في كتابها " العابرة المكسورة الجناح: شهرزاد ترحل إلى الغرب " تناقش الباحثة المغربية المعروفة فاطمة المرنيسي فكرة أن شهرزاد " القصاصة " التي روت لشهريار حكاياتها الألف وأنقذت نفسها وبنات جنسها من القتل ، قد عبرت بهذه الحيلة عن ذكائها المفرط وقدرتها الاستثنائية على استخدام عقلها في محاورة الرجل والحد من طغيانه الذكوري . كما أن المرنيسي المنبهرة بهذه المرأة القوية ، لا تجدها قد مثلت نفسها وحسب وإنما هي قد عبرت عن ذكاء المرأة الشرقية بشكل عام . وكتب ميسلون هادي بصحيفة " الزمان " اللندنية أن المرنيسي تتبع في البداية أثر حكايات ألف ليلة وليلة كيف نشأت وكيف انتقلت إلي الغرب ومتى نشرت باللغة العربية لأول مرة ولماذا بقيت تقليدا شفوياً لعدة قرون ولم تنتقل إلي المكتوب إلا في بداية القرن التاسع عشر علي يد ناشر هندي مسلم يدعي " الشيخ الشرواني" عام 1814 لتصدر بعد ذلك بعشرين سنة النسخة المصرية التي طبعت بالعربية لأول مرة في بولاق بالقاهرة عام 1834 ، وهي تكاد تكون أشهر طبعات الحكايات الصادرة منذ ذلك الحين . أما رحلة شهرزاد إلي الغرب فبدأت علي يد " أنطوان كالان " الذي كان أول من ترجم حكايات ألف ليلة وليلة إلي الفرنسية عام 1704 وقد تم نشر إثني عشر مجلدا من ترجماته التي أولع بها حد الهوس، وعندما عبرت شهرزاد إلي الغرب تجاهل الغربيون عقلها وجردوها من ذكائها وانتبهوا فقط إلي لغة الجسد في حكاياتها بشكل تقول عنه الباحثة إنه باعث على الوحشة والاستغراب. تعقد المرنيسي – بحسب صحيفة " الزمان " - دراسة مقارنة بين الصورة الشرقية لشهرزاد وبين الصورة الغربية عنها ، متوصلة إلي أن إظهار المرأة لذكائها هو جريمة في نظر كثيرين من رجال الغرب كما فعل " إدجار الآن بو " عندما قتل شهرزاد في نهاية قصة له كما أنها كانت يجب أن تتنازل عن ذكائها وتحجب عقلها إذا شاءت إغراء الرجل أو الفوز بأنوثتها أي أن الفلاسفة الغربيين مثل (كانت) كانوا يحلمون بنساء جاهلات خلال عصر الأنوار في أوروبا، في حين كان المستبدون في الشرق كهارون الرشيد يبحثون عن الجواري العالمات أو الشاعرات خلال العصور الوسطي. توصلت الباحثة في كتابها إلى وجود "حريم" في ذهن الرجل الغربي أكثر استبدادية من "حريم" الشرق كونه لا يستعمل الحجاب وسيلة للإفصاح عن نفسه وإنما وسائل أخرى أكثر خفاء وقمعاً وتسلطية .