كثيرا ما يحير المرء في فهم عظيم من الاشياء ولا يدري ماذا ينبغي ان يملك لكي يفهم ما يجري ويدور في هذا الوطن فحتى ولو أراد ان يلوم نفسه يوما عن معاتبة الماسكين بشأن البلاد وأن يخفف من وطئة النقد والسخط وان يغض طرفه عن كثير من الاعطاب والاخطاء والكوارث البشرية وأن يقرر الرحيل ودون رجعة إلى صف المناصرين والمبايعين والمباركين ,اصحاب العام زين, وأن يساهم في مزيد من تأكل صف الساخطين وتقويض صوتهم وان ينخرط في جيش مقاومة المسمون عند البعض بالمهوليين والمظللين .....حتى ولو أراد المرء أن يصدق مقولة الدولة مظلومة وأعدائها –زايدن فيه –كما يحلو للبعض قوله وان الماسكين ...الله يحسن عوانهم راهم بالغين مجهود لا يستهان به لإسعاد هذا الشعب حتى وإن اراد المرء أن يصدق الدولة في خطابها القائل بجسامة نفقاتها وما يقتضيه ذلك الأمر من خطوات نحو التقشف والتقرزيز وتجميد الاجور والحد من التسربات المالية المتجهة صوب الشق الاجتماعي –معتبرة ذلك هو سبب البلاء –وتحويل سبيلها نحو الاستثمار الذي أصبح أسطونة جديدة يرقص على إيقاعها الجميع باعتباره في نظر مالكي وسائل التدبير والتسيير والقيادة هو المسلك الوحيد والاوحد للخلاص من مستقبل يهدد البلاد لا نعلم حجم كارثيته ,فحتى ولو حاولنا أن نقدم على كل ما سبق ونكسر أقلام الفضح والتعرية وان نسكب حبر الصدق والحقيقة فإننا لن نقدر على ذلك لاعتبار واحد هو أننا لا نقبل الظلم والكذب على الشعب كما لايرق لنا بال بالصمت عليهما . قد نصدق أبواق الدولة في خطابهم القائل بثقل الانفاق وتعدده وضرورة الحد منه على حساب ماهو اجتماعي من اجل تحقيق النمو والاستقرار لو كنا لا نملك عقلا يبصر او لا ننتمي لهذا الوطن ونتابع يوما عن يوم ما يشهده متدحض كل الادعاءات التي لا ترى حلا في النهوض بوضع البلاد والعباد أن كان هذا هو الهدف فعلا إلا بمزيد من قص الميزانية الاجتماعية ,فشكوى الدولة من قصر اليد وقلة المال وثقل الدين سلاح لا يشهر إلا في وجوه الاصوات المحتجة على البطالة وانعدام الدخل وارتفاع الاسعار والضرائب والمطالبين بالمزيد من المدارس والمستشفيات ودور الشباب والثقافة والمسارح والداخليات وتعبيد الطرق وفك العزلة وتوفير السكن للجميع ....وجل المطالب التي من شأنها تخقيق تنمية بشرية مستدامة حقيقية وفعلية وبخلاف ذلك تبسط يدها لطالبي الاموال من أجل الشطيح والرديح وما يدخل في بابهما دون عناء أو كلل فالمهرجانات التي عمت البلاد من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى غربها في مدنها وقراها في أحيائها ومداشرها تنخر من ميزانية الدولة ملايير الدراهم التي بإمكانها ان تدفع البلاد نحو الامام وأن تمحو أثار الاعطاب في عدة مجالات ومن غريب الامور ان هذه المهرجانات التي لا نسمع لها حسا في برامج المرشحين ولا نشم لها رائحة في حملات الاحزاب لحة الانتخابات لا يخلف أصحابها مواعيد تنظيمها في كل موسم وخلال كل عام عكس الوعود التي يهرون بها ويقطونها على أنفسهم ,ملايير الدراهم تسفك يوميا من أجل الغناء لساعات او لنقل لدقائق معدودات مقابل أجور تماثل مدخول شريحة عريضة من المواطنيين الكدح ولسنوات عدة او مشاريع تساهم في الرقي بوضع البلاد . المهرجانات صارت وباء اصاب الجميع فالكل راغب في ذلك ومستعد له ومن أجله المهرجانات في هذا الوطن صارت تابثة لا تتأثر بالازمات المالية ولا بإرتفاع الاسعار ولا بالجفاف واعتماداتها المالية متجدرة في ميزانيات الجماعات قروية كانت او حضرية ولا تقبل التحويل في مجالس يتواجد بها مستشارون لا يميزون بين الحروف المؤلفة لكلمة مهرجان لا يفرقون بين الالف والزرواطة والذين ما احوجهم لمهرجانات للقرأة والكتابة والتوعية وبخلاف منطق ودواعي البهجة والفرح والاسترخاءو الترويح المتعارف عليها والتي تشكل كنه ما اصبح يصطلح عليه مهرجانات فإن الحكومة والبرلمان والمجالس والادارات مبتهجة ومستعدة للابتهاج والرقص وبشكل دائم رغم ضعف الانجازات ان لم نقل انعدامها وسوء الحصيلة وكارثية الوضع فقد لايهم الوفاء باحداث مؤسسة تربوية او صحية او اجتماعية ...لكن لا يقبل البثة ان يمر العام في هذا الوطن دون مهرجان وبشعارات غليظة يكشف الواقع زيفها وحين نتسأل عن شرعية تلك التظاهرات والاموال المهدورة في سبيلها واحقية المنتفعين بها يسارع المتحدث باسم الحكومة بتلاوة الحديث الحكومي السخيف قائلا تلك الاموال صدقات من المجالس والصناديق للمطربين والمطربات والراقصين والراقصات والممتلئة أردفهن والمطربة قلوبهم والعاريات مؤخراتهن والناهدات صدورهن والعاملات عليها والمدوخين للشعب والمدوخات والمهللات بحياة الوزراء والمهللين بحياة الوزيرات ..., هل نحن فعلا في حاجة الى هده المهرجانات وبهذا الحجم المخزي وبتلك الاهداف الخفية لا الشعارات المعلنة هل اتممنا كل ما علينا لنحتفي كما يقتضي منطق الفرح والفيجط هل بطون المغاربة ممتلئة لكي تشير لرأسها بالغناء كيف يحلو لوطن يرقص ونصفه مشلول بالامية والفقر والبطالة والامراض والقهر والاستغلال ؟ بالتأكيد لا اننا مازلنا في حاجة الى مهرجانات للتعليم والتكوين والتطبيب والتشغيل والتحرر من رواسب الماضي ومعيقات النهوض تلك هي المهرجانات الحقيقية التي نحن في أمس الحاجة إليها ولا ينبغي ان نخطأ تواريخها ومواعيدها وليست مهرجانات لي البطون والمؤخرات التي صار الوطن مسرحا لها غارقا في أوحالها من رأسه حتى اخمص قدميه اننا في حاجة الى عودة مهرجانات ضلت ولعقود من الزمن تعقد لتوعية الشعب واستنهاضه وتحريضه من اجل مواجهة الظلم والاستبداد والقمع والمطالبة بالحقوق والحريات مهرجانات للفضح والتعرية على عيوب التسيير والتدبير والتخلف لا مهرجانات تجعل من همها التستر على الواقع وتوهيم الراي العام بأشياء لم نرق الى مستواها بعد غايتها الكبرى التغطية وعلى الفشل الذي اصاب عجلة البلاد واوقعها في براثين المطبات الاجتماعية والسيايسة والثقافية والاقتصادية .