يلعب مسؤولو كرة القدم في المغرب مع نظرائهم في الدول الأوروبية لعبة شطرنج تتراوح بين كر وفر، وذلك في سباق على اقتناص النجوم الصاعدين ذوي الجنسيات المزدوجة، المنحدرين من أصول مغربية لتعزيز صفوف المنتخبات القومية. وإن كان أسود الأطلس قد خسروا العديد من المواهب، من أبناء المهاجرين المغاربة المقيمين بأوروبا الذين اختاروا اللعب لمنتخبات أوروبية، فإن الجهاز الفني في المملكة أبدى في السنوات الأخيرة اهتماما متزايدا بإقناع اللاعبين الواعدين الموزعين على مختلف بطولات الدوري في أوروبا، بتلبية نداء القلب والهوية في مواجهة الإغراءات العديدة التي يضمنها اللعب لمنتخبات أوروبية تتمتع بإمكانيات ضخمة. ويعد مروان الشماخ، نجم أرسنال الإنجليزي واحدا من الأوراق الرابحة التي صبت في مصلحة المنتخب المغربي، في وقت كان اللاعب الواعد آنذاك قد حصل على دعوة للالتحاق بالمنتخب الفرنسي للشباب، دون سن 23، لكونه يحمل الجنسيتين المغربية والفرنسية. وشهدت الأيام الأخيرة جولات محتدمة من هذا الصراع الكروي المغربي الأوروبي، بعد تعيين البلجيكي اريك غيريتس مدربا لأسود الأطس، حيث بادر الأخير إلى ربط الاتصال بعدد من لاعبي الدوري الفرنسي والبلجيكي لتعزيز صفوف منتخب بلدهم الأصلي الذي يحاول تجاوز حالة التراجع غير المسبوقة في مردوده على الصعيد القاري والدولي. وقبل أيام فقط، صرح يوسف العربي، لاعب خط وسط فريق "كان" الفرنسي لصحيفة "ليكيب" الرياضية المتخصصة أنه يفضل اللعب للمنتخب المغربي. وقال يوسف العربي، الذي برز بشكل لافت في بداية الدوري الفرنسي وسجل أول أهداف فريقه في الدورة الأولى ضد حامل اللقب "أولمبيك مارسيليا": "إن كان علي الاختيار، فسأفضل اللعب للمغرب. سأختار جذوري." وبعد أخذ ورد، يبدو أن لاعب فريق ستاندار لييج البلجيكي، مهدي كارسيلا (19 عاما) اختار هو الآخر الانضمام إلى المنتخب المغربي، مع أنه يحمل أيضا الجنسية البلجيكية. وكان مدرب المنتخب البلجيكي قد أدرج اسم مهدي كارسيلا في لائحة لاعبي المنتخب الذين سيواجهون ألمانيا ثم تركيا ضمن تصفيات كأس أوروبا للأمم، غير أن الصحافة البلجيكية تؤكد أن اللاعب اختار سلفا فريق "القلب"، أي المغرب. وحملت صحيفة "سود بريس" البلجيكية مسؤولية خسارة كارسيلا للاتحاد البلجيكي الذي لم يوجه الدعوة مبكرا للاعب المتميز الذي خطفه غيريتس من المنتخب الذي لعب له سنوات طويلا. في المقابل، لم يتمكن الاتحاد المغربي من الاستعانة بخدمات عدد آخر من اللاعبين ذوي الأصول المغربية الذين فضلوا حمل قمصان منتخبات أوروبية. ولعل أبرز الأمثلة على ذلك سجل لدى اللاعبين الحاملين للجنسية الهولندية، وفي مقدمتهم خالد بولحروز وإبراهيم أفلاي، اللذين كانا ضمن المنتخب الهولندي المشارك في نهائيات كأس العالم الأخيرة بجنوب إفريقيا.