شارك محمد القنور . عدسة : محمد أيت يحي. الدكتور محمد النشناش رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان عقدت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بمدينتي العيون واسمارة أيام 13-14-15 فبراير 2014 لقاءات تواصلية على شكل جلسات استماع لفعاليات المجتمع المدني ومجموعة للمواطنات والمواطنين، كما نظمت ندوتين الأولى بالعيون في موضوع "المجتمع المدني والمشاركة في تدبير الشأن العام "، وندوة ثانية بمدينة اسمارة حول" الحقوق الثقافية "، تخللهما نقاش مع فعاليات المجتمع المدني في شأن أوضاع حقوق الإنسان بالجهة وربوع المملكة. تندرج هذه اللقاءات في إطار خطة تعمل المنظمة المغربية لحقوق الإنسان على بلورتها ليكون لها حضور في صلب الحراك الحقوقي والمدني الذي تعرفه المنطقة الجنوبية بالمملكة، بدءا من وقوفها المباشر على أوضاع حقوق الإنسان وتسطير برامج عمل قابلة للأجرأة تتلاءم وإمكانيتها المادية والبشرية تهدف بالأساس إلى خلق وساطة فعلية وجادة بين المواطنات والمواطنين والسلطات العمومية، والتصدي لجميع انحرافات أيا كان مصدرها، بروح من المسؤولية على أساس قاعدة أن البناء الديمقراطي للمجتمعات والحديث عن حقوق الإنسان والنهوض بها لا يتحقق إلا بوجود الاستقرار والسلم الاجتماعي ، بعيدا عن المزايدات السياسية التي ليست السبيل الأمثل لتحقيق المكاسب الحقوقية وتطويرها وصيانتها. وتعتبر المنظمة المغربية لحقوق الإنسان اللقاء الذي تم مع السلطات العمومية والقضائية (والي العيون والوكيل العام بمحكمة الاستئناف)، كان مثمرا ومفيدا، يسمح بتبادل الآراء وترسيخ الثقة بين المجتمع المدني والسلطات العمومية وتسمح بالوصول إلى تحديد سياسات عمومية تنسجم والدستور المغربي وتقوم على تنمية حقوق الإنسان والنهوض بها والتصدي للانتهاكات في إطار الإعمال الجيد والسليم للقانون. ما يمكن استخلاصه من هذه اللقاءات أن السلطات العمومية ليست لديها خريطة طريق واضحة لتحقيق إقلاع اقتصادي واجتماعي فعلي يسمح بتفعيل المقاربة التي تقدم بها المجلس الاقتصادي والاجتماعي لتنمية وتطوير أوضاع حقوق الإنسان بأقاليمنا الجنوبية والتي ارتكزت أساسا على مقاربة حقوقية محضة يمكن ان تكون احد المخارج الأساسية لمواجهة الاحتقان بالمنطقة والتصدي للأطروحات التي تقوم على التوظيف السياسوي والممنهج للمشاكل الاقتصادية بالمنطقة التي هي نفسها مشاكل كل مناطق المغرب مع التفاوت في أسبابها وحجمها ونوعها، مما يؤكد ان ما تتوفر عليه السلطات العمومية بالمنطقة لا يتعدى رغبات في تطوريها وتنميتها دون توفر على مخطط استراتيجي فعلي ومنسجم ومتكامل وجريء يقطع مع اقتصاد الريع ويستجيب لحاجيات المواطنين ويخلق قوة مجتمعية تدافع عن مصالح المغرب وتكون بمثابة المناعة الداخلية التي تحول دون إنجاح مخططات الخصوم، مما يجعلها أسيرة الاكراهات اليومية بالقيام بردود أفعال أمنية أكثر مما هي محكومة بمخططات استراتيجية وتنموية. أما بخصوص السلطات القضائية فقد كانت مثمرة وأبانت عن رغبة هذه الأخيرة في إعمال القانون وحماية حقوق وحريات المواطنين من أي انتهاك، إلا أنه من خلال الشهادات تبين أن القوات العمومية المكلفة بإنفاذ القانون، لا سيما في الشق المتعلق بالتظاهر السلمي والوقفات الاحتجاجية لا تخضع لتكوينات علمية وفعلية التي قد تخولهم بأن يمارسوا وظائفهم طبقا للقانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان دون سقوط في فخ الابتزاز الممنهج الذي يقدم صورة سيئة عن المغرب ولا يعكس حقيقة الأوضاع في مجملها. أما في جلسات الاستماع للمواطنات والمواطنين وتنظيمات المجتمع المدني، فان المنظمة المغربية حاولت عمليا استثمار هذه اللقاءات كما أبانت المنظمة عن استقلاليتها الكاملة ليكون لخطابها معنى ومصداقية يمكنها أن تصبح مخاطبا مقبولا للمجتمع المدني والمواطنين بالمنطقة. يمكن إجمالا حصر مضمون هذه الجلسات في النقط التالية: التشكي من انعدام فرص الشغل وعدم المساواة بين المواطنين في الاستفادة من الفرص التي يتيحها المكتب الشريف للفوسفاط وباقي المرافق العمومية. - انعدام وجود خدمات صحية كافية. - الاستعمال المفرط للقوة في فض التظاهرات من طرف القوات العمومية والمس بحرمة النساء. – انتهاك حرمة البيوت والاعتداء على الممتلكات الخاصة بها. - التضييق على الحريات الجماعية وعدم تمكين الجمعيات من وصولات إيداع نهائي يسمح لها بمباشرة أنشطتها وبعض الحالات ضدا على قرار المحكمة الإدارية.. - عدم تحريك المتابعات في حق عناصر القوات العمومية عندما يتم تقديم شكايات في مواجهتها. - انعدام وجود نواة جامعية كاملة تسمح بالتمتع بحق التعليم دون الاضطرار للسفر والانتقال إلى مدن وأقاليم بعيدة. أما بخصوص الندوة الأولى والتي انعقدت بمدينة العيون، فقد تخللتها كلمة رئيس المنظمة الدكتور محمد النشناش الذي عرف بتاريخ المنظمة ومجال تدخلها وما قامت به وطنيا وجهويا من أوراش ومن نضالات للنهوض بحقوق الإنسان بالمغرب منذ وجودها، وأن زيارة المنظمة للعيون واسمارة تأتي في إطار رغبة المنظمة من أجل العمل بشكل مباشر في هذه المنطقة للنهوض بحقوق الإنسان وكذا التصدي للانتهاكات بجميع أنواعها، والقيام بمهام التحسيس والتوعية وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان من خلال مشاريع عمل متنوعة ومتعددة بدءا بفتح نقاش عمومي حول ضرورة الإسراع بتفعيل مقتضيات الدستور والعمل على تأويله تأويلا ديمقراطيا، وتأطير المجتمع المدني والرفع من قدراتها لممارسة وظائفه الطبيعية المنصوص عليها في الدستور والعمل معه في جميع الحقول ذات الصلة بحقوق الإنسان في استقلالية تامة وبعيدا عن العمل التبسيطي والسطحي لقضايا حقوق الإنسان. وكانت مداخلة الأستاذ محمد بوزلافة أستاذ في كلية الحقوق بفاس حول "أدوار وأشكال مشاركة المجتمع المدني في مساءلة السياسات العمومية وتدبير الشأن العام " ومداخلة المهندس طارق النشناش حول "استعمال الوسائل الحديثة للوصول إلى المعلومة وتقديم المطالب " تم فتح باب النقاش والحوار مع فعاليات المجتمع المدني والحضور. ويمكن اعتبار معظم الآراء المطروحة كانت بعيدة نسبيا عن موضوع المداخلتين، وانصبت على ما يلي: أ – العنف المفرط من طرف القوات العمومية، وممارسة المحاكمات (اكديم ايزيك) بمثول المتهمين أمام محكمة عسكرية. ب- اقتحام البيوت من طرف القوات العمومية وتكسير ما بداخليها من أثاث. ج- سحل النساء في الشارع العام. د- التضييق على حق تأسيس الجمعيات بعدم تمكينها من وصل الإيداع النهائي. ه- عدم وفاء السلطات العمومية بالوعود التي تقدمها للمواطنين في مجال الشغل والصحة والسكن. و- عدم التوقف عن الانتهاكات والاستمرار فيها. ج – إشكالية دور المينورسو في مراقبة أوضاع حقوق الإنسان. * كما طالب المتدخلون المنظمة بأن لا تكون لهذه الزيارة لقاءات أخرى. * معظم المتدخلين يتفادون الحديث عن الأوضاع اللاإنسانية بتندوف. لقد مكن هذا اللقاء المنظمة المغربية لحقوق الإنسان من إمكانية الوقوف والإطلاع على حقيقة خطاب معظم هذه الجمعيات المدنية الذي يتسم بالسمات التالية: 1- الابتعاد عن الخطاب الحقوقي، وجعله خطابا سياسيا في حلة حقوقية بطريقة ممنهجة ومدروسة. 2- الابتعاد عن الانشغال في المجال الحقوقي الفعلي بمنهجية مدنية وحقوقية تنبني على رصد الانتهاكات والمطالبة برفعها والعمل على النهوض بثقافة حقوق الإنسان تماشيا مع دور المجتمع المدني والحقوقي المحدد له بمقتضى القانون والتجارب الفضلى لحقوق الإنسان. 3- اصطناع الانتهاكات وتحريف الوقائع والحقائق. 4- جعل الخطاب الحقوقي وسيلة لتحقيق مكاسب سياسية. 5 – غياب مجتمع مدني فعلي وجدي يقوم بأدواره الحقيقية والوساطة. المؤتمر الجهوي للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان بمراكش بناء على كل ما سبق نوصي بما يلي : 1- إن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ترى أن سبب الاحتقان بهذه المنطقة راجع إلى نهج المقاربة الأمنية المبالغ فيها التي اتبعتها الدولة في السابق كسبيل وحيد وأوحد لمواجهة الحركات الاحتجاجية بالداخل وعدم وجود مجتمع مدني فعلي يقوم بأدواره الحقيقية وعدم قيام الأحزاب السياسية بدور فعلي وحقيقي في تأطير المواطنين والمواطنات والانشغال بقضاياهم ومطالبهم بعيدا عن الحسابات الضيقة والمصلحية والابتعاد عن الأنانيات الشخصية على حساب مصلحة الوطن ، كما ان اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لا تقوم بدورها سواء على المستوى القبلي أو البعدي ولا تساهم في تطوير الحركة الحقوقية ولا بدور الوساطة بين المواطنين والسلطات العمومية ان لم نقل ان أبوابها موصدة، مما يمكننا من القول ان المجتمع المدني والأحزاب السياسية شبه غائبين. ونفس الأمر بالنسبة لاقتصاد الريع الذي جعل القيم السائدة لدى المواطنات والمواطنين بالصحراء لا تقوم على الكد والعمل والإنتاج والمبادرة بل على الابتزاز والاتكالية. 2- التسريع بتنفيذ توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي، باعتبارها سبيلا فعليا لبلورة سياسة عمومية جديدة بالمنطقة تقطع مع الماضي وتحقق تنمية فعلية تقوم على حقوق الإنسان. 3- على المجتمع المدني أن يقوم بدور الوساطة والتدخل القبلي واختراق الفضاء العمومي من طرف المعارضين للدولة. 4- تكثيف أنشطة المجتمع المدني في مجال حقوق الإنسان بشكل فعلي وباستقلالية وبالتعاطي مع أهم القضايا كيف ما كانت ليقوم بدوره الحقيقي لإشاعة قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وقيم المواطنة. 5- يتعين خلق الشروط الحقيقية لفضاء اقتصادي تكون فيه الفرص متاحة للجميع على قدم المساواة بعيدا عن العطايا والهيبات والريع. 6- تفعيل اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان والقيام بدورها في النهوض والحماية. 7- الأحزاب السياسية وباقي المؤسسات الوطنية ملزمة بالعمل الفعلي من أجل الدفاع عن قضايا المنطقة وتغليب مصلحة الوطن، وأن يكون عملها دائما ومستمرا وفعليا وليس صبغة مناسبتية. 8- الرأس المال الوطني يجب ان يكون مواطنا و يلعب أدوارا طلائعية بالمنطقة وأن ينخرط من خلال ذلك في الدفاع عن التراب الوطن بتشكيل نسيج اقتصادي مغربي فعلي يؤسس لتنمية مستدامة ويوفر فرص الشغل وينتج الثروة التي تحقق الإقلاع الاقتصادي للمنطقة. 9- ضرورة العمل على الرفع من قدرات وكفاءات القوات العمومية في فض التظاهرات، وأن لا تكون المناطق الجنوبية ملجأ لعقابهم بسبب الإخلالات التي يرتكبونها بربوع المملكة ونفس الشيء بالنسبة للإدارة العمومية مما يؤثر سلبا على سلوكهم ومردوديتهم، بل ننصح بأن يكون الموظفون من أحسن خيرة رجال المغرب. 10- إنشاء محكمة إدارية في العيون تمكن المواطن من حق التقاضي في مواجهة الإدارة (حق الولوج إلى القضاء). 11- إنشاء محكمة تجارية بالمنطقة لصعوبة تصور قيام نشاط تجاري فعلي دون حماية قضائية قريبة وفعلية. 12- إنشاء نواة جامعية بالنسبة للعلوم التطبيقية ومعاهدة التكوين المهني. 13- إنشاء مستشفى جامعي وكلية علوم الطب، مما سيمكن أيضا من استقطاب طلاب البلاد جنوب الصحراء. 14- تطوير البنية التحتية وتخفيض تكلفة النقل الجوي لتسهيل التواصل مع هذه المنطقة والزيادة في عدد الرحلات الجوية. أما بشأن مدينة اسمارة، فنفس المقترحات تسري عليها وإن كان المتدخلون هناك يعانون من التهميش والبطالة أكثر بكثير من المناطق الأخرى وكذا من الألغام المحيطة بنواحيها والتي تسبب لهم عاهات مستديمة تنعكس سلبا على الحياة الاجتماعية للمصابين والذين يطالبون بمعالجة هذا المشكل باستعجال. كانت جلسة اسمارة مثل جلسة العيون محددة المقاصد .. عميقة الدلالات.. منبهة إلى ضرورة إيلاء الاهتمام بالإنسان الصحراوي منشئ الثقافة والدال عليها.. إن حديث الناس في اسمارة لم يحد عن المطالبة بترسيخ مأسسة الثقافة الحسانية : إقرار حكامة للشأن الثقافي بالصحراء .. التشجيع المادي للنهوض بالثقافة الحسانية.. بناء مركبات ثقافية مستجيبة لحاجيات الساكنة.. إدماج الثقافة الحسانية في المجالات السمعية البصرية .. إدماج الثقافة الحسانية في السياسات التعليمية العمومية بالجهات.. استحداث وحدات التكوين الثقافي داخل مؤسسات تكوين الأطر والاستفادة العلمية من البحوث والدراسات حول الثقافة الصحراوية.. استثمار قيم الثقافة الحسانية لبناء المواطنة الحقة .. الحد من ثقافة الريع المستشرية في كل القطاعات. شارك