الزجال السعيد أيت بالعربي في عمل جديد. / محمد القنور / عدسة : محمد سماع. صدر عن دار وليلي بمراكش، مؤخرا ديوان جديد للزجال السعيد أيت بالعربي، تكليلا لديوانه السابق “لكلام فيه أو فيه” من الحجم المتوسط ، يتطرق من خلاله لموضوعات في قصائد زجلية تنطلق من الواقع المعاش بكل تجلياته الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والنفسية، في سلاسة لغوية، وإنسياب جمالي فاتن يحاول عبره أيت بالعربي أن يخترق البيئة المحلية المراكشية،بكل مظاهرها الشعبية والفلكلورية وأن يحصي أنفاسها قبل أن يقدمها على طبق شهي من الزجل الرفيع المتزن، والأوزان التلقائية والموسيقية التي تنساب مثل وميض الضوء لتدغدغ معيشنا اليومي بكل إحترافية وإبداع. ويقدم الزجال السعيد أيت بالعربي نفسه ولواعجه الزجلية في ديوانه الثاني ” دوق لكلام” كواجهة مثالية تعكس كل التمظهرات ، فهو المحب .. والخائف .. والمتشائم.. والمتفائل.. الذي لايملك سوى التعبير عن خلجات قلبه إتجاه الزمن وضنى الوقت وتبرم الرفاق وصعوبات المعيشة اليومية وإتجاه “الزوجة” مولات الدار ليعرج في زجله المنساب مثل شلال مضيء ودافق بالعبارات والجمل والدلالات الفياضة على الكتاب و”ناس الخير” و عن “شهر رمضان الأبرك” وعن “المدينة” التي كبرت ولم تعد بالبراءة التي كانت عليها في السابق، عندما كان الزمن الجميل لاتعكره متاعب الإستهلاك و”أفشر عليا نفشر عليك”. وعليه، فإن زجل السعيد أيت بالعربي يكاد ينطلق من كل ذرة وحجر وطوبة، ومن كل صخرة وكل درب و”حومة”، من كل رصيف وكل حائط وكل ميدان ، ولكل ناصية .. في هذا الوطن علي امتداده من طنجة إلي الڭويرة. ويرتفع الزجال أيت بالعربي من خلال ديوان “دوق لكلام” إلى آفاق إنسانية أوسع مدى من خلال تأثره بقضايا الوطن وتمكنه من التعبير عن ذلك الارتباط الوجداني بوطنه عبر تجارب وصور فنية ناضجة وواعية ولغة شفافة وصادقة تعمق حب الخير والفضيلة والإنسانية وعشق الوطن في النفوس دون أن يقع في فخ الخطابة المباشرة ، قصائد زجلية تتميز بالحس المرهف . وبالوفاء .. ودفئ المشاعر .. والنقاء في اللغة والمضمون .. وبذاك الذكاء الفطري الذي يشحذ الموهبة والذي يصطلح عليه في صفوف “الزجالون” و “الملاحنية” بالسجية. ويبدو السعيد أيت بالعربي من خلال ديوانه الجديد ، زجالا يتمتع بعمق الرؤية .. في بساطة ممتنعة، ورهافة حس ومشاعر متميزة .. تسعفه عليها شحذ قدرته الفنية في صياغة الزجل بأحرف وكلمات، وعبارات ذات نغمات متفردة.. فكتاباته عن الوطن وعن المواطن يسطرها بدافع من فرط وطنيته، كعاشق لايستكين للأرض المغربية، وللمدينة الحمراء ، مراكش مدينة الرجال السبعة بأسواقها وحدائقها، دروبها وحاراتها، ناسها وفضاءاتها، عاداتها وتطلعاتها، وكمتيم محب لذرات ترابها وتكاد تمتزج دماؤه بقطرات نداها ووهج ربيعها، وارتعاشات النسيم بين أرجائها. وإذا كانت عبارات الزجال السعيد أيت بالعربي في “دوق لكلام” تفيض عشقا وحمية ..نابعة من دواخل مفعمة بالأناة العميقة ، فإنها أيضا تشتمل في بعض قصائده على لمسات كاريكاتورية وساخرة تدفع قارئها إلى أن يغرق في الضحك ، وتثير ما بطن في نفوسنا من عواطف ” مسكوت عنها ” ومن ردود فعل مجتاحة ، ومشاعر قوية مستغرقة تتجاوز المألوف وتستهين بالعوائق ..كما هو الشأن في قصيدته “رفيق القهرة”، وقصيدته “قوم لفجارة”. والواقع، أن كلمات الزجال السعيد أيت بالعربي في ديوانه الزجلي الثاني ” دوق لكلام” تشعر بها مثل كائن حي يحس ، ويتنفس ويتألم .. جسد نابض بالحياة . . يمتلك القدرة في التعبير عن نفسها .. وعن مساراتها ودلالاتها التركيبية داخل القصائد الزجلية بقوة ووضوح وغزارة.. تخرج من ” أعماق ” الفكر ومدارج الروح .. وعالم الحرف والكلمة ، عالم المعنى والعبارة في إشراقات وتأملات وإنبجاسات لاتنتهي من البحث المستديم عن الكلمة الصادقة المعبرة . . الممتزجة بحلاوة الحياة ومرارتها... فهو يقول في عطاء زجلي له بذات الديوان بعنوان : ” كلا و بليتو” ! : واحد مبلي بالكذوب. عايش كذاب. متاخذ من الكذوب سبب من الأسباب. أواحد مبلي بالعيوب. حاضي عيوب الناس. أما عيوبو ماليها قياس. واحد مبلي بالعتوب. فين ما كانت شي خربة أو شي ساس. تلڭاه عليه عساس. أواحد مبلي بقراية الكتوب. غارق ف بحور الكلمة. يستشف من كل حكمة. واحد مبلي بالنغمة. حالو غلاق ماشي ذواق. محمد القنور.