برحيله تكون الساحة الفنية الوطنية قد خسرت واحدا من أهم النقاد السينمائيين في المغرب.. عزاؤنا واحد في رحيل الصحفي والناقد الفني نور الدين كشطي فقدنا فيك الزميل والصديق الذي لا يعوض انتقل الزميل الصحافي والناقد السينمائي نور الدين كشطي إلى دار البقاء، يوم الأحد الماضي، في حادثة سير وقعت على الطريق السيار الرابط بين القنيطرة وطنجة، لما كان عائدا من مدينة مارتيل بعد مشاركته في مهرجانها السينمائي رفقة الفنانة هدى صدقي وزوجها والمخرج يونس الركاب، الذين نجوا من الحادث بعد أن أصيبوا بجروح ورضوض متفاوتة، نور الدين كشطي، وهو من مواليد 1965 ببركان وأب لطفلين، في عدد من المهرجانات واللقاءات السينمائية الوطنية والدولية.. برحيله تكون الساحة الفنية الوطنية قد خسرت واحدا من أهم النقاد الفنيين في المغرب، ووجها بارزا للحركة السينمائية، والفقيد كان مناضلا يساريا في منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، قبل أن تندمج في إطار ما سيسمى لاحقا بالحزب الاشتراكي الموحد، إلى جانب تيارات اليسار الجديد المعروفة وتيار الوفاء للديمقراطية المنسحب من الاتحاد الاشتراكي، عقب مؤتمر مكتب الصرف. وخلال الفترة الذهبية للأندية السينمائية التي كان نور الدين كشطي أحد ابرز وجوهها. وكانت الدورة 11 لمهرجان سيدي قاسم التي نظمت فعاليتها بين 15 و19 أبريل الماضي، كرمت الراحل نور الدين كشطي رفقة الفنانة السعدية لاديب، وسجل الفقيد حضوره المتميز بكتاباته النقدية والصحافية المتنوعة من خلال أكثر من 100 مادة منشورة باللغة العربية والفرنسية، عبر العديد من المنابر الإعلامية المكتوبة، بدءا بجريدة "أنوال" التي كانت ناطقة بلسان الرفاق حزب منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، وجريدة "بيان اليوم" وغيرها كثير... ووصولا إلى المجلة السينمائية الفصلية الصادرة بالفرنسية من الدارالبيضاء "سيني ماغ"، التي كان يتولى في إدارتها مهمة سكرتير التحرير. تربى كشطي في أحضان الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب، إبان عصرها الذهبي في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، حيث ساهم بدوره في الدفع بحركة الأندية السينمائية الثقافية إلى الأمام عبر تأطيره وتنشيطه لعروض ومناقشة الأفلام، خصوصا داخل نادي السينما الجديدةبالدارالبيضاء وعبر تأسيسه للجمعية الثقافية "دار الوصل" بحي عين السبع، وعندما تراجعت هذه الحركة بشكل ملحوظ في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات من الألفية الثانية، ساهم الراحل إلى جانب فعاليات أخرى في تأسيس "اتحاد نقاد السينما بالمغرب". كما عرف عن الراحل مشاركته في تنشيط العديد من الندوات وجلسات مناقشة الأفلام، وفي لجن تحكيم المهرجانات والملتقيات السينمائية المقامة بمختلف المدن المغربية، إضافة إلى ممارسته للنقد والصحافة السينمائيين، اشتغل كشطي مساعدا في الإخراج السينمائي والتلفزيوني إلى جانب مخرجين مغاربة، أمثال جمال بلمجدوب في فيلمه "لعبة القدر" وعبد الحي العراقي في فيلمه "منى صابر" وعادل الفاضلي في فيلميه التلفزيونين "المهمة" و"الدم المغذور"، وعلي الصافي في فيلمه الوثائقي "دموع الشيخات" واحمد بولان في فيلمه السينمائي "ملائكة الشيطان"، كما عمل ملحقا صحافيا ومسؤولا عن الترويج الإعلامي لأفلام، منها "حجاب الحب" لعزيز السالمي، "الدار لكبيرة" للطيف لحلو، "شمس الليل" لعبد الرحيم مجد... زيادة على إلقائه دروسا في السمعي البصري بمدرسة الفنون الجميلة بالدارالبيضاء منذ شتنبر 2000. كان آخر لقاء لي بالمرحوم الصديق نور الدين كشطي وأنا خارج على التو من مقر القناة الثانية ليلا، بعد أن أنجزت ربوطاجا عن البرايم النهائي من الدورة السابعة من برنامج أستوديو دوزيم بعين السبع حيث يسكن الراحل، وهو يركن سيارته بموقف السيارات المحروسة، وسألني عن وجودي، فأخبرته بمهمتي الصحفية، وأثناء الحديث نبهني كشطي مازحا عن هفوة كنت ارتكبتها في المقال الذي نشرته بمجلة كنال أوجوردوي عن تكريمه في مهرجان سيدي قاسم، حيث كتبت سيدي قاسم تكرم ابنها البار نور الدين كشطي، دون قصد، فقال لي مصححا ومداعبا: أنا ماشي ولد سيدي قاسم.فرحمة الله عليك، والصبر والسلوان لأبنيك، ولذويك وأهلك، لأسرتك الصغيرة وأسرتك الكبيرة، لقد افتقدك المشهد الإعلامي الوطني والحقل السينمائي والنقد الفني وافتقدك أصدقاؤك وزملاؤك، لكنها مشيئة الله ولا راد لقضاء الله، رحمة الله الواسعة ترعى روحك الطاهرة صديقي نور الدين، وإنا لله وإنا إليه راجعون.