ولد أم قنين..... المشاكس الجميل مدلل الحرفيين البهجاويين. محمد القنور نشيط دائم الحركة، مشاكس ومدلل، محبوب مطلوب، ومبتهج، مترفع عن الأسر لايأبه به، ولايهتم له، فالأمر عنده سيان، كان أسيرا في الأقفاص الضيقة المعلقة، بالمنازل والممرات والمحترفات أم حرا طليقا في الفيافي المعشوشبة والتلال المترامية، إنه عصفور ولد أم قنين، المنحدر من عائلات الحساسين، إن لم يكن هو أصلها وفصلها. إسمه يثير الكثير من التساؤلات حول هويته وأصوله في المخيلة الشعبية بمدينة البهجة، فالكل في مراكش وفي غيرها لا يعرفون “أم” قنين،التي باضت هذا الطائر الجميل، الحافظ لكل متون التغاريد العذبة، لايعرفون والدته تمام مثلما لايعرفون ل “أوى” الذي طالما أتحفنا إبنه “إبن آوى” في أقاصيص “لافونتين” الخرافية و كتاب عبد الله إبن المقفع “كليلة ودمنة” ولكن مع كل ذلك، لايسعني إلا أنه لايسع الجميع إلا أن يقدموا لأمه أسمى دواعي التقدير وأبلغ دواعي الإمتنان ،لأنها أعطت لأسواق مراكش ودكاكينها الحرفية وعرائشها المورقة والمزهرة المتدلية في ارتخاء ملحوظ من سطوح الرياضات ونوافذ الدويريات بالمدينة العتيقة مطربها الأول بكل جدارة وإستحقاق. ويحتل طائر “ولد أم قنين” مكانة مرموقة بين العصافير الأنيقة المغردة، وهو طائر غير مهاجر يعرف بوجهه القرمزي اللون ذو الجانبين البيضاوين ورقبته السوداء إذ يمتد منها في انسياب متماوج خطان سوداوان على جانبيها،وظهر بني يميل إلى القتامة ويلامس اللون الرمادي وجناحين سوداوان وذنب أسود بأطراف بيضاء، وبطن أبيض، رشيق التحركات والقوام إذ لايتعدى طوله الأربعة عشر سنتيمتر، ووزنه الخامسة عشر ڭرام . ويعيش ولد أم قنين في الحدائق والمروج والأراضي المعشوشبة حيث يتغذى على الحبوب والزوان وبذور الشوك وحبوب عباد الشمس ، والخس، الفجل، و”زريعة” القنب .... وقلما يلتهم تلك الديدان الصغيرة التي تعلق بالحشائش والأشجار، ويبرز دلاله في بناء أعشاشه على الأغصان الكثيفة بأشجار التفاح وفروع أشجار الصنوبر العملاقة، إجتماعي بطبعه يعيش في مجموعات تصل إلى المائة تتحرك بشكل متناغم للبحث عن الأكل، والتزاوج بالأراضي المكشوفة، والبراري المنخفضة، يكره الطيور الجارحة القاتلة، والعزلة والأجواء الماطرة، والجليد والأدخنة ، ويعتبر طائر المراكشيين الأول والأخير، لولعهم بجمال ألوانه وتعلقهم بصوته الجميل الذي لا ينافسه أحد. ولايزاحم عصفور “ولد أم فنين”على دلاله،غنجه سوى الأبناء المدللين،بالأوساط المخملية، والعوانس، وعارضات الأزياء، وأصهار الأثرياء، وأرباب المطاعم الفاخرة، وبائعي التحف وقطع الأثاث الفاخر، ومضيفات الطائرات، ونجوم المساء في أمسيات الصيف الحارة، و محارات الشطآن القرمزية، و قردة الكسلان الأمازونية، وأبقار الضيعات الهولندية، وباعة العطور الباريسية، وحائكات “الجلابيب ” البزيوية على مداخل جبال أطلسنا المتوسط العتيد.