ساد الهدوء صباح أول أمس الاثنين منطقة سيدي بوزيد الواقعة على بعد 265 كيلومترا جنوب العاصمة تونس بعد أن شهدت نهاية الأسبوع مواجهات عنيفة بين قوات الأمن ومواطنين إثر إقدام شاب يحمل مؤهلا جامعيا يعمل تاجرا متجولا على إضرام النار في جسمه احتجاجا على مصادرة بضاعته. وقال علي بوعزيزي أحد أقارب التاجر الشاب في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس إن «الهدوء يخيم صباح الاثنين على مدينة سيدي بوزيد» التي شهدت يومي السبت والأحد مواجهات بين رجال الأمن ومواطنين إثر إقدام قريبه على إحراق نفسه احتجاجا على مصادرة عربته التي يستخدمها لبيع الخضر والفواكه. وقال حافظ الغربي أحد أعضاء «اللجنة الجهوية لمتابعة الأوضاع بسيدي بوزيد» التي تشكلت بالمناسبة وتضم إلى جانب علي بوعزيزي باحثين جامعيين ونشطاء سياسيين ونقابيين, إن قوات الأمن لا تزال منتشرة بكثافة في المنطقة. وتعليقا على ذلك قال مصدر رسمي تونسي أول أمس إن «محاولة الانتحار حرقا» التي أقدم عليها الشاب إثر مصادرة بضاعته وما نتج عنه مواجهات «هي حادثة شخصية معزولة». وأوضح المصدر, الذي طلب عدم ذكر اسمه, أن «مصالح التراتيب البلدية (محافظة) بسيدي بوزيد قامت في نطاق عمليات مراقبتها العادية بلفت انتباه بائع متجول إلى أنه يمارس نشاطه التجاري في مكان غير مرخص فيه وطلبت منه تحويل ذلك النشاط إلى مكان آخر غير أن المعني بالأمر رفض الامتثال... وعندما تمسك الأعوان بتطبيق القانون امتنع وأقدم على محاولة الانتحار حرقا». وكانت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان قد أفادت يوم الأحد الماضي، «أن احتجاجات انطلقت السبت وتواصلت الأحد في شوارع المدينة طالب خلالها المتظاهرون بالحق في الشغل منددين بما يسمونه تجاهل السلطات المركزية لمنطقتهم». وتأتي هذه الاحتجاجات «إثر إقدام محمد البوعزيزي (26 عاما) على إضرام النار في جسمه بعد أن توجه إلى مقر ولاية (محافظة) سيدي بوزيد للتشكي والدفاع عن حقه في ممارسة نشاطه كتاجر متجول (رغم مؤهلاته الجامعية) لإعالة أسرته الوفيرة العدد غير أنه قوبل باللامبالاة», حسبما أوضحت الرابطة في بيان. وأوضح علي بوعزيزي لوكالة فرانس برس «أن قريبه في حالة حرجة وهو يعاني من حروق من الدرجة الثالثة ويرقد في مستشفى الحروق البليغة في بن عروس في الضاحية الجنوبية للعاصمة» التونسية. وأشار بوعزيزي إلى أن «التحرك جاء عفويا على خلفية الأوضاع الاجتماعية التي تعيشها المنطقة لا سيما مشكلة البطالة». وفي سياق متصل دعت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى «فتح تحقيق جدي وعاجل للوقوف على حقيقة هذه المأساة والمسؤولين عنها .. ومعالجة فورية للوضع الاجتماعي بالمنطقة وتوفير العمل لطالبيه خاصة من حاملي الشهادات العليا». كما دعا الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض الاثنين في بيان حصلت فرانس برس على نسخة منه إلى «إطلاق سبيل كافة المعتقلين وإيقاف التتبعات العدلية ضدهم» وطالب ب»فتح حوار مباشر مع ممثلي الشباب العاطل عن العمل والهيئات المدنية بهدف وضع خطة تنموية تراعي التوازن والعدل بين الجهات». ويعتبر تشغيل حاملي الشهادات العليا من أكبر التحديات التي تؤرق الحكومة التونسية التي تسعى لتوفير مزيد من فرص العمل في بلد تصل فيه نسبة البطالة إلى 14 بالمائة وفقا للأرقام الرسمية. ويتعين على الدولة أن توفر في السنوات الخمس المقبلة 425 ألف فرصة عمل لتغطية الاحتياجات الإضافية وخفض نسبة البطالة بنسبة 5,1 بالمائة لضمان مورد رزق واحد على الأقل لكل أسرة تونسية. وسبق أن شهدت منطقة الجنوب الغربي التونسي حركة احتجاج اجتماعي في يناير 2008 إثر ما أثير عن تلاعب في مباراة توظيف في شركة فسفاط قفصة اكبر مؤسسة في هذه المنطقة الغنية بالفسفاط والتي تفوق فيها نسبة البطالة المعدل العام في البلاد.