يبدو أن أزمة النقل الخانقة التي تعصف بالمواطنين في مدن الرباط وسلا وتمارة ستطول أكثر من اللازم بعد "عجز" المسؤولين عن إيجاد حل لها منذ أن بدأت قبل أكثر من 3 أشهر. فقد هدد حوالي 1300 موظف في شركة ستاريو التي فوض لها تدبير هذا القطاع الحيوي بخوض إضراب إلى أجل غير مسمى حتى تقتنع الشركة بإدارتها الفرنسية بتطبيق بنود الاتفاق الذي وقعت عليه يوم 26 أكتوبر 2009 والقاضي بتمتيع المستخدمين بحقوقهم كاملة غير منقوصة ومنها حق الأقدمية. فالشركة التي حظيت بدعم كبار المسؤولين في العاصمة وعوض أن تلتزم بالاتفاق عملت على طرد مئات العمل وتوقيف عدد آخر منهم، مفضلة توظيف مستخدمين جددا حتى لا تكلف نفسها عناء صرف تعويضات الأقدمية والحقوق المادية القانونية للمستخدمين السابقين الذين قضى الكثير منهم حوالي عشرين عاما داخل شركات النقل الحضري التي اندمجت في الشركة الجديدة. بروتوكول أكتوبر الماضي التزمت فيه "ستاريو" بإدماج 825 عاملا هم نقطة الخلاف الرئيسية بين الإدارة والنقابات، إلى جانب صرف مبلغ قدره 2000 درهم لمدة 6 أشهر لكل العمال الذين أكدت الشركة أنها لن تستطيع دمجهم لعدم وجود فرص تشغيل. الإشكال تطور عند الأسر التي أصابها الغم بسبب توقف رب العائلة عن العمل تسبب في حدوث وفيات، حيث أكد مجموعة من العمال في حديث مع "مرايا برس" أن أوضاع المعيشية وصلت إلى الحضيض حيث كان الراتب على تواضعه (أقل من 2000) هو مصدر رزقهم الوحيد ومع توقفه توقف كل شيء "فكيف نستطيع توفير مصاريف الأكل والعلاج والدراسة لنا ولأبنائنا؟ أوضاعنا الاجتماعية خطيرة جدا واليأس وحالات الاكتئاب صارت هي الخاصية الرئيسية لحياتنا". ويستعد العمال لتوجيه رسالة إلى جلالة ملك البلاد محمد السادس يأملون فيه تدخله لوضع حد لهذه المعضلة المؤرقة المستمرة منذ شهور.ولم تتوقف التأثيرات السلبية لأزمة النقل عند حدود مستخدمي القطاع، بل وصلت إلى موظفي القطاع العام والجماعات المحلية الذين استنزف الخطافة وعصابات النقل السري جيوبهم بفرض إتاوات لنقلهم إلى مقرات عملهم. وأعلنت النقابات أنها ستنظم يوم 11 فبراير 2010 بالرباط وسلا وتمارة إضرابا إنذاريا غرضه التنبيه إلى استفحال أزمة النقل الحضري وسط العاصمة التي كان مرشحا لها أن تحتضن نهائيات كأس العالم التي ستنطلق السنة الجارية بجنوب إفريقيا.