من حق أفراد الأمة أن يتساءلوا عن تخلف العلماء-إلا من عافاهم الله- عن أداء واجبهم في التربية والتعليم والنصح والتنظيم والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أو قل باختصار: واجب بناء الأمة وقيادتها. ومن حقنا أن نتساءل حائرين مستفسرين: أين أنتم سادتنا العلماء في قضايا الأمة المصيرية الكبرى قبل السؤال عن حضوركم في قلب الماجريات التفصيلية اليومية؟ أين أنتم من مخالطة الناس والصبر على معالجة أدوائهم؟ أين أنتم في الدساتير والمناهج والبرامج والمؤسسات؟ أين أنتم في اللقاءات التي تحدد مصير الأمم؟ أين أنتم في الرباطات القرآنية والاعتكافات التربوية وحِلَقِ الذِّكر؟ أين أنتم في مؤسسات الاقتصاد ومشاريع التنمية وأوكار الإعلام؟ أين تكوينكم وبياناتكم و أموالكم وسلطانكم؟ أين أنتم في دور الشباب والطلاب؟ أين توجهت أقلامكم؟ أين موقفكم من ظلم الحكام وتهميش الأمة؟ ماذا عملتم لإصلاح أوضاعنا التربوية والفكرية والثقافية والسياسية وغيرها؟ ما موقفكم علماءنا من تشتت الأمة طوائف وأقطار؟ وما رأيكم من ظُلم الظالمين واعتداء المعتدين واحتلال المحتلين؟ أين وقوفكم في وجه من ظلم واعتدى واضطهد واستبد؟ ما موقفكم وما منهاجكم وما إنجازكم في قضية الساعة: احتلال فلسطين وتشريد أهلها؟ هلا توبة إلى الله، وإلى منهاجه القرآني النبوي؟ هلا نهضتم للعمل والإنجاز والتدافع عوض التسلي بمبررات القعود والجمود والانحطاط؟ قلوب الأمة بشبابها وشيبِها معكم، فهلا قمتم لنصرة دينكم قومة رجلٍ واحد لا يخاف في الله لومة لائم؟ أم تراكم في انتظار قدوم "الأجانب" عن ملتنا كي يصلحوا لنا نظامنا التربوي و"يصلحوا لنا شأننا الديني"؟ وهل يحتاج المغرب مثلا لأمثال الأمريكي "كامبيز كانيباسيري" ليتربع في مدرسة دار الحديث الحسنية من أجل "إصلاح" شؤوننا الدينية؟ أين حرصكم على وحدة الأمة؟ أين مشروعكم؟ ما ذا أنجزتم في الميدان؟ ماذا تُعدون للمستقبل؟ ومن أين تُستمد شرعية الحكم في الإسلام في نظركم؟ أم تراكم رضيتم بذُل الواقع وظلم السلطان؟ علماءنا الأفاضل: إذا كنتم تخافون الناس في الله ولا تخافون الله في الناس فماذا يقول غيركم؟ وهل يقال الحق للضعيف دون القوي، وللفقير دون الغني، وللمحكوم دون الحاكم؟ أهكذا هو دين الإسلام؟ أم هو {اصدع بما تؤمر} و{بلغ ما أُنزل إليك من ربك} و{الله يعصمك من الناس}؟ أين صوتكم وعهدكم وإنجازكم لتوحيد طوائف الأمة وجمع أطرافها والذود عن الشرعة والمنهاج؟ أين الجهاد والاجتهاد؟ أين السنة والجماعة؟ كيف تتحقق إمامة الأمة للعالمين ونحن رقابنا لم تُفك بعد من أصر التبعية والانقياد؟ يا علماءنا الأفاضل لا تستقيلوا من وظيفتكم النبوية الجامعة ولا تُسهموا -عن وعي أو عن غير وعي- في تثبيت المحذور: "افتراق السلطان عن القرآن" وتوظيف السلطانِ للقرآن شر توظيف. كلمتكم جهاد من الجهاد، بل أفضل الجهاد. أوليس أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر كما تعلمون؟ هلا شجاعة! أليس من أخلاق العلماء الشجاعة في قول الحق والثبات عليه؟ قف دون رأيك في الحياة مجاهدا إن الحياة عقيدة وجهاد ! [email protected]