بلغ الحد بالمسؤولين المغاربة الى توظيف مقدم برنامج حوار على القناة الأولى في التهجم على شخصيات قطرية ومن خلالها قناة الجزيرة مع الأسف بأسلوب وضيع لا يليق. إنهم يريدون حتى من الجزيرة أن تُطبل وتهلل لإنجازاتهم الباهرة في جعل المغرب أكبر بلد مصدر للهجرة ولو خففت الإجراءت الأمنية على الحدود مع اسبانيا ورُفعت التأشيرات لما بقي أحد ماعدا مقدم البرنامج المذكور والسادة الوزارء وأبنائهم والذين عينوهم في مناصبهم. من العار أن يصل المسؤولون الى هذا المستوى في التهجم على كل من يخالفهم الرأي. هل يريد مقدم البرنامج المذكور أن تقوم قناة الجزيرة بالدعاية للنظام المغربي والحديث عن الأوراش الكبرى للاصلاح ومشاريع التنمية. هل يريدون من المغاربة ترديد مشاريع الخير والنماء مثلما يرددها هو في كل نشراته الاخبارية التي لا تختلف في شيء عن حملات الدعاية التي كانت سائدة في المعسكر الاشتراكي البائد. ولماذا هذا الهجوم العنيف على السيد بن شمسي الذي عبر عن وجهة نظره في الطريقة التي أُديرت بها أحداث العيون والتي كانت كارثية بكل المقاييس ولو لم تكن كذلك لم تم منع الصحافيين والبرلمانيين الأوربيين من زيارة العيون وبالتالي قطع الطريق على الشائعات والحملة الدائية للبوليساريو. إنهم يرتكبون خطيئة عندما يتحدثون باسم المغاربة ويقولون بأن الرأي الوطني يوافق على ما يقومون به. لو كان هنا رأي وطني في المغرب لما وصل السيد عباس الفاسي الى منصب وزير أول لو كان هناك رأي وطني فعلا لاستشاروه في كل ما يقومون به. إنهم لا يحترمون الشعب فما بالك بأخذ رأيه في الحسبان. إن طريقة إدارة أحداث العيون ونجاح جبهة البوليساريو في إثارة هذا الضجة الكبيرة حولها دليل على فشل المسؤولين المغاربة في إدارة شؤون ضيعتهم. إن مجرد تدارس أحداث العيون بمجلس الأمن يعتبر بمثابة نجاح للبوليساريو ومن ورائه الطغمة العسكرية الحاكمة في الجزائر التي انقلبت على جبهة الانقاذ الاسلامية الفائزة في أول انتخابات حرة ونزيهة المنظمة في بداية التسعينات وما عقبها من أحداث دموية ذهب ضحيتها آلاف الأبرياء من الشعب الجزائري الشجاع. لو حدث ما حدث في بلد كفرنسا أو انجلترا لقدم كل من وزير الخارجية والداخلية والاتصال استقالاتهم، لكن هذا لم يحصل عندنا. وإذا عُرف السبب بطل العجب. بتصرفات كهذه لن يستطيع المغرب كسب أصدقاء في صفه وإنما يصنع أعداء لن يتورعوا في استغلال أي فرصة للاساءة اليه وطالما أن المسؤولين الذي يتم اختيارهم ليسوا في مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم، فإن البوليساريو ستعيد الكرة ولو بعد حين وربما ستنجح في أن تخصع الصحراء موضوع النزاع الى حماية قوات أممية ومن ثم تدويل القضية. في حالة نجحت البوليساريو في استغلال الأخطاء المغربية ستكون ضربت عصفورين بحجر واحد : وضع منطقة الصحراء تحت إشراف أممي واظهار المغرب على أنه بلد لا يحترم حقوق الانسان وبالتالي افراغ مشروع مقترح الحكم الذاتي من أي معنى. بمعنى آخر سيطرح المجتمع الدولي السؤوال التالي : ماذا يعني الحكم الذاتي لأناس لا تُتحترم حقوقهم كبشر؟ مع العلم أن وضعهم الاجتماعي الاقتصادي أفضل بكثير من سكان المناطق الأخرى. كان على المغرب أن ينتبه الى المخطط الجزائري ويستبق الأمور بتشكيل لجنة للتحقيق في الأحداث، غير أن الرياح تجري بما لا تشتهيه سفن المسؤولين المغاربة الذين قدموا 11 فرداً من القوات المغربية قرابين بشرية لأنهم يعلمون علم اليقين أنهم أبناء الشعب المسحوق، إذ أعرب البرلمان الأوربي في بيانه الصادر بالمناسبة عن قلقه من الوضع في العيون واعتبر أن الأممالمتحدة هي الجهاز المناسب لفتح تحقيق في أحداث العيون. هناك جهات معلومة تترصد المغرب وتتصيد أخطاءه لتنال منه. في الجانب المقابل هناك لا مبالاة وكأن ما حدث لا يعني المسؤولين المغاربة، لكن ليس كل مرة تسلم الجرة. [email protected]