. إن هذا المنطق لا يخرج عن أدبيات الزاوية التي تكون الملحاحية للشيخ قبل المريد كما سبق لعبد الله حمودي أن وظحه في خطاطته الشيخ و المريد ذات إشعاع وطني، كما لا يمكن أن نتغافل أطروحة واتربوري في هذا الصدد خصوصا في النسق السياسي بعد أن أكد أن منطق الأحزاب السياسية بالمغرب بمثابة الزوايا لأنها تمشي وفق مسار الزاوية. وفي نفس السياق الذي نحن في صدد الحديث عنها لا يمكن أن نغفل روبرت ريزيت الذي دافع بقوة عن أن الحزب السياسي عموما يعتبر بمثابة الزاوية بمختلف تلاوينهم؛ بمعنى أدق أن الزاوية التي تحتوي على هرمية الشيخ و المريد ينطبق على الحزب السياسي الذي يحتوي بدوره على الشيوخ في مراكز القرار و الأتباع الذين لا يعرفون سوى القليل عن اللعبة الشبيهة بلعبة التنس. كما لا يخفى على الجميع أن المنتمين إلى الأحزاب السياسية في العالم القروي ليسوا مقتنعين ببرامج و تطلعات أحزابهم و ذلك ما وظحه كتاب الفلاح المغربي المدافع عن العرش لصاحبه ريمي لوفو، لأن و كما أشار أن مصالحهم و مصالح القبيلة فوق كل اعتبار . سواءا نشاطرهم الرأي أو لا، سواءا اتفقنا مع هذا أو ذاك أمر غير مهم لأن اللحظة تستدعي أن يكون الكل يطمح إلى خدمة هذا الوطن و الصالح العام أي في خدمة الفقراء و المستضعفين و المحتاجين.. و خدمة البرامج التنموية التي أصبحت حبر على ورق إلى جانب مشارع أخرى التي كانت مجرد أحلام نذكرها كلما كان حدث مهم في النوم، كما يجب إعطاء من طرف الأحزاب السياسية استراتيجيات واضحة للمواطنين، و خطى تكون في العمق منطقية و تقدمية لا ترجع بنا إلى عصر الظلمات لأن الشعب لا يريد أن يذوق الظلمات و لا يحب طعمها.