أود أن أبين أنه ما من كاتب على وجه الأرض يمكن أن يوقف نشر روايته مع تعلق قرائه بها وتزايدهم يوما بعد يوم، إلا إن كان أحمقا أو مجنونا. لكم ساءني التوقف.. فسعادتي كانت كبيرة بتلك القلوب المتحلقة حولي والمشاركة لي في نشر رواية تمثلتها ورأيتها هدفا لي في بداياتي ومشروعا حياتيا هاما وخطيرا أحمل تجاهه كل المسؤولية في تلمس أوضاع لا أرضى .. لا نرضى عنها جميعا.. كشفا لها، وتسليطا للضوء، ميكروسكوبيا، عليها.. إدانة وإثارة للحس والوجدان، وحثا على الفعل كدعوة للتغيير.. و قد أخذت على نفسي العهد أن أنهج طيلة حياتي هذا النهج، و بلا كلل أو توان، وتلك هي في تقديري مهمة الكاتب الحقيقية التي تربطه مجتمعيا و إنسانيا مع قضايا بلده.. عالمه.. بوشائج عميقة و وثيقة، باعتباره خيطا في نسيج ولبنة من بناء.. و لن تتحقق قيمة لأديب أو كاتب، يحترم نفسه و قلمه، ما لم يسر على هذا الدرب، مهما عانى، تأكيدا و تحقيقا لمفهوم الاختيار الحر الذي تحوطه المسؤولية من كل جانب و كما أوضحته الفلسفة الوجودية عند " سارتر "... و أنا في ظني، و على العكس، قد تمثلت هذا المفهوم تماما باختياري ذلك التوقف المقيت، الذي سأضار أنا منه في البداية و النهاية، بانصراف تلك القلوب التي تجمعت.. و آزرت و شجعت و راق لها ما راق من روايتي، مما قد يمثل في رأى البعض أنه موقف يشبه الانتحار.. كان أساي أعظم من أن أصفه.. لكن قناعة هذا الاختيار الحر الذي نبع من عدم تكريس الفساد و العبث، حتم على اتخاذ ما اتخذت من موقف، بصرف النظر عن ما سيصيني من أضرار.. موقف لا أساعد فيه، ولا أدعم ما حاربته من أول سطر في عملي هذا و أدنته، وحتى لا أجسد فصامية بين آرائي و سلوكي.. و قد ناشدت أحبتي أن يتفهموا موقفي .. لكن.. كم الرسائل التي وصلت والمناشدات كانت أدفأ من ألا أرضخ لأصحابها، إنهم قراء وأحبة شاركوا شهرزاد بوحها لحظة بلحظة وآهة بآهة.. وبكثير من دموع كما جاء في العديد من الرسائل.. سأعود أحبتي.. فشهرزاد تخنقها الحكايا وهي من آلت على نفسها بالبوح.. كل البوح.. كل الشكر لقراء مذكراتي الأوفياء.. وبمرارة السخرية أقول لصاحب الجريدة العراقية: تطهر بماء الفرات سبعا عله يطهر رجز كذبك.. وكفى.