شارك نقلا عن أسبوعية "الأنباء المغربية" محمد القنور . عدسة: جمال السميحي في الحي الشتوي وعلى جادة شارع الأمير مولاي عبد الله، وشارع يعقوب المنصور بجليز،في مراكش فيلات شاسعة، ومهجورة، بعض لايزال يقاوم عوادي الزمن، وبعضها بات آيلا على السقوط والخراب الكامل، كانت في وقت مضى، مساكن فارهة لعائلات ثرية، طالما جمعت بين أرجائها الدفء الأسري، وأواصر السكينة والطمأنينة، وكل أشكال الحرمات..التي لاتزال تبدو في بقايا سقوفها المزركشة، ومختلف ملامح غرفها ومسابحها، وحشائش حدائقها المحتضرة…. قبل أن تتحول إلى مأوى لضحايا التشرد ، و المنحرفين، والفارين من قبضة الأمن ووجه العدالة…. ما أن ترى أطلال هذه الفيلات، التي دخلت إلى معظمها "الأنباء المغربية" حتى تقفز إلى ذهنك فورا جميع قصص الرعب والأشباح التي تناولتها السينما على الشاشة الكبرى . أطلال فيلات قاتمة كالرماد، وباردة كالثلج، صامتة مثل الموت تحولت هي نفسها إلى أشباح مرعبة ، أغلقت أبوابها منذ أمد طويل وتركوها أصحابها لتتعفن ، ولتتحول كل غرفها إلى مطارح قمامات، ومراحيض مفتوحة للجميع، بعدما إستطاع سكانها الجدد ، الولوج إلى داخلها من النوافد، ومن الشرفات، أو حفروا جداراتها ليصنعوا أبواب تعوض عن أبوابها الأصلية التي أغلقت بالأسمنت وشبابيك الحديد المصفح ، وبعد أن هتكوا سياجات حدائقها… مستغلين ملفاتها العقارية العالقة، أو سوء تدبير الصراع بين الورثة، أو لعدم إقتنائها من طرف مستثمر عقاري، يعمل على إعادة أنفاس الحياة العمرانية لها . كان إندلاع حريق في إحدى هذه الفيلات المهجورة، بشارع يعقوب المنصور بحي جليز،يرجح إضرامه من طرف أحد ساكنتها الجدد من ضحايا التشرد، ممن يلجؤون للمبيت فيها، فرصة أمام "الأنباء المغربية" للولوج إلى عالم الفيلات المهجورة في مراكش ، حيث بدت هذه الفيلا وحيدة على زاوية الشارع ، ورغم قسمات الأبهة التي لاتزال تفصح عنها هذه الفيلا ، فإنها بدت كمطرح مشتت للنفايات، والقادورات، وحتى السيارتين المركونتين لعقود في مدخل حديقتها الخلفية، فإنها تحولتا إلى خردة، بفعل إشتعال النيران فيهما، وإستعمال وإنتزاع قطع غيارها من طرف السكان الجدد، فيلا من خلال سقوف فناءاتها المزخرفة بالجبص ولخشب، وعبر أبواب دواليبها المنقوشة ، كانت تختزل ملامح مريرة تعتصر لها أرواح آلاف البشر. ويبدو أن سكان هذه الفيلا، ينوون العودة لها ليلا، لكونهم تركوا بعض قنينات المياه المعدنية المملؤة بالكحول، وبعض الأغطية المترهلة التي تفوح منها رائحة عطنة، تزكم الأنوف بفعل البراز وإفرازات البول المتراكم عليها. في ذات السياق، كانت الطوابق والردهات الخاوية التي لاتزال تحتفظ بزخارف الزليج الفاسي تنبعث منها رائحة المرض والموت، وكأنها مسكونة بأشباح حائرة طالما أدخلت الهلع إلى قلوبنا، ونحن برفقة رجال المطافئ وبعض العناصر الأمنية وقائد المنطقة، ممنإقتحموا الفيلا المهجورة لمعاينة تفاصيل الحريق، وإخماد ألسنة النار، والحيلولة دون إنتشارها للفيلات المجاورة. في ذات السياق، أوضح أحد عناصر السلطة المحلية من الحضور ل "الأنباء المغربية": إذا قال لك احدهم بأنه ضاق ذرعا بداره التي يملكها ويسكنها في مراكش منذ سنين عديدة وأنه قرر هجرها والبحث عن مسكن يستأجره بعيدا عنها..!! فإن المصير المحتوم لهذه الدار، هو أنها سوف تحتل من طرف جحافل المشردين والمنحرفين ، دون سابق إشعار". اذا حُدثت بمثل ذلك في مراكش فلا تندهش، ولا تستغرب.. بل صدق هذه الرواية لأنها واقعية، ولان مسرحها في مدينة جميلة هي مدينة سبعة رجال ..!! ليس هذا فحسب.. بل ان كثيرا من سكان أحياء جليز التي تعج بمثل هذه الفيلات المهجورة .. قد فكروا في هجرة حيهم، والإنتقال إلى أحياء أخرى، نتيجة ما باتت تشكله مثل هذه الفيلات من خطورة على أنفسهم وعائلاتهم، وبفعل تهديدها لأمنهم الصحي، بفعل الأزبال المتراكمة بها، وبسبب الحرائق التي تندلع فيها بين الفينة والأخرى. في ذات السياق، تنتصب إقامة على ذات شارع يعقوب لمنصور الذهبي، ليس بعيدا عن سجن بولمهارز كإقامة مهجورة الا من الكلاب والقطط وعمالة متخلفة، ومن مراهقين مشردين ومنحرفين هاربين من الأعين..! حيث يقتحم طوابقها بعض "خمالة"الأزبال والقمامات من مروجي قنينات الزجاج والقصدير والكارتون وأشياء اخرى..!! انها فيلات وإقامات في أرقى شوارع جليز في قلب مراكش.. اهملها مالكيها، وصارت على كف عفريت . هذا، فإن كثرة الفيلات وبعض الإقامات المهجورة ، أو الغير مكتملة البناء على مستوى شارع يعقوب المنصور، وشارع الأمير مولاي عبد الله، وشارع مولاي رشيد، وشارع الزرقطوني على مقربة من المعبد اليهودي، وشارع الحسن الثاني على الطريق المؤدية للمسرح الملكي بمراكش والتي في مجملها صارت مطارح للقمامات والأزبال ، بل منها ما صار آيلا للسقوط ، صارت منذ مدة غير وجيزة تثير العديد من المخاوف من طرف السكان المجاورين لها، لما تشكله من معاناة مستمرة لهم، حيث طالبوا على أكثر من واجهة بضرورة تدخل المجلس الجماعي بمراكش، لوقف ما وصفه المشتكون بخطورة هذه الفيلات والإقامات المهجورة التي تحولت لأوكار خطرة قريبة من منازلهم، مما يفرض على المسؤولين إتخاذ كل التدابير الإجرائية والعملية ، وإيلاء الموضوع ما يستحقه من المعالجة الأمنية ، حتى لاتتحول هذه الفيلات إلى مخادع لأشياء أخرى على مستوى المدينة الحمراء . من جهة أخرى، علمت "الأنباء المغربية" من مصادر مقربة أن بعض هذه الفيلات المهجورة، تندر بأخطارا امنية وصحية وبيئية على المدينة في مجملها، بسبب غفلة المسؤولين، حيث إقترحوا تسييجها بجدارات مرتفعة، ومراسلة أصحابها وفق الإجراءات القانونية الجاري بها العمل في مثل هذه الحالات، وحسب مؤشرات الميثاق الجماعي الجديد، القاضية بتأهيل المجال الحضري . إلى ذلك، أكدت ذات المصادر، أن عدم حصر هذه الفيلات المهجورة، والإقامات وما تشكله من مخاطر على المجاورين لها والمارة حيث يستغل المنحرفون والمشردون وذوي السوابق هذه الفيلات المهجورة والإقامات المتخلى عنها كأوكار لتعاطي المخدرات، فضلا عن كونها تأوي بعض المهاجرين الأفارقة من العناصر السائبة ويقطنوا بها لاغراضهم الدنيئة و مجمع للنفايات والمخلفات ومأوى للقطط والحشرات السامة خصوصا أثناء شهور الصيف الحارة بمراكش حيث وتزداد خطورتها . وإرتباطا بذات السياق، يؤكد عبدالغني 52 سنة، طبيب، وأب لأربعة أبناء، ان الفيلا المهجورة التي تجاوره ، شكلت طيلة العقد الأخير خطرا يهدد سكانها المجاورين ويضيف ل "الأنباء المغربية" ان معظم هذه الفيلات لم نعرف عن اصحابها شيئاً ، في حين أن البعض الآخر قد رحل عن الدنيا ، وظلت تنتظر تسوية الورثة للخلافات بينهم ، مشيرا أن العنصر الاساسي لوجود هذه الفيلات المهجورة التي تعود ملكيتها لبعض الورثة ممن هم خارج المدينة الحمراء في بعض مدن المملكة. ومن جانبه أفادت حديجة، ربة بيت 55 سنة ، وأم لثلاثة أبناء، ان خطر هذه الفيلات المهجورة لا ينحصر على المخاطر الأمنية ومخاطرها على سكان الفيلات المجاورة، و الاحياء المجاورين لها فحسب بل ان هناك مخاطر على الاشخاص الذين يسلكون الطريق بجانبها ، بسبب الهجومات المباغتة التي تستهدفهم من طرف ساكناتها، والتي تبتدأ للوهلة الأولى كتسول وطلب إعانات، لتتحول إلى التهديد والإبتزاز وقطع الطريق خصوصا أثتاء ساعات الليل . وتساءلت خديجة عن دور بلدية مراكش على حد تعبيرها ، في معالجة خطورة هذه الفيلات المهجورة التي تهدد حياتها وحياة جيرانها وحياة ابنائها وأبنائهم ، حيث أوضحت آمالها في المجلس الجماعي بمراكش ان يكون له دورا ايجابيا تجاه هذه الفيلات والإقامات المهجورة و المنتشرة في عدد من احياء وشوارع جليز وتظل، غرف وزوايا هذه الفيلات المظلمة، وطوابق هذه الإقامات رغم مظهرها الداخلي المخيف والمريب ، فسيحة وواسعة لإحتواء كل أشكال المخاطر ، ومكانٌا مثاليا للتخفي والاختباء عن أعين الجهات الأمنية.، إذ أن المخلفات التي وقفت عليها "الأنباء المغربية" بداخلها من المخالفات كوجود بقايا أنابيب "السيلسيون" و"العوازل الطبية" ، وزجاجات مُسكرات، والملابس الممزقة، والفرشٍ والأغطية التي يبدو بعضها مسروقا، لكونها لاتزال بتعبئاتها البلاستيكية ، ومختلف المسروقاتٍ، وبعض الخزائن الخشبية والحديدية التي انتزعت أبوابها وتهشمت جوانبها نتيجة فتحها بالقوة، وبعض بقايا الأوراقٍ الرسمية الممزقة، تطرح حولها أكثر الأسئلة . شارك