إننا نعمل على استقطاب الكفاءات الفنية من مهندسين وأطباء ومدربين رياضيين...الخ ولا أدري لماذا لا نعمل أيضا على جلب الكفاءات الخلقية ...وأصحاب الضمير المهني الحيّ، فنجلب العامل النصراني والقاضي الطلياني المسلم ؛ والقائد الاسباني والوالي الهولاندي.. وهكذا. أي نعمل على تعويض أغلب هذه الرؤوس الفارغة عندنا إلا من الجشع والتكالب على المكاسب الشخصية بكل الوسائل ؛ برؤوس همها وشغلها الشاغل هو خدمة الصالح العام. فقد فقدنا مع الأسف الشديد ؛ الثقة في بني جلدتنا...وصرنا قطيعا من الذئاب ؛ يسود فيه القوي ويؤكل فيه الضعيف !!؟ فنحن مهووسون بالمال...وحب الذات...والتفاني في تحقيق وتوسيع المصالح الشخصية؛ أما الشعب فليذهب إلى الجحيم . لذلك برع فينا من ينهب الملايين أو حتى الملايير ثم يلوذ بالفرار وهو آمن ! وبزغ فينا من يضحك على ذقون الناس كلهم بمشاريع لا تسمن ولا تغني من جوع وهو آمن !! ولعل قضية العمل في دولة الإمارات، أو ما اصطلح عليها بسفينة النجاة، ليست منا ببعيدة ؛ فلن أنسى ما حييت طبخة العمل بالإمارات في التسعينيات...والتي تم الترويج لها حتى في الصحف والتلفزة ؛فهب شباب وطننا الحبيب ؛ العاطل عن العمل والحاصل على الشهادات عن بكرة أبيهم يركضون هنا وهناك...يحدوهم أمل عريض وحلم كبير للدخول إلى المستقبل الزاهر من بابه الواسع العريض . وتمر الأيام ..ثم الأسابيع و ..والشهور بلا فائدة؛ فراحت المصاريف سدى ...وراحت معها الأحلام الكبيرة !! وكان وراء هذه المسرحية السخيفة أحد الوزراء من العيار الثقيل؛ الذي يلذ له أن يرى دموع البسطاء ..ويحلو له شم عرق الضعفاء !!والأدهى من ذلك أن تمر أحدات هذه المسرحية في أحسن الظروف وكأن شيئا لم يكن ! هذا على الصعيد الوطني ؛ أما على الصعيد الاقليمي؛ فقد حدثت مسرحية مماثلة في أوائل التسعينيات أيضا؛حيث تم الترويج كالعادة بأن هناك بقعا ستوزع بالمجان بمدينة زايدة ، وما عليك إلا أن تملأ مطبوعا خاصا بذلك ؛ ثم تحمل جسمك على سيارة أجرة في أقرب وقت ممكن الى عين المكان وهناك ستتم باقي الإجراءات ؛ وهكذا هبت أفواج من البشر ...ومن جميع القبائل القريبة والبعيدة على السواء ؛ لعلها تظفر بجائزة العمر !!!وبعد أسابيع ليست بالقليلة وان كانت بالثقيلة الطويلة ؛ تبدى للعيان أن وراء اللعبة ثلة من المستغلين ، على رأسهم شخصية كبيرة . وعلقت مصادر مقربة ساعتها أن تقديم تلك المسرحية إنما كان لحاجة في نفس يعقوب ليس إلا ؟ وكالعادة تم الضحك على ذقون المواطنين المساكين .. وانتهت اللعبة بامتياز وكأن شيئا لم يكن . وطبعا لن يكون من الحكمة أن نفكر في الحساب والعقاب ؛ لأن المنطق يقول : فاقد الشيء لا يعطيه. لم لا نعمل إذا على جلب عدد من هؤلاء ممن لهم ضمائر حية ؛ لعل معيشتنا تتحسن...ولعل مبانينا...طرقنا...مستشفياتنا...ومشاريعنا الاجتماعية الأخرى تكون حقيقية لا صورية !!! كهذا المستشفى الجديد التي بني ببومية مؤخرا و الذي لازال خاويا على عروشه ، لا تجهيزات حديثة ولا أطباء جدد ولا ولا... قبل عقد أو عقدين من الزمن ، كان طبيب "المخزن" يتحرى التشخيص الجيد ،تستلقي أولا على السرير، يقيس لك الضغط الدموي مرتين،ينقر بأصابعه على صدرك وبطنك، يفحص عينيك ويقول لك قل آآهْ .. أما الآن فصار يكتفي بالجلوس قبالتك هو يسأل وانت تجيب ،كأنك أمام محقق أو شرطي ! أو كتلك الشوارع الجديدة التي مدت خيوطها هنا وهناك ، لكن وبسرعة بدت مهلهلة ومليئة بالحفرالتي تتناسل وتتكاثر كالفطر ، نعم تم إصلاح بعضها ، لكن يبقى ذلك مجرد حل ترقيعي ، وأن الحفر قد تعود في موسم الأمطار القادم ، لانه لا أمان لها ، فهي كالحية الرقطاء، تعطيك بذيلها ثم لا تلبث أن تطل عليك برأسها من جديد. لست أدري ما سيكون موقف الجماعة القروية من هذه المهزلة ؟ ولا ما سيكون موقف الجمعيات التي أعتبرها العين الساهرة والحارس الأمين لهذه المدينة المهمشة ؟ ولاما سيكون من خبراء الانترنت ،ولم لم ينشروا في المواقع واليوتوب صورا فاضحة لكل المشاريع المغشوشة والتي لسان حالها يقول: انظروا ياعالم الى هذا الغش القبيح في القرن الواحد والعشرين ! النصارى يغزون الفضاء الواسع ويخترقون أعماق المحيطات وعندنا مازال فينا من يغش المواطنين في المشاريع التنموية والحيوية ثم ينهب المال العام ولايبالي.. ومرة أخرى أستثني ذلك الشارع الممتد حول الملعب ، فقد أبان صاحب المشروع عن صدق وإخلاص كبيرين ، زادنا الله من أمثاله الذين يطبقون قول الرسول صلى الله عليه وسلم : رحم الله عبدا عمل عملا فأتقنه.فبارك الله في رزقه وفي بدنه وأمده الله بالعمر المديد. عودا الى بدء سأقول كما كنت أقول لزملائي على سبيل المداعبة - لو كان النصارى هم الذين يصلون لاخترعوا أقراصا تخفف من وطأة خروج الريح لأقل الحركات حيث يضطر المسلم إلى الوضوء أكثر من مرة في اليوم الواحد...ولاخترعوا خيوطا ضوئية تنبعت من جانبي المسجد أو من فوق رؤوس المصلين ؛ لتساعدهم على تنظيم الصفوف عوض تلك الخيوط والحبال التي نمدها نحن ؛ والتي يتعثر بها المصلون كثيرا حتى ليقعون على وجوههم !! بصراحة إنهم أناس يفكرون في حل المشاكل ... ونحن ناس همنا خلق المشاكل . وشتان بين من يحل المشاكل وبين من يصنع المشاكل أو يتفرج عليها .هم يغرسون السعادة على الوجوه و "عريبّان " وهم مسلمون ياحسرة ، يزرعون البؤس والشقاوة قي الصدور..مع أنهم يحضرون الصلوات ويصلون الجمع ويلبسون الجلابيب الناصعة البياض في الأعياد.. ملابسهم ملابس مسلم تقي وقلوبهم قلب ذئب ماكر.. فلنأت بهم لعلنا نحيى حياة الحق ...والكرامة...والصدق. نحيى حياة التضحية والتفاني في خدمة الصالح العام ...حياة ترحب بكل الممارسات القانونية وتنبذ كل الممارسات القائمة على المحسوبية والرشاوي ورنات الهاتف وأساليب الخداع !! الواحد فيهم يا ناس لو ارتكب فضيحة صغيرة يستقبل ثم يحاسب ولو كان لمرة ، وعندنا يفعلون الأفاعيل ودائما تسلم الجرّة ،، هم ياسادة أقرب ما يكونون الى ملائكة تمشي على الارض ، فقد حكت لي إحدى قريباتي القاطنات بالديار الفرنسية ، أن قطتها وقعت ذات ليلة من فوهة المدخنة وعلقت في وسط المنزل الذي يتكون من طابقين ، اتصلت برجال المطافئ في الحال ، وما هي إلا دقائق حتى حضروا : سيارة وأضواء ترقص على الجدران وبزات لامعة ، بعد أن عاينوا الحادث قالوا لها بأن تنتظر حتى الصباح فقد تنزلق لوحدها وتسقط الى الاسفل ، وإلا سنحدث ثقبا لإخراجها . خلق عجيب ولاريب عندنا نحن العرب ،يحضرون على عجل وفي جوف الليل من أجل قطة عالقة ؟ هاهم تجاوزوا الرأفة بالانسان الى الرأفة بالحيوان بله البيئة والأشجاروغيرها من المغروسات، أين أغلب المسؤولون عندنا من هؤلاء ؟ بصراحة نحن كمن على ظهر مركب ؛ والغريب أن كل فرد يثقب في جهته كما يشاء ؛ ومن لا يثقب يتفرج ولا يحرك ساكنا ؛ فنحن في هذا الوضع لك أن تقول باصطلاح علم البحار: إن المركب سيغرق ! ولك أن تقول باصطلاح علم الاجتماع: إن الحياة تتخلف !. أما موظفونا الكرام في إداراتهم العمومية ؛ فأسود في عرينها ..وصقور في أعالي جبالها. لذلك تجد الزبناء كثيرا ما يطأطئون رؤوسهم ...وأحيانا يقبلون الأيدي ؛ ولا بأس في أن يجتهد بعضهم فيعوض هذه التقاليد ؛ تقاليد الطأطأة والتقبيل ؛ بطرق أكثر فعالية ؛ كتقديم الهدايا ...نثر الوعود...وقبل ذلك إعطاء أوراق مالية في سرية تامة كما توصي بذلك الأصول ! عجيب أن يكون القرآن دستورنا ونحن نهمل الحق ولا نرفع رايته ...ونرى الباطل ونقبل هامته !؟ يجب علينا جميعا خاصة أصحاب المناصب الكبرى والمسؤوليات العظمى أن يعطوا المثل الأعلى في إعلاء كلمة الحق وتطبيق القانون . فهذا سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام يعطي المثل الأعلى في الغضب للحق والأخذ بيده بكل حزم وعزم ..فهو عندما ذهب إلى الجبل ليكلمه ربه ويتسلم الألواح ؛ إذا به يعود غاضبا ؛ لأن الله أخبره بأن قومه صاروا يعبدون العجل من بعده . ألقى الألواح جانبا مع ما فيها من قدسية وأهمية ؛ ثم أخذ برأس أخيه يجره إليه قبل كل شيء..اسمعوا إلى قوله تعالى في هذه الآيات من سورة الأعراف : وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين " .هذا هو مثال المسؤول الحق ؛ أن تحاسب من يليك وان كان أخاك أو ابنك أو أباك ؛ ثم تعمد فتحاسب الجاني الحقيقي في القضية مهما كانت شخصيته وسلطته ؛ بعد ذلك تعيد الحق إلى نصابه؛ ساعتها تستطيع أن تنام وأنت مرتاح البال ...صافي السريرة تماما كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عندما نام تحت شجرة وحده وهو من هو ؛فلم يزد السفير الأجنبي أن قال فيه قولته المشهورة " عدلت ياعمر فنمت" عمر وما أدراك ما عمر الذي قال ما معناه لو أن بغلة عثرت في طريق العراق لخفت أن يسألني الله عنها ! عمر الذي يأمر عمّاله ألا يدخلوا المدينة ليلا ، فهم خدام الشعب وحراس الحق ،فإن رأى عند أحدهم أشياء ليست من حقه سأله سؤاله المعروف : من أين لك هذا ؟ ولو كان المسؤولون الكبار يُسألون هذا السؤال بصدق من طرف لجان خاصة كلما انتهت ولاية حكمهم، ما رأينا هذا التهافت المجنون على الانتخابات .. ولا هذه الصراعات المحمومة من أجل ضمان الفوز ، فهاهم لايتقاضون أجرا في الجماعة القروية ، ومع ذلك يبذلون الغالي والنفيس من أجل ضمان مقعد ، فهل سيكون ذلك ببلاش ؟ هل هي تضحية لوجه الله تعالى ؟ ولامازال ْ إردو فلوسْهم مثني ومثلث ْ ؟؟ كيف لا ونحن نرى أحد المرشحين يلبس بذلات أنيقة ولا يدخن الا ماركة مارلبورو مع انه عاطل عن العمل؟ أليس المقعد في مجلس الجماعة أو الغرفة الفلاحية مجرد " بزنيسْ " بالنسبة له ولأمثاله ليس إلا ؟ بل إن بعضهم الآن في الانتخابات يغيرون جلودهم كأفعى، فيدخلون في هذا الحزب أوذاك، تحت قائمة من الوعود والصفقات السرية ، وبسبب التكتلات لضمان فوز محقق، يرفعون شعارات براقة : المساواة ، العدل ، ضمان الحقوق ، الكرامة ، محاربة التهميش وإقامة مشاريع تنموية حقيقية و.. والقائمة طويلة ،ثم تراهم يفشون السلام ويطعمون الطعام ،،يمدون أيديهم بالتحية والسلام ، يلوثون الارض بالأوراق الدعائية والصور المبتسمة .. يلطخون الجدران بالخانات والمستطيلات وأرقام الدوائر الانتخابية ، ثم لايستغلونها وما استغلوها يوما ، وبعد انتهاء هذه الحملات المشحونة وتهدأ الأمور ، تعود حليمة الى عادتها القديمة ..فلا الغنيّ منهم سيكتفى بماله ، ولا المتوسط الحال سيقنع بحاله ،وهكذا سنشهد مسرحية أخرى على غرار ما سلف من المسرحيات : أولها جنون ومشاحنات وآخرها مساومات ومزايدات واختطافات .. بصراحة ،ماوجدنا الخير في السلف ولا رأيناه في الخلف، لا أحد منهم سيحسّن ظروف البلاد ولا أحد منهم سيحقق آمال العباد.. بصراحة ، كون درْنا النّوبه على هادْ المقاعدْ حْسن، باش كل واحد إستافدْ ، ما طالعه ماطالعه...