يوميات سفير بدرجة فاشل مجموعة قصصية قصيرة جدا- الجزء الأول 1- السفير غير موجود! أثناء دخوله متخفيا مبنى السفارة الكئيب، رمى سكرتيرته بنظرات حانقة.. لعن زوجته ألف مرّة! تذكّر أنّ زوجته المتسلّطة هي من تختار له سكرتيرته وفق مقاييس الدمامة والبشاعة! كي تضمن كبح نزوات سعادته.. سرعان ما لحقت به وعلى وجهها ابتسامة بائسة.. أرادت المسكينة أن تطلعه على جدول أعمال اليوم، فنهرها بصوته الأجشّ: لِم العجلة؟ أمامك اليوم كلّه! اغْرُبي عن وجهي.. وقبل أن تتوارى عن أنظاره، صاح كمن تذكّر شيئا مهمّا: لا أريد رؤية أحد، أنا غير موجود!! 2- أهلا بالليالي الملاح استشاط السفير غيظا عندما شُنّفت أسماعه بمقال ينتقد حكومة بلده في صحيفة محلية.. تَململ يمينا ويسارا، قطّب جبين وجهه العبوس، وضغط على شفتيه مزمجرا: تبّا للصحافة! ألا يتركوني في حالي.. لماذا يُلاحقونني من بلد لآخر؟! أرعد وأزبد، وهدّد موظفيه بالويل والثبور إنْ لم يأتوه بتقرير مفصل عن الصحيفة والكاتب.. - سأرفع دعوى قضائية على الصحيفة، سيعلمون من أنا ؟!.. اندهش العقل المدبر بالسفارة من سذاجة السفير.. مقاضاة صحيفة بالخارج من طرف سفير! سابقة خطيرة لم يُسمع بمثلها من قبل.. قال المخبر السرّي بالسفارة: ما رأيكم سيدي نختطف الكاتب ونحضره إلى المخفر للاعتراف؟.. - المخفر؟!، صرخ السفير فاغرا فاه.. • أقصد السفارة سيدي.. حرّك السفير رأسه الكبيرة محملقا في المخبر السري.. - اختطاف يا غبيّ! هل تظنّ نفسك هناك في العهد الغابر؟! فجأة تدخل العقل المدبر بالسفارة لإنقاذ الموقف: نتحرى عنه أولا، سأتولى الاتصال بعيوننا هنا لإمدادنا بالتفاصيل اللازمة، أحتاج إلى ساعة زمن.. تجهّم وجه السفير، تذكر حفلة الليلة الماجنة التي أفسدها الخبر المشؤوم.. عاد العقل المدبر منفرج الأسارير، وقال وهو يخفي سخرية لاذعة: - سيدي، المقال جزء من كتاب منشور ببلدنا منذ سنتين، والكاتب يعيش هناك وليس مهاجرا مقيما هنا!.. أخيرا تنفس السفير الصعداء، قهقه بصوت عال كمن أتاه الفرج بعد طول معاناة، وبعد مغادرة موظفيه المكتب قفز يرقص من شدة الفرح وهو يتحدث بالهاتف: المشكلة عدّيناها والحفلة في ميعادها ألا تبّا للصحافة القبيحة ويا أهلا بالليالي المليحة !!