قبل أسابيع سبق للحقوقي المعروف بمراكش، والعضو المؤسس للجنة الدفاع عن حقوق الإنسان،الأستاذ أحمد أبادرين أن طرح سؤالا على كافة الفعاليات القضائية، والحقوقية والأوساط الأكاديمية والدوائر الإقتصادية النشيطة بمراكش وجهة تانسيفت،ومختلف الإعلاميين والمثقفين مستوضحا رأيهم في إضراب كتاب الضبط الذي استمر قرابة أربعة أشهر من خلال ثلاثة أيام كل أسبوع هل يؤيدونه أم يحتجون عليه لكونه عطل مصالح العدالة ، في إستحضار ضمني لمبدأ الموازنة بين الحق والواجب. “مراكش بريس”، بدورها طرحت ذات السؤال، على الشارع المراكشي لتجني مجموعة من تصريحات الرأي العام المتباينة التي تعكس رأي المواطنين في هذا الإضراب ، الذي بدأ يستعد للدخول إلى سجل جينيز للأرقام القياسية . يقول م س 54 سنة أستاذ جامعي بكلية الحقوق ، التابعة لجامعة القاضي عياض : أرى في اعتقادي أن الامور زادت عن حدها من حيث سرمدية الاضراب العبثي وسكوت الجهات المسؤولة وصمتها الشبيه بصمت المقابر، وعليه أعتقد أنه بمرور الإجتماع الذي دعى فيه الوزير الاول الى تشاور ثلاثي بين وزارة العدل ووزارة تحديث القطاعات العمومية ووزارة المالية للخروج بحل يضع حدا لهذه المهزلة، ينبغي أن تبادر المؤسسات المهنية الى اتخاد الخطوات العملية لإسماع استيائها من الوضعية مع كل ما يستتبع ذلك من خطوات نضالية. في حين يؤكد م ب 42 سنة كاتب ضبط بالمحكمة الإبتدائية بمراكش، أن بهذا الإضراب الماراطوني ، قد بلغ السيل الزبى وأن الوقت قد حان لتتحرك النقابات نحو اساليب اكثر راديكالية للدفاع عن حقوقنا.... إلى ذلك تقول م ج 50 سنة محامية بمراكش أن بالنسبة لها الإضراب بات يشكل خطورة قوية على مهنة المحاماة، ويلحق الأذى الهائل بالمحامين . أضافت ذات المحامية ل “مراكش بريس”: أنا أفهم جيدا حالة الموظفين المضربين، ووضعيتهم المزرية ، خاصة وأنهم ما فتئوا يلعبون دورا حيويا في مساعدة العدالة، ولكن هذا الإضراب لابد وأن يراعي الشروط الموضوعية بناء على جلسات الاستماع لايجاد حل لهذه المشكلة. في حين لا يخفي ب أ 54 سنة موثق بمراكش، إستياءه من الإضراب والمضربين، داعيا الحكومة والمسؤولين بعدم تعويض المضربين عن أيامهم التعطيلية للإجراءات الوظيفية. ويضيف أنه صار لزاما البحث عن مخرج لاضرابات كتابات الضبط المتوالية. لقد نجح محاموا خريبكة في سابقتهم بخوض اعتصام لمدة عشرة ايام على الاقل في رد الاعتبار لمهنة المحاماة التي حاول بعض كتاب الضبط هدر كرامتها ونجحوا في حمل مسؤولين وازنين على الوقوف على بعض مكامن الخلل في هاته الدائرة القضائية، والتي تجسدت على ارض الواقع في احداث تغيرات مهمة على مستوى القضاة كما لوحظ انضباط كبير من طرف كتاب الضبط مقارنة مع التسيب الخطير الذي كانت تعرفه هاته الدائرة القضائية في حين ، يؤكد نقيب سابق للمحامين بهيئة مراكش، ل “مراكش بريس” أن هذا الاضراب اضر بالمجتمع المغربي كله ،اذ انتشر العبث والتسيب داخل المحاكم، واصبح المحامي ضائعا في ردهات المحاكم، وبين أجنحتها، وأقسامها. ويضيف أن أعضاء هيئة مراكش للمحامين، وهيئات أخرى تقدم لمراكش، لايعرفون ماذا يفعلون يومي الاثنين والجمعة ،ولا يعلمون من اين يبدؤون ولا أين ينتهون ،فاصبح المحامي هو الضحية الأكثر تضررا من هذه الإضرابات التي تحولت إلى ضرابات، ويستطرد النقيب السابق ، أن الامر بات يقتضي استعجال اتخاذ اجراءات للتعبير عن تدمرنا من هذا الوضع ، ليس تضامن مع كتابة الضبط ، لهم تنظيمهم ولهم نقابتهم التي تتولى الدفاع على حقوقهم ،وإنما الحسرة على المحامي الذي يدافع على الحقوق ويلتزم الصمت عندما تمس حقوقه ، فلنحتج كمحامين ضد وزارة العدل وضد الحكومة ، التي فشلت في حل المشكل والحال اننا الان في وضعية عرقلة سير مرفق عام ، فما ذا يامعشر المحامين لو تعبئنا لمرة واحدة لنقول فقط لا لا لا للصمت . إلى ذلك يصرح أحد القضاة السابقين ل “مراكش بريس” انه إن كان من حقهم ممارسة هذا الحق، فليس من حقهم وهم يمارسونه ان يعتدوا على حقوق الغير, ويضيف أنه من البديهي أن الحق إن زاد عن حده انقلب الى ضده, وبالامكان المطالبة بالحقوق بطرق أضمن وأسلم من شأنها أن توفر المطلوب للجميع . من جهة أخرى، يشير “ع ط” 47 سنة فاعل حقوقي وعضو بفرع مراكش بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، ل”مراكش بريس” أن هذا الاضراب هو اضراب حكومي مخزني تقوده نقابات الأحزاب المخزنية ويدخل ضمن خطة فرض حصص معينة في تولي منصب وزارة العدل فبعد انقسام س د ت فقد الاتحاديون نفوذهم النقابي واسسوا نقابة ف د ش وجعلوا سندها بيد موظفي العدل تحت امرة بوزوبع ثم الراضي بعده، والعمود الفقري للاضرابات هو الموظفون الشباب الذين نجحوا في مباريات توظيفات الراحل محمد بوزوبع وعبد الواحد الراضي . ويستطرد “ع ط” أنه الوزير الناصري ضمن تغطية لالعاب السياسة المخزنية باستغلال نفوذهم على قطاع العدالة، وأن هذه الوضعية باتت تتطلب فتح نقاش سياسي حول العمل النقابي والحزبي بقطاع العدالة، قصد تحرير العدالة المغربية من هيمنة الأحزاب المخزنية التي تستفيد من الاضرابات . من جهة أخرى، وصف برلماني سابق من جهة مراكش تانسيفت الحوز، الاضراب بكونه شل كليا تتبع الاجراءات امام المحاكم وصار يمس في العمق بسير الجلسات وحقوق المتقاضين ولابد من اتخاد موقف حازم ممن يعنيه الامر سواء الوزارة او النقابات ضمانا للحقوق وتاكيدا على القيام بالواجبات خدمة للصالح العام بعيدا عن ما وصفه الشوفينية الضيقة . وإرتباطا بالموضوع، يوضح زميل صحافي ل “مراكش بريس” قائلا : ” منذ حوالي شهر وانا احاول كتابة مقال حول “العدالة التي تحتضر في المغرب”ورغم انني احاول كل مرة فانني اجد نفسي غير مرتاح للاستمرار في كتابته.فانا قلق على مستقبل المحامين وكل الفاعلين في العدالة.فاذا كانت درجة المغرب في لائحة الفساد والرشوة تتراجع باستمرار لتستقر هذه السنة في 85 فان الوضع الذي وصلت اليه العدالة بعد ستة اشهر من اضراب كتابة الضبط وليس اربعة،هو عبارة عن حالة الاحتضار.ويمكن القول بان اقرب الفاعلين لمعاينة ماساة العدالة وهي تحتضر هم المحامون ،وان كانت المؤسسات الدستورية وخصوصا منها التشريعية والتنفيذية هي المسؤولة بالدرجة الاولى عن حالة الاحتضار الذي وصلت اليه السلطة القضائية.ولذالك فان مساهمة المحامين ستكون بتنظيم مسيرة اومسيرات، في يوم واحد ، بشوارع مدن محاكم الاستئناف بالتنسيق مع كل النقابات وهيئات المجتمع الغيورين على صحة العدالة.للتضامن مع المضربين من جهة لان عددا منهم لايتمتع حتى بالحد الادنى للاجور، ولانقاذ العدالة من الموت من جهة ثانية.فبزلزال رمزي من هذا النوع يمكن الوصول الى نتيجة.وارجوان تكون هذه الكلمات مساعدة على كتابة بيان لانقاذ العدالة من الاحتضار والدفع بمطلب اصلاح قضائي يستهدف بناء سلطة قضائية مستقلة نزيهة وليس اجهزة تجهز على الوضع الحالي المجسد لاحتضار العدالة. إلى ذلك قالت ، ب ش 25 سنة محامية متمرنة ل “مراكش بريس” لقد أعجبتني المبادرة بطرح السؤال وهذا هو المنهج الصحيح للسير قدما، وأضافت إنني أريد فقط إثارة الانتباه إلى أن المحكمة عبارة عن آلة تشتغل بثلاثة مكونات وهي: القضاة المحامون كتاب الضبط ، وأن المشرع قد احتاط لخطر توقف هذه الآلة عن الاشتغال، واستشعر مدى انعكاسها المدمر على حق الإنسان في الولوج إلى العدالة، وبالتالي على مواصفات قيام دولة الحق، ومنع ممارسة الاضراب صراحة على كل من القضاة والمحامين ” الفصل 13 الفقرة الأخيرة من الظهير بمثابة قانون رقم 467.74.1 المكون للنظام الأساسي لرجال القضاء:يمنع كل عمل من شأنه إيقاف أو عرقلة تسير المحاكم والمادة 39 القانون رقم 08.28 المنظم لمهنة المحاماة: لا يجوز للمحامين في كل الأحوال أن يتفقوا ، متواطئين فيما بينهم ، على أن يتوقفوا ، عن تقديم المساعدات الواجبة عليهم إزاء القضاء سواء بالنسبة للجلسات أو الاجراءات ” وتضيف ب ش في حديثها مع “مراكش بريس” : إن الهدف على ما يبدو من هذا المنع هو تقييد حق مكونات جهاز المحكمة في ممارسة الإضراب، لصالح حق أسمى هو حق الإنسان في العدالة وفي المحاكمة العادلة، كما تتساءل فيما إذا كان يوجد نص مماثل يمنع كتاب الضبط من “إيقاف أوعرقلة تسيير المحاكم” أو لا “يجيز لهم التوقف عن تقديم المساعدات الواجبة عليهم إزاء القضاء”؟؟؟؟ وتضيف قائلة : ل “مراكش بريس” : “وهنا تحضرني فكرة مستوحاة من قانون المسطرة الجنائية قد تصلح مساهمة من هيئة المحامين في مخرج ولو مؤقت من الأزمة الحالية الناتجة عن شلل المحكمة وهي عرض مساعدة مكاتب المحامين لضمان حق الولوج للعدالة والمحاكمة العادلة، تماما كما هو الأمر في حالة تلف أو فقد وثائق الإجراءات أو المقررات القضائية ” المواد 588 ومايليها من القسم الثاني من الكتاب الخامس “، حيث أن الجرأة مطلوبة لاقتراح المخارج من الأزمات ؟