بدمعة تنحدر على قيم أهدرت، يزاملها شعور بالأسى على ما فشلت في إيصاله وكنت أبغيه، عندما شرعت في كتابة هذه الرواية عن مذكرات من تعرضت لأقسى أنواع الظلم فجرفتها الحياة في تياراتها القاسية المظلمة.. أقف متسائلة والحيرة تلفني، عن ما هو الدور الذي يجب أن يلعبه الفن و الأدب أكثر من هذا لتغيير قيم للأسف لا تتصف بالإنسانية؟؟ بل تكتسح بالظلم و اللامبالاة نفوسا، ثم تسير بعد ذلك هادئة مطمئنة، بلا أدنى شعور بالذنب والإثم وتمضى.. في جمود و صلافة وبرود مهين، بل .. و ربما فرحة.. هل هي هزيمة للأدب و الفن أن لم يستطيعا التغيير؟؟ قلت في مقدمة هذه المذكرات أن الهدف الأساسي منها هو الكشف الصادم لأنواع من العهر، لا يمثل العهر بمعناه الثابت في الأذهان إلا واحدا منها فقط ، أنواع من العهر هي شائعة في مجتمعاتنا و بلادنا مظاهرها اقتصادية و فكرية و اجتماعية و سياسية.. و قد شاركتني آراء كثيرة من السادة القراء في تعليقاتهم الكريمة هذا المعنى، و أكدت أن الفساد بكل أشكاله هو نوع من أنواع العهر.. و بامتياز.. قراء مذكراتي الكرام سطت مؤسسة إعلامية عراقية، و بدون إذن قانوني مني أو تعاقد رسمي أو موافقة أو حتى اتفاق مع الجريدة، على هذه الرواية.. ونشرت في جريدة تابعة لها تدعى ( كوبرو ) ما أسموه الجزء الأول, و هو يشمل الحلقات الثلاث الأولى، كما أبلغني، في تحد دهشت له، رئيس تحرير الجريدة في رسالة بدأها بالجملة التالية .. الجملة الصخرة : "لقد تم نشر الجزء الأول من قصتك وسنقوم بنشر القصة كاملة " هكذا..!! مضيفا جملة أخرى أكثر تحديا و إثارة للدهشة: " ثم طبعها في كتاب على نفقة مؤسستنا" ؟؟؟ خاتما رسالته، جرأته، بكلمة تستخرج الضحك من عمق البكاء: أنا أنتظر يوسف عمر صابر رئيس التحرير و لا أدرى ماذا ينتظر .. هل ينتظر الإذعان، أو الشكر على الاستلاب و العدوان والاغتيال ؟؟ ما يحزنني حقا، و يستجلب الدموع، أكثر من تلك الفعلة غير المسئولة، هو هزيمتي أنا ككاتبة ظنت أنها تستطيع أن تضع نقطة بيضاء في قلب مجتمعات مُلئت ظلمة و عتمة.. و اعتقدت بحسن نية، ربما تقترب من البلاهة، أنها يمكن أن تساهم بالكلمة مع غيرها في التغيير للأفضل، في تحريك النفوس المعتمة لترى قبسا من النور.. لكني أقولها بشجاعة الاعتراف التي تصاحبها حسرة مريرة: مسعاي قد خاب سادتي.. و أملى قد وئد.. فيبدو أن ستائر الظلام المخيمة هي أكبر كثيرا من أحلامي الغضة المتفائلة.. لكنى أبدا، بالرغم من هذا، لن أفقد قناعتي، و لن اجعل لليأس سبيلا إلى قلبي المفعم.. فشفقتي عليهم، تفوق ما هم فيه.. ....... و إني و بكل الحب و التقدير و الاحترام الذي أحمله في قلبي لأحبائي السادة القراء الذين استقبلوا هذه المذكرات بكل الترحاب و الاهتمام و الشغف.. و كانوا معي دائما روحا سامية مشجعة و مؤازرة.. أعلن، و كلي أسف و حسرة، عن توقفي عن إكمال هذه الرواية.. و إذ أأسف لمن يتابع هذا العمل بحب، معتذرة لكل سيد منهم على حدة.. فإني لأرجو أن تتفهم تلك القلوب النقية الطاهرة موقفي الذي يأبى الاستمرار في مشاهدة جريمة تُرتكب أمام عينيه .. و هو صامت في ذهول، لا يحرك ساكنا.. وأسكِتت شهرزاد... مع خالص محبتي شهرزاد الرمحي..