طردت الدولة المغربية مؤخرا مكتب قناة الجزيرة بالرباط لأسباب تخصها ، من بينها على سبيل المثال لا الحصر ،انحياز المكتب للبوليزاريو. وقد سبق أن رخصت لهذا المكتب في عهد الوزير نبيل بنعبد الله ، وكانت هناك موجات مد وجزر تطبع علاقتها بهذا المكتب طيلة فترة اشتغاله بالمغرب لتغطية أخبار المغرب العربي . لكن القشة التي قصمت ظهر البعير أو سبب النزول- كما يصطلح عليه الصحافيون – في منع هذا المكتب ووقف اعتماد صحافييه ، رفع صحافيين تابعين لمكتب الجزيرة بالرباط دعوى قضائية ضد الدولة المغربية اللي ما تصرطاتش ليها هاد القضية وهي تدير بالناقص ، وعملت بمنطق الباب الذي تأتي منه الريح من الأفضل أن تقفله لتستريح . حقيقة ، مكتب الجزيرة بالرباط بقى كيحك على الضبرة بزاف حتى جابها فراسو ، ألم يكن من الأفضل له أن يعمل بالسياسة التي ينهجها مع قطر ، أي أن يتنازل قليلا كما تنازل بخصوص قطر ، فكما أن الأخيرة تموله وتحتضن مقره المركزي الذي يحتضن أيضا قاعدة عسكرية أمريكية لأم يسبق أن تطرقت لموضوعها قناة الجزيرة . نفس الشيء بالنسبة لانقلاب الابن على الأب –أمير قطر سابقا- ، كان على هذا المكتب أن يأخذ بعين الاعتبار أن لا دولة عربية في المغرب العربي قبلت باحتضان علبة الكبريت هذه كما وصفها حسني مبارك . حيث لا يمكن لمثل هذه المواضيع أن تجد لها معالجة بقناة الرأي والرأي الآخر. لأنها بمثابة خطوط حمراء يستحيل على مرؤوسي وضاح خنفر الاقتراب منها . ألم يكن جديرا بالقناة أن تطيح كواريها شي شويكك ، على غرار سياستها تجاه ولية نعمتها قطر ،لتبقى محافظة على هذه النعمة في المغرب ، فالحكمة تقول : إذا كنت في نعمة فارعها ... ومن شبه المستحيل أن تتكرر لها هذه الفرصة في بلد عربي . هناك الكثير من المواضيع التي يمكن أن تتطرق لها الجزيرة عوض أن تحك على الضبرة ، والمصيبة أنها قبلت بهذا الشرط قبل أن تطأ قدمها أرض المغرب. حيث اشترط عليها الشيوعي السابق بنعبد الله أن لا تستقبل انفصاليا بالرباط وأن تكون تغطيتها بهذا الخصوص متوازنة ، لكن العكس للأسف هو الذي حصل . فمنذ افتتاح مكتب الرباط وهو يهبش وكم حنشا جبد ، وأتذكر بهذا الصدد قصة وقعت لي شخصيا كمدير للمهرجان الدولي للشعر والزجل ، حيث حين حضرت قناة الجزيرة مباشر للمسرح قصد تغطية فعاليات المهرجان ، اتصل بي مدير المسرح سعيد هبال الله يذكرو بخير ، وأخبرني أن كل أنواع البوليس اتصلوا به وهو آخر من يعلم بكون الجزيرة حطت رحالها بالمسرح الذي يديره. وأخبرني أن الجزيرة لا تصور إلا عيوب المغرب ، ولا تظهر أوجهه الحسنة حتى تكون موضوعية ، ولم يفته تذيري أنها ستصور الزبالة ديال افريقية بقرب المسرح ، قبل أن تغطي فعاليات المهرجان. إن أهم دور تلعبه الصحافة هو تغطية الأحداث وليس التغطية عليها ، والموضوعية لا تتجزأ ، لكن كان هناك عقد والعقد شريعة المتعاقدين كما يقال. ولو أن الجزيرة احترمت هذا العقد لبقيت محافظة على خبيزتها ، لكنها بقيت تترطى حتى جابتها في رأسها. وسيرو دابا عند عبد العزيز المراكشي يعطيكم شي خيمة في تندوف ، يطيرها ليكم البرد أوتبقاو ضحكة .