لم يكن الشاب محمد البوعزيزي ، البائع التونسي المتجول ، يعلم أن احتجاجه على مصادرة بضاعته من قبل رجال الأمن في بلاده ، ستطلق شرارة لن تنطفئ حتى مع إقصاء الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عن البلاد والسلطة في آن . والشرارة التي أشعلها البوعزيزي ، 26 عاما ، بدأها بنفسه ، عندما أقدم على إضرام النار في نفسه ، بعدما تعرض للضرب على أيدي قوات الشرطة ، الشهر الماضي ، ثم توفي لاحقا على سرير العلاج في مستشفى بن عروس متأثرا بجروحه . واضطر البوعزيزي ، الذي لم يجد فرصة عمل بعد تخرجه من إحدى الجامعات التونسية ، إلى العمل بائعاً للفواكه والخضراوات ، ولكنه لم يحصل على تصريح من السلطات الرسمية ، مما جعله موضع ملاحقة من قبل الشرطة ، في وقت سابق من دجنبر الماضي . وذكرت خديجة شريف ، التي تعمل مع منظمة فرنسية حقوقية ، لم يقتصر الأمر على قيام أفراد الأمن بمصادرة عربته التي كان يعمل عليها وحسب ، بل اعتدوا عليه بالضرب ، مما دفعه إلى الإقدام على إشعال النار في نفسه ، احتجاجاً على المضايقات التي تعرض لها . وظل البوعزيزي على قيد الحياة قرابة 18 يوماً ، إلا أنه أصبح رمزاً لمعظم خريجي الجامعات الذين لم يجدوا فرصة عمل في بلدهم ، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات صاخبة ، أجبرت في نهايتها الرئيس المخلوع على مغادرة البلاد . ورغم أنه صاحب الشرارة الأولى للثورة ضد البطالة ، إلا انه لم يعش ليتابع ثمرات سخطه على الواقع المعيشي ، ذلك السخط الذي دفع مئات الآلاف من التونسيين إلى الشوارع ، مجبرين أعلى مسؤول في البلاد على مغادرتها.