لم يكن المغاربة بحاجة إلى انتظار بلاغ الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ليعلموا أن مدرب منتخبهم الوطني الجديد هو البلجيكي إريك غيريتس . فالرجل سرب الخبر للصحف البلجيكية قبل أسابيع معلنا أن أجره الشهري يصل إلى250 ألفيورو إضافة إلى تعويضات أخرى لم يكشف عن تفاصيلها ، كان من المتوقع حسب البعض ، ومن المفروض حسب البعض الآخر، أن يعلن عنها بيان الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم . لكن ما فتح النقاش داخليا أن بيان الجامعة جاء مقتضبا دون تفاصيل تذكر، وهو ما رآه البعض هروبا للمسؤولين المغاربة من نقاش ساخن سيثار إذا ما تم الكشف عن قيمة العقد وما يرتبط به من امتيازات. فالبيان الذي نشرته الجامعة في موقعها الرسمي اكتفى بنشر خبر التعيين والمهمة المسنودة للمدرب الجديد وتحديد اسم مساعده وهو المدرب دومنيك كوبرلي ، دون أن يتطرق إلى تفاصيل العقد في جانبه المالي . وهذا الجانب بالضبط هو الذي أثار انتقادات شديدة في الشارع المغربي قبل خبر التعيين الرسمي . وما يرفع من قيمة العقد هو أن الجامعة ملزمة بدفع الشرط الجزائي الذي تصل قيمته إلى أكثر من مليون دولار لفائدة نادي الهلال السعودي مقابل فسخ عقده مع المدرب غيريتس. ترشيد النفقات هذه الأرقام التي يراها البعض صادمة ، دفعت الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب – وهي منظمة حقوقية مستقلة - إلى اعتبار استقدام غيريتس بهذا المبلغ " تبذيرا للمال العام ". ورأى رئيس الهيئة محمد طارق السباعي في تصريح للجزيرة نت أن استفادة مدرب أجنبي من هذا المبلغ يمثل هدرا لا مبرر له و" تضييعا " للاستثمار الداخلي . وطالب السباعي بمراقبة مالية الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لمعرفة أوجه الخلل فيها ، داعيا إلى ترشيد النفقات بدل " تبذير أموال الشعب " . عقدة الأجنبي وعلاوة على الانتقادات المرتبطة بالقيمة المادية للعقد ، وجه البعض انتقادات أخرى للمسؤولين على كرة القدم مرتبطة باختيار مدرب أجنبي في وقت تتعدد فيه أسماء مدربين مغاربة ، يشرفون على فرق محلية وأخرى أجنبية ، قادرين على تدريب المنتخب المغربي . ويرى أصحاب هذا الرأي أن من بين أفضل النتائج التي حققها المنتخب المغربي في العقد الأخير كانت على يد المدرب المغربي بادو الزاكي الذي قاد أسود الأطلس للتأهل إلى نهاية كأس أفريقيا للأمم في تونس 2004. وفي علاقة بهذا التوجه ، أطلقت في السابق حملة شعبية واسعة على الموقع الاجتماعي فايسبوك للمطالبة بإعادة تعيين الزاكي - الحارس الدولي السابق - مدربا للمنتخب المغربي وصل صداها للبرلمان ، لكن سرعان ما تم تجاهل هذه المطالب بسبب ما يقال إنه " توتر " يشوب علاقة الزاكي مع جهات نافذة في الجامعة المغربية لكرة القدم. هذا التوتر أكده رئيس تحرير جريدة النخبة الرياضية المتخصصة محمد الناجي ، الذي أشار إلى وجود ما سماه ب" لوبي" داخل الجامعة قام بإقصاء بادو الزاكي الذي يملك إمكانيات " تصحيح الوضع " ، معتبرا أن الإصرار على اختيار المدرب البلجيكي يعبر عن وجود " عقدة الأجنبي" عند المسؤولين على قطاع كرة القدم المغربية . وأضاف الناجي في تصريح للجزيرة نت، أن الجامعة الملكية لم تملك الشجاعة لمواجهة الرأي العام ونشر جميع تفاصيل العقد مع المدرب الجديد ، لأنها تدرك - حسب رأيه - أنها تقف ضد إرادة الشعب المغربي ، مستنكرا في نفس الوقت عدم التزام الجامعة بالإعلان عن اسم المدرب في شهر يونيو كما أعلن رئيسها في وقت سابق . مشكلة هيكلية وفيما يخص مستقبل المنتخب المغربي مع المدرب الجديد ، استبعد الناجي أن يحقق إريك غيريتس أي نتائج إيجابية لأنه - حسب رأيه - لا يملك عصا سحرية تعيد الروح لكرة القدم المغربية ، معتبرا أن مشكلة قطاع كرة القدم " هيكلية " وليست مشكلة مدرب فقط . وفي المقابل ،قال اللاعب الدولي السابق في المنتخب المغربي محمد التيمومي في تصريح للجزيرة نت إنه لا يرى مانعا في التعاقد مع المدرب الأجنبي بغض النظر عن تفاصيل العقد رغم أنه يفضل التعاقد مع مدرب وطني . وبحسب وجهة نظر التيمومي ، وهو أحد نجوم المنتخب المغربي الذي تأهل إلى ثمن منافسات كأس العالم في مكسيكو عام 1986 ، فإن المدرب الذي يجب أن يتم التعاقد معه هو المدرب الكفء الذي يستطيع أن يعيد أسود الأطلس إلى صدارة المنتخبات قاريا ودوليا ، ويساعد في تأهله إلى كأسي أفريقيا والعالم بغض النظر عن جنسيته . يشار إلى أن مدرب المنتخب المغربي الجديد البلجيكي إريك غيريتسدرب سابقانادي الهلال السعودي وقاده للفوز بلقب الدوري المحلي وكأس ولي العهد .