بعد سنوات من الإغلاق القسري للصحف والمجلات الأسبوعية ، أصر الصحفيون المغاربة المستقلون على مواصلة معركتهم من أجل حرية التعبير ، وقالوا إنهم مصممون على الفوز بها من خلال شبكة الإنترنيت . وشهدت الأشهر الأربعة الأخيرة على " الويب " إطلاق ثلاثة مواقع إلكترونية يقف وراءها إعلاميون مخضرمون وهي : " لكم " و " كود " و " دومان أونلاين " . ويرأس على أنوزلا ، إدارة موقع " لكم " ، وهي مدير نشر صحيفة " الجريدة الأولى " ، والتي توقفت عن الصدور . أما موقع " كود " ، تم إنشاؤه من قبل أحمد نجيم ، رئيس تحرير مجلة " نيشان " والتي حجبت عن الصدور بسب سياسات الإعلان . أما " دومان أونلاين " أسسها قيدوم الصحافيين المشاكسين ، علي المرابط ، مدير نشر أسبوعية " دومان " والتي توقفت بعد استصدار حكم قضائي بمنعه من الكتابة عشر سنوات . وأصبحت الإنترنيت ، بالنسبة لهؤلاء الصحفيين والمواطنين ، فضاء للتنفيس عن الهموم والتفكير بحرية ، حيث تقل مخاوف التعرض لعقوبة السجن ، أو منع صدور الأعداد والمقاطعة الإعلانية ، أو حتى فرض الغرامات وإغلاق الصحف . وفي هذا الشأن ، قال الإعلامي علي أنوزلا " مع الإنترنيت ، كسرنا اثنين من المحرمات : الصمت والخوف .. في العالم لدينا جدار برلين وجدار الصمت " . وأضاف أن " موقع لكم رابع بوابة انترنيت تحظى بزيارة عدد كبير من المغاربة ، ومعدل متصفحيه يبلغ 65.000 زائر يوميا ، والإنترنيت منتشرة الآن في كل مكان ، ولا يمكن كسر قلم الصحفي " . وتحاول وسائل الإعلام الجديدة أن تفكر في ما يحدث في المغرب وتعكس الجدل القائم في الشارع ، وأن تكون مستقلة عن السلطة وعن كافة القوى السياسية . وفي الأسابيع الأخيرة ، وعندما توسعت مظاهرات حركة 20 فبراير ، والتي شكلها شباب استقطبوا آلاف الأشخاص للمطالبة بمزيد من الديمقراطية ، تظاهر هؤلاء الشباب أمام مبنى الإذاعة العمومية ومكاتب وكالة الأنباء الرسمية . وطالب هؤلاء المتظاهرون ، بتحرير وسائل الإعلام الرسمية ، وقالوا إنها تشتغل على نفقة دافعي الضرائب وليس " المخزن " ( الاسم التاريخي للنظام السياسي المغربي ) . وتحدث أنوزلا ، عن محاولة لقتل الصحافة بالجملة على طريقة " البنعلة " ( في إشارة إلى السياسات القمعية لنظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي ) ، وقبل ذلك " التونسة " ( في إشارة إلى العملية الديمقراطية التي توجد في تونس " . لكنه متفائل من أن المغرب يدخل مرحلة جديدة ، بعد أن بدأ الشارع بالتحرك . ويرى أحمد نجيم ، والذي يدافع عن العلمانية الوسطية والديمقراطية وحرية المرأة ، أن ما حدث في تونس كان له دور أساسي في تسريع افتتاح موقعه " كود " ، وقال إنه شهد في الأسبوع الأول تصفح 20.000 ألف زائر . ولاحظ نجيم أن " التغيير يأتي من خلال وسائل الإعلام العامة ، ويجب أن يبدأ عن طريق الإذاعة والتلفزيون ، فنحن بحاجة إلى نقاش مفتوح " . أما علي المرابط ، والمعروف بدفاعه عن حرية التعبير في المغرب ، صدر في حقه عام 2003 ، حكم قضى بسببه ما يقرب ثمانية أشهر في السجن بتهمة " إهانة الملك " ، وفي عام 2005 حكم عليه بالسجن لعشر سنوات يمنع من خلالها من ممارسة الصحافة . وقال المرابط " أنا لا أعترف بقرار منعي من الكتابة لمدة عشر سنوات ، وسوف أشرع في الكتابة " ، وأضاف قوله إنه أنشأ رفقة اثنين من الصحفيين موقع " دومان أونلاين " لتحقيق هذا الهدف . وحول مستقبل حرية الصحافة في المغرب ، قال إن " الوضع مظلم بما فيه الكفاية " ، وأشار إلى أن " اليوم ليس لدينا وسائل الإعلام المكتوبة المستقلة ولا المرئية " . وقال سوزي دوليه ، العضو في منظمة " مراسلون بلا حدود " ( غير حكومية ) " الضغوط الاقتصادية قوة فعالة في تثبيط عزائم الناس ، ومن المؤسف أن الصحفيين الشجعان يضطرون لمغادرة البلاد ، وهذا أمر خطير " . وفي 9 مارس ، أعلن الملك محمد السادس عن " الإصلاح الشامل "عبر تعديل الدستور . ويوم أمس ، قال وزير الاتصال ، خالد الناصري " من الواضح أن وسائل الإعلام الفضائية غير مبالية بهذه الدينامية " . وبالنسبة للمرابط ، تعتبر إشادة زعماء بعض الدول ورؤساء دبلوماسيتهم بهذه الإصلاحات " تدابير تجميلية من الخارج " ، لا تغير من الواقع شيئا . ورغم وعود التغيير ، خلصت " مراسلون بلا حدود " أنه " لا يمكن الحديث عن حرية الصحافة ، دون إنهاء سيطرة المخزن ، وحتى إن تم إيجاد حل وسط لتمرير قانون لإصلاح الصحافة بالتفاوض مع السلطة ، فهذا القطاع يواجه مشكلة خطيرة وباعتراف السلطة ، والكرة الآن في ملعبها " .