في زمن ما قبل الإنترنت و الفضائيات كان أعداء الشيعة يحاربونهم بإشاعة الأكاذيب و نشرها في المجتمعات على نهج دكتاتوريات غابرة مثل الأمويين و العباسيين. فكنت تسمع أن الشيعة يعبدون عليا مثلاً أو تسمع أنهم يقولون بأن جبرائيل أخطأ و عوض انزاله الوحي على علي ع أنزله على محمد ص، و تسمع أيضاً أنهم لهم مصحف فاطمة ع وهو قرآن آخر و غير ذلك من الأقاويل التي إذا قلتها اليوم لطفل في السعودية فإنه لن يصدقك. لكن و بالرغم من إندثار هذه الأقاويل الباطلة فإن الشيعفوبيين الذين لا زالوا يخافون من الغول الشيعي لجؤوا إلى جر القلم جر الضبع لبقايا الفريسة المتعفنة تارةً، و تارةً أخرى لجؤوا الى تقمص دور الغاوين الذين يتبعون شعراء بني أمية . فصار للشيعة في المغرب موعد مع محارب من نوع آخر، موعد مع محارب في زي طبيب يحسب الناس السم الذي في مختبره دواءً و هو إلى القتل أقرب. قصة الهبات من السفارة الإيرانية إستعمل رجل الدين المثير للجدل عبد الباري الزمزمي منذ عامين أبواق قناة إمبيسي لإيصال تخرصاته إلى العالم و ليضغط على المسؤولين المغاربة للوقوف ضد المواطنين الشيعة. وكان مما صرح به علمه أن إيران لها مبعوثين خاصةً في اقاليم الشمال يغرون الشباب الجاهل والعاطل بالأموال لكي يعتنقوا المذهب الشيعي 1. والكل يعلم أنه بعد حملة مارس 2009, لم يقف المسؤولون على أي دليل يثبت هذا الإدعاء الرخيص. و لو كان الأمر حدث في بلاد الغرب لكان مصير الزمزمي اليوم هو السجن أو الغرامة لإتهامه شريحة من المجتمع المغربي بغض النظر عن حجمها بالجهل والبطالة و العمالة الأجنبية. لكن قد يكون الشيعة في المغرب عفوا عنه شكراً لله للإنتصار عليه وإبطال مفعوله. أما عواقب تهجمه الظالم هذا فإنه و كما لا يخفى صار عبد الرؤوف أكثر مصداقية من عبد الباري وصار كل من يبحث عن عبد الباري الزمزمي اليوم لا يمكنه الإبحار في البحث دون العبور عبر احتكاكات الزمزمي بالشيعة و ردودهم عليه بشكل ينزع عنه ورقة التوت. و حتى إذا افترضنا أن الزمزمي فعل الممكن فعله بحسب اجتهاده القصوري وليس المقصر ليدود عن السنة التي نقلها له البخاري في مواجهة البحار المتنورة، فأنه وكما لا يخفى عن طلبة العلوم الدينية أن الله لا يطاع من حيث يعصى و كذبه هذا الذي يبرهن على عدم عدالته على الملأ يجعل إمامته المسجدية موضع تساؤل فما بال السائل عن إمامته الإصلاحية أو بالأحرى السياسية ؟ قصة الخلايا النائمة في طنجة نشرت مجلة هسبرس الإلكترونية في 6 مارس 2008 خبراً من مجهول يدعى عبد الله مصطفى وهو على شاكلة رواة الحديث الذين إختلف العلماء إختلافاً شديداً في إسمهم ونسبهم فلا تكاد تعرف إلا ما رووا. هذا الخبر يتحدث عن وجود خلايا تابعة لإيران في المغرب من دون أي دليل أو وثيقة بل إفتقد هذا الخبر الحد الأدنى من المهنية. و السؤال الذي لا يزال بعيد الإجابة هو من يكون كاتب هذا الخبر ولمذا نشر رغم ردائته و تضمنه تحريضاً صريحاً للدولة ضد المواطنين الشيعة و تحريضاً على الكراهية كذلك؟ الملفت للنظر من خلال معطيات الأرشيف العنكبوتي هو أن موقعاً يدعى "شبكة حنين" نشر هذا الخبر يوم 7 مارس 2008, وهذا الموقع له بوابات لدعم الإرهاب مثل :" بوابة بيانات المجاهدين" والتي ينشر فيها الإرهابيون في العراق بياناتهم الظلماء. ونشر هذا الخبر موقع براق الإرهابي الذي يدعم الجيش الإسلامي في العراق يوم 7 مارس -2008. و قبل هذا كله نشر يوم 05 مارس 2008 في موقع لا يعرف بنفسه يدعى "شباب المغرب جريدة إلكترونية مستقلة" ذي النزعة السلفية وفيه الكثير من الأخبار عن العدالة والتنمية مقارنة بالتيارات الأخرى. وهذا يرجح قيام مجلة هسبرس بنقل الخبر من شباب لهم قواسم مشتركة مع الحزب الإسلامي المعروف الذي ضغط على البرلمان لكي تشن الحكومة حملةً على الشيعة. هذا الحزب يمكن القول أنه له نقاط إلتقاء مع عالم الإرهاب المنسوب إلى الإسلام بنحو أو بآخر ، وإن حصرنا ذلك في التحريض على الكراهية ضد الشيعة كما هو معلوم . قصة شيعة طنجة نشر موقع "طنجة نيوز" يوم 8 نوفمبر 2010 خبر إنطلاق موقع هيئة شيعة طنجة لدعم رؤى الشيخ الحبيب. يذكر أن هذا عمل لأفراد يتقاسمون رؤى التسقيط ممن يعتبرونهم رموز الظلم في التاريخ الإسلامي وينتهجون الصراحة و يدعون إلى اللاعنف المطلق. لكن المجلة لسبب غير معروف إعتبرت هذه الخطوة استفزازية فيما يشبه دعوة الصحفيين إلى قمع حرية التعبير! فمتى كان الإعلام الحر يعتبر الصحابة خطاً أحمر فيعتبر من ينتقدهم متطرفاً؟ هذا لا يمكن ان يصدر إلا عن إعلام السلف الصالح الذي يلتمس الأعذار للإرهابيين. و مبنى قولي هذا هو هذه المقارنة البسيطة لكيفية تناول شبكة طنجة نيوز خبرين، احدهما عن الشيعة و الآخر عن الإرهاب السني المتمثل في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي : من خلال هذا الجدول ترى كيف يتم التعتيم على المنظمات الإرهابية من طرف بعض الصحفيين المفتونين بالسلف الدموي. فتنظيم القاعدة هذا حتى وصف "متطرف " لم يطلق عليه و لا وصف " خطر" أو "إرهاب " أو ما أشبه، فقط يمر على الخبر مرا سريعاً دون الواجب الإنساني للتعريف بالإرهاب والإرهابيين و خطورتهم. لكنه لما يتحدث عن الشيعة يصفهم بالتطرف لأنهم ينتقدون الصحابة و يصفهم بالمستفزين و يضخم من أمرهم. هذا العمل على ما ألاحظ لا يأتي إلا بالنتائج العكسية . وهذا كان مثالاً على استهداف الإعلام اللامعقول لأبناء الوطن من الشيعة في وقت يلتمس فيه العذر للإرهاب والإرهابيين ممن مضوا على سنة العنف . بقي مثال آخر أعرض عنه لأنه إتضح أن بعض الصحفيين قام بالتزوير و تلفيق معلومات مضحكة ضد شيعة طنجة، و لا كلام عن أشياء تافهة كهذه . موضوع اليوم سلط الضوء على اعلام ينادي بالقمع و تحجيم الرؤى و مراقبة عقول وقلوب الناس. لست أدري، إذا كان هذا ما يفعله الصحفي ومهمته الحياد والتحقق من المعلومة، فهل بقي هناك مجال لنحاسب الأحزاب التي مهمتها الوصول إلى السلطة؟ لعل بريق الأمل الوحيد المتبقي لتفادي شطحات صحافة كالتي ذكرت هو أن نعي جيداً و نعمل على تلقي المعلومة من مصادر مختلفة مع الأخذ بعين الإعتبار ميولات تلك المصادر. [email protected] ____ الهوامش 1. قناة إمبيسي، دجنبر 2008 2. طنجة نيوز 2007/07/16 3. طنجة نيوز : 08/ 11/ 2010