وصفت مصادر ديبلوماسية المحادثات التي أجراها الموفد الدولي إلى نزاع الصحراء كريستوفر روس مع وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري في الرباط أمس، إنها كانت «مثمرة وبنّاءة» وعرضت إلى المساعي التي يبذلها لتأمين عقد جولة جديدة من المفاوضات والإشكالات التي تعترض جهود الأممالمتحدة لمعاودة بناء الثقة. وذكرت المصادر أن الطرف المغربي أعرب عن استعداده لمزيد من التعاون مع الأممالمتحدة والحرص على استئناف المفاوضات في أجواء «خالية من الضغوط ومظاهر التصعيد»، في إشارة إلى الوضع الأمني في المنطقة العازلة شرق «الجدار الأمني» التي عرفت تنظيم تظاهرات عسكرية لقوات «بوليساريو»، ما اعتبرته الرباط «انتهاكاً جديداً لوقف النار». وعلى رغم أنه لم تتسرب معلومات كافية حول نتائج زيارة روس لكل من الجزائر ومخيمات «بوليساريو» في تندوف وموريتانيا ثم المغرب، إلا أن الراجح أن الموفد الدولي سيرفع تقريراً إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول خلاصات المواقف التي لا يزال يطبعها المزيد من التناقض بين الأطراف المعنية، وإن كان الاتفاق مبدئياً على عقد جولة جديدة ثالثة من المفاوضات غير الرسمية يُشكّل «تطوراً ايجابياً» في رأي أكثر من مراقب، أقله أنه يدفع ملف الصحراء إلى الواجهة بعد جمود طويل. ورجّحت المصادر أن يكون روس وضع الأطراف التي حاورها في صورة التمنيات الدولية بتحريك الملف، بخاصة أن زيارته الراهنة تأتي في أعقاب مشاورات كان أجراها في عواصم الدول الأعضاء في مجلس الأمن لحضها على «الضغط» على الأطراف المعنية من أجل استئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة وعلى قاعدة حسن النية. وتميّزت محادثات روس في الرباط باللقاء الذي أجراه مع رئيس المجلس الاستشاري الملكي لشؤون الصحراء خلي هنا ولد الرشيد الذي سبق له أن شارك في جولات مفاوضات مانهاست. ويقول صحراويون من المجلس إنهم يرغبون في تأكيد أن جبهة «بوليساريو» لا تمثّل جميع الصحراويين، بل إن الغالبية من المتحدرين من أصول صحراوية توجد في الساقية الحمراء ووادي الذهب (وليس في مخيمات «بوليساريو» في تندوف). وعلى رغم أن بعض قياديي «بوليساريو» إلى المفاوضات السابقة كانوا اعترضوا على مشاركة صحراويين موالين للمغرب في المفاوضات، فإن تركيبة الوفد المغربي تبقى ضمن خيارات السيادة التي لا يمكن أن يتدخل فيها اي طرف، بحسب ما يؤكد المسؤولون المغاربة. ويطمح صحراويون في أن ينقلوا إلى الموفد الدولي صورة تقريبية حول الأوضاع في مخيمات تندوف، بخاصة في ضوء اعتقال المنشق الصحراوي مصطفى سلمى ولد مولود الذي لا يزال مصيره غامضاً، وغايتهم في ذلك ترجيح كفة الحكم الذاتي المطروح أمام المفاوضات من منطلق أن هناك أصواتاً تدعمه من داخل مخيمات تندوف في جنوب غربي الجزائر. إلى ذلك، ذكر بيان لوزارة الداخلية أن مقتل شاب صحراوي في ضواحي العيون كبرى مدن المحافظات الصحراوية نتج من محاولة شبان اختراق حاجز أمني على متن سيارة. وأوضح البيان أن النار أُطلقت من تلك السيارة دفعت قوات الأمن إلى الرد، ما أدى إلى مقتل شاب عمره 14 سنة وإصابة ثلاثة آخرين. وأمر الإدعاء العام بمحكمة الاستئناف بفتح تحقيق شامل حول ملابسات الحادث الذي يُعتبر الأول من نوعه، في ضوء تداعيات نزوح أعداد من السكان إلى ضواحي العيون مطالبين بتحسين أوضاعهم الاجتماعية في السكن والعمل. لكن مصادر قضائية ذكرت أن من بين الشبان الجرحى يوجد متهم يدعى أحمد الداودي كان مطلوباً للعدالة بعد مغادرته السجن بتهم تطاول السرقة والاغتصاب وأعمال عنف، موضحة أنه دين ثلاث مرات على الأقل بأحكام بالسجن. في غضون ذلك (رويترز) قالت جماعة «هيومن رايتس ووتش» المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان في مؤتمر صحافي في الرباط أمس إن المغرب يحتجز بصفة روتينية المشتبه في أنهم متشددون في معتقلات سرية حيث يتعرضون لخطر اجبارهم على الادلاء باعترافات زائفة. ورفضت الحكومة المغربية هذه المزاعم قائلة إن الاعتقالات والاحتجاز تتفق وصحيح القانون.